🔵 بث مباشر : القابلا اليهودية وعلاقتها بالطاقة والتأملات والوعي ( مشاركات الضيوف )

في السنوات الأخيرة، انتشر الحديث عن القابالا (الكابالا) اليهودية وارتباطها بمفاهيم الطاقة، التأمل، والوعي، خاصة في الأوساط المهتمة بالتنمية الذاتية وا

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
7 دقائق

القابالا اليهودية: علاقتها بالطاقة، التأملات، والوعي – قراءة نقدية

في السنوات الأخيرة، انتشر الحديث عن القابالا (الكابالا) اليهودية وارتباطها بمفاهيم الطاقة، التأمل، والوعي، خاصة في الأوساط المهتمة بالتنمية الذاتية والروحانيات. في هذا المقال، نستعرض أبرز الأفكار والنقاشات التي دارت في لقاء على قناة "سحر اليوغا والطاقة"، مع تحليل نقدي لهذه المفاهيم ومخاطرها على الفكر والعقيدة.

ما هي القابالا؟

القابالا هي منظومة فكرية باطنية نشأت في الأوساط اليهودية، وتُعنى بتفسير الكون والوجود والروح من منظور رمزي وغامض. تعتمد القابالا على رموز مثل "شجرة الحياة" (سيفيروت) والعوالم الروحية الأربعة، وتربط بين الإنسان والطبيعة والكون من خلال مفاهيم الطاقة والتجليات الروحية.

القابالا في الثقافة الشعبية

أشار بعض المشاركين في اللقاء إلى أن مفاهيم القابالا بدأت تتسرب إلى الوعي الجمعي منذ الطفولة، عبر الرسوم المتحركة والأفلام، حيث يتم تكرار أسماء آلهة وأفكار وثنية بطريقة غير مباشرة. هذا التسريب يهدف إلى جعل هذه المفاهيم مألوفة وقابلة للتقبل من الصغر، ما يستدعي انتباه الآباء والمربين لمحتوى ما يشاهده الأبناء.

شجرة الحياة والسيفيروت: الطاقة من الأسفل إلى الأعلى

من أبرز رموز القابالا "شجرة الحياة"، التي تتكون من عشر سيفيروت (تجليات أو مراكز طاقة). بحسب القابالا، يبدأ تدفق الطاقة من الأسفل (العالم المادي) إلى الأعلى (العالم الإلهي)، في رحلة صعود روحي يُقال إنها تفعّل الطاقات الكامنة في الإنسان، خاصة طاقة "الكندليني" المرتبطة بجذر الجسد.

هذه الأفكار تتقاطع مع ممارسات الطاقة الشرقية، مثل الشاكرات في الهندوسية، لكنها تختلف عنها في التفاصيل والرمزية. ويُلاحظ أن القابالا تخلط بين مفاهيم متناقضة، وتدعو أحيانًا إلى تفعيل طاقات التسامح، وأحيانًا إلى محو الذات (الأنا)، ما يسبب ارتباكًا نفسيًا وفكريًا لدى الممارسين.

العوالم الروحية الأربعة وعلاقتها بالسيفيروت

تتحدث القابالا عن أربعة عوالم روحية، لكل منها تجليات ضمن شجرة الحياة. يُقال إن الإنسان يرتقي من عالم إلى آخر عبر تفعيل السيفيروت، وأن كل عالم يحتوي على تجليات مختلفة. هذه التقسيمات المعقدة تُشبه إلى حد كبير تقسيمات الروح والنفس في الفلسفات الغنوصية القديمة، وتؤدي في النهاية إلى مفاهيم باطنية شديدة التعقيد، غالبًا ما تبتعد عن المنطق والعقل.

الطاقة: مصطلح مستحدث أم مفهوم أصيل؟

لفتت الأستاذة ندى إلى أن مفهوم "الطاقة" كما يُتداول اليوم هو مصطلح حديث نسبيًا، دخل إلى الفكر الروحي في القرن التاسع عشر مع حركة "الثيوصوفيا" ثم انتشر مع "العصر الجديد". قبل ذلك، كانت تُستخدم مصطلحات مثل "القوة الخارقة"، "قوة الحياة"، أو "النفس الساحرة". حتى في التصوف الإسلامي، لم يكن يُستخدم لفظ "الطاقة" بهذا المعنى، بل كانت هناك إشارات إلى "النور الإلهي" أو "التجلي".

القابالا بين الأصول البابلية والهندية

هناك جدل بين الباحثين حول أصول القابالا: هل هي أقدم من الهندوسية أم العكس؟ يشير بعض المؤرخين إلى أن القابالا ظهرت بشكلها المدون في القرون الوسطى، لكنها استمدت كثيرًا من أفكارها من حضارات أقدم كالبابلية والمصرية والهندية. ويُلاحظ أن هناك تداخلًا كبيرًا بين الغنوصية اليهودية والهندية، خاصة في تقسيمات النفس والروح ومفاهيم الطاقة.

خطورة تقسيمات النفس والروح

من أخطر ما جاءت به القابالا والغنوصية هو تقسيم الإنسان إلى طبقات متعددة: الجسد المادي، الجسد الأثيري، الجسد النجمي (العقلي/العاطفي)، والروح العليا (الأنا العليا). هذه التقسيمات ليست جزءًا من العقيدة الإسلامية أو حتى من الفطرة السليمة، بل هي مدخل لأفكار باطنية معقدة قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية وروحية، وتفتح الباب أمام الخرافات والانحرافات.

أسطورة التحكم بالغير والطاقة السحرية

ناقش أحد الضيوف فكرة "التحكم بالغير" عبر الطاقة أو الكائنات الخفية (كالجن)، وأكدت الأستاذة ندى أن هذه الأفكار مبالغ فيها إلى حد كبير، وغالبًا ما يتم تهويلها في الأفلام والقصص الشعبية. في الواقع، الإنسان محصّن بفطرته، ولا يمكن لأي قوة خفية أن تسيطر عليه بشكل مطلق، إلا في حالات فردية نادرة وضعيفة، وكل شيء يجري بمشيئة الله وتقديره.

الإعلام والسيطرة الناعمة على الوعي

من أخطر أدوات التأثير في العصر الحديث هو الإعلام والتعليم، حيث يتم ضخ كميات هائلة من المعلومات والأفكار المتناقضة لخلق حالة من التشويش الذهني، تجعل الفرد عاجزًا عن التمييز بين الحق والباطل. هذه "القوة الناعمة" هي الوسيلة الأنجع للسيطرة على العقول، وليس السحر أو القوى الخارقة كما يُروج في بعض المدارس الروحانية.

نقد جذري لمفاهيم التوازن بين الذكورة والأنوثة

من المفاهيم الشائعة في القابالا والهندوسية فكرة "طاقتي الذكورة والأنوثة" (الين واليانج)، والدعوة إلى تحقيق التوازن بينهما عبر ممارسات روحية معقدة. أكدت الأستاذة ندى أن هذه الأفكار لا أصل لها في القرآن أو السنة، بل هي مستوردة من الديانات الوثنية، وتفتح الباب أمام الانحرافات الفطرية والسلوكية، بل وتؤدي أحيانًا إلى الإلحاد الروحي دون أن يشعر الإنسان بذلك.

الإسلام وتكريم الإنسان

ذكّر بعض المشاركين بأن الإسلام كرّم الإنسان جسدًا وروحًا، ورفض فكرة إهانة الجسد أو إهماله بحجة السمو الروحي. في الإسلام، هناك توازن بين متطلبات الروح والجسد، وبين الدنيا والآخرة. وأي دعوة لإهمال أحد الجانبين أو تقسيم الإنسان إلى طبقات غامضة هي دعوة باطلة تخالف الفطرة والدين.

خلاصة: كيف نحمي وعينا؟

  • التحقق من مصادر المعرفة:لا تقبل أي فكرة أو ممارسة روحية دون الرجوع إلى مصادرها الأصلية وفحصها نقديًا.
  • الوعي بخطورة الخرافات:كثير من الأفكار المنتشرة اليوم حول الطاقة والوعي هي خرافات مغلفة بمصطلحات علمية زائفة.
  • التمسك بالتوازن الإسلامي:الإسلام يحقق التوازن الحقيقي بين الجسد والروح، دون تعقيدات باطنية أو طقوس غامضة.
  • الحذر من الإعلام الموجه:انتبه لما يُضخ عبر الإعلام من أفكار ومفاهيم قد تبدو بريئة لكنها تحمل في طياتها تغييرات جذرية في العقيدة والفكر.

كلمة أخيرة

إن القابالا وغيرها من المدارس الباطنية قد تبدو جذابة للبعض، خاصة في زمن البحث عن الروحانيات والمعنى، لكنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على النفس والعقل والدين. التمسك بالمنهج الحق، والتحقق من كل فكرة قبل تبنيها، هو السبيل للنجاة في زمن كثرت فيه الفتن والأفكار الدخيلة.

"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا"(المائدة: 3)

إعداد: فريق قناة سحر اليوغا والطاقة – بتصرف وتحرير تعليمي

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك