🔵 بث مباشر منتدى نور الحقيقة : التوحيد نقاء وشفاء ، مع الأستاذة / أمل با حطاب ( الحلقة الثانية )
بقلم: أمل باحطاب منتدى نور الحقيقة – الحلقة الثانية قناة سحر اليوغا والطاقة في كل رمضان تتجدد النفحات الإيمانية، ونسمو بأرواحنا في رحاب الطاعة والت
التوحيد نقاء وشفاء: فهم القضاء والقدر في ضوء العقيدة الإسلامية
بقلم: أمل باحطابمنتدى نور الحقيقة – الحلقة الثانيةقناة سحر اليوغا والطاقة
مقدمة
في كل رمضان تتجدد النفحات الإيمانية، ونسمو بأرواحنا في رحاب الطاعة والتقوى. من أعظم ما يرتقي به الإنسان في هذا الشهر الكريم هو تعميق فهمه لأصول العقيدة، وعلى رأسها التوحيد، الذي هو النقاء والشفاء للقلوب والعقول. في هذه المقالة، نستعرض معًا خلاصة حلقة "منتدى نور الحقيقة" حول موضوع التوحيد، مع التركيز على مسألة القضاء والقدر، كما شرحها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ونتناول كيف يمكننا ترسيخ هذه المفاهيم في أنفسنا وأبنائنا في ظل التحديات الفكرية المعاصرة.
أهمية التوحيد وفهم القضاء والقدر
التوحيد هو أساس الدين، وهو النقاء الذي يطهر القلوب من الشرك، والشفاء الذي يداوي العقول من الحيرة والضلال. ومن أركان الإيمان الستة: الإيمان بالقضاء والقدر، خيره وشره. كثير من الناس يظنون أن مسألة القضاء والقدر معقدة أو غامضة، لكنها في حقيقتها من أبسط وأوضح مسائل العقيدة، إذا فهمت على ضوء الكتاب والسنة.
لماذا نحتاج إلى إعادة دراسة التوحيد؟
في عصرنا الحالي، تكثر الشبهات والهجمات الفكرية على العقيدة، خاصة بين الشباب والفتيات، بفعل وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الأفكار الإلحادية أو المنحرفة عن الإسلام. لذلك، من الضروري أن نعيد ونكرر دراسة أسس التوحيد، ونثبتها في قلوبنا وقلوب أبنائنا، ونحاور ونناقش ونبحث حتى نصل إلى اليقين والطمأنينة.
ملخص النقاش حول القضاء والقدر
الفرق بين الفرق في مسألة القدر
ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الناس انقسموا في فهم القدر إلى ثلاث طوائف:
- الغلاة في إثبات القدر: الذين نفوا قدرة الإنسان واختياره، وقالوا إن الإنسان مجبور على أفعاله، وليس له إرادة.
- الغلاة في إثبات قدرة العبد: الذين بالغوا في إثبات حرية الإنسان حتى نفوا قدرة الله ومشيئته، وقالوا إن الله لا يعلم فعل العبد إلا بعد وقوعه.
- أهل السنة والجماعة: الذين توسطوا وأثبتوا أن للإنسان قدرة ومشيئة، لكنها تابعة لمشيئة الله، وأن كل شيء بقضاء الله وقدره.
فساد القول بالجبر المطلق
لو قلنا إن الإنسان مجبور تمامًا، لبطل معنى الشريعة: فلا معنى للأمر والنهي، ولا للثواب والعقاب، ولا للمدح والذم. بل يكون ذلك اتهامًا لله تعالى بالظلم – تعالى الله عن ذلك – لأن الإنسان يعاقب على أمر لا اختيار له فيه، وهذا مخالف لصريح القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى:
"وما أنا بظلام للعبيد""رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل"
فالله أقام الحجة على الناس بإرسال الرسل، وبيّن لهم طريق الحق والباطل، وترك لهم حرية الاختيار.
فساد القول بنفي القدر عن الله
أما من قال إن الإنسان مستقل عن مشيئة الله، فقد أبطل جانبًا من جوانب الربوبية، ونفى عن الله العلم والمشيئة والقدرة، وهذا مخالف للنصوص الصريحة:
"لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين""وربك يخلق ما يشاء ويختار"
كل شيء في الكون داخل تحت مشيئة الله، ولا يقع شيء إلا بإرادته سبحانه.
كيف نفهم الهداية والضلال في ضوء القدر؟
قد يسأل البعض: إذا كان كل شيء بقضاء الله وقدره، فما حيلة الإنسان إذا قدر الله عليه الضلال؟
الجواب:الله عز وجل لا يضل إلا من كان أهلاً للضلال، ولا يهدي إلا من كان أهلاً للهداية. يقول تعالى:
"فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم""فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية"
فالإنسان لا يعلم ما كتب له في اللوح المحفوظ، ولا يدري هل هو من أهل الهداية أم الضلال، فلماذا يختار طريق الضلال ويحتج بالقدر؟! بل عليه أن يسعى في طريق الهداية، ويجتهد في الطاعة، ويترك المعصية، ثم يسأل الله الثبات.
التناقض في الاحتجاج بالقدر
من غير المقبول أن يكون الإنسان جبريًا عند المعصية (يحتج بالقدر)، وقدريًا عند الطاعة (ينسب الفضل لنفسه)! بل الواجب أن يعترف بفضل الله عليه في الهداية، ويجتهد في الطاعة، ويستغفر عند الزلل.
باب الهداية أوضح من باب الرزق
الناس يسعون في طلب الرزق رغم علمهم أنه مقدر، ولا يجلسون في بيوتهم ينتظرونه، بل يبذلون الأسباب. فلماذا لا يبذلون الأسباب في طلب الهداية والعمل الصالح؟!حتى في المرض، يبذل الإنسان كل جهد ليبحث عن العلاج، مع أن الأجل مقدر. فلماذا عند الطاعة يتكاسل ويحتج بالقدر؟!
مسؤولية الإنسان في الاختيار
الإنسان بين طريقين: طريق الهداية والسعادة، وطريق الضلال والشقاء. هو مخير في سلوكه، ولا أحد يجبره على اختيار طريق دون آخر. كما يختار الإنسان الطريق الأسهل والأقصر في أمور الدنيا، عليه أن يختار طريق النجاة في الآخرة.
"بل إن طرق الآخرة أبين بكثير من طرق الدنيا، لأن الذي بيّنها هو الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم"
طرق الآخرة واضحة، ونتائجها مضمونة بوعد الله، بخلاف طرق الدنيا التي قد يعتريها الشك وعدم اليقين.
مواجهة الشبهات والهجمات الفكرية
في ظل انتشار الشبهات حول العقيدة، سواء من الملاحدة أو دعاة الطاقات أو غيرهم، يجب أن نعود إلى مصادرنا الأصيلة: القرآن الكريم والسنة النبوية، وشروح العلماء الموثوقين. لا ينبغي أن نأخذ ديننا من كل من هب ودب، أو أن نبحث عن الشبهات عند أعداء الدين، بل نبحث عن الحقيقة عند أهلها.
كثير من الشبهات تنتشر بين الشباب والفتيات بسبب الجهل أو التأثر بمواقع التواصل، أو بسبب عدم الرجوع إلى العلماء والكتب الموثوقة. لذلك، من المهم أن نحث أبناءنا على القراءة والبحث، وأن نعيد ونكرر مبادئ التوحيد، ونغرسها في نفوسهم.
خلاصة ونصائح عملية
- ثبت عقيدتك أولاً: اقرأ في كتب العقيدة، وراجع الأدلة من القرآن والسنة، واسأل أهل العلم عن كل ما يشكل عليك.
- علم أبناءك وبناتك أسس التوحيد: لا تستهين بخطورة الشبهات، وكن قريبًا من أبنائك، وناقشهم في ما يسمعون ويشاهدون.
- لا تحتج بالقدر على التقصير: كما تسعى في أمور دنياك، اسعَ في أمور دينك، ولا تجعل القدر ذريعة للكسل أو المعصية.
- كن قدوة في السعي للخير: اجتهد في الطاعة، وادعُ غيرك للخير، وكن قدوة في العمل الصالح.
- ارجع دائمًا إلى الكتاب والسنة: لا تأخذ دينك من غير مصادره، وابتعد عن أهل البدع والشبهات.
دعاء وختام
نسأل الله أن يشرح صدورنا للحق، وأن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.اللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وهدىً وتقى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
**جزاكم الله خيرًا على القراءة، ونسأل الله أن ينفعنا جميعًا بما سمعنا وقرأنا.*