🔵 بث مباشر : مشاركات ضيوف البث في لقاء تصريح مدير قسم التراخيص بالمركز الوطني للطب البديل
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والممارسات المرتبطة بما يُسمى "مدارس الوعي" و"علوم الطاقة" و"التنمية البشرية" في المجتمعات العربية. هذه
تحليل نقدي لظاهرة "الوعي والطاقة" في ضوء الدين والمجتمع
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والممارسات المرتبطة بما يُسمى "مدارس الوعي" و"علوم الطاقة" و"التنمية البشرية" في المجتمعات العربية. هذه الظواهر أُحيطت بهالة من الغموض والجدل، خاصة مع ربطها أحيانًا بمعتقدات باطنية أو ممارسات روحية مستوردة من ثقافات وديانات شرقية. في هذا المقال، نستعرض أبرز النقاط التي ناقشها ضيوف بث قناة "سحر اليوغا والطاقة" حول هذه الظواهر، ونحلل تأثيرها على الأفراد والمجتمع والدين، مع الاستناد إلى خبرات وتجارب واقعية.
البعد الاجتماعي والنفسي للظاهرة
تستند كثير من هذه الحركات إلى علوم مثل علم النفس الاجتماعي، الذي يدرس تأثير المجتمع على الفرد. من المعروف أن الإنسان بطبيعته يبحث عن الانتماء والشعور بالتقدير ضمن مجموعة، وهو ما استغلته هذه الحركات لجذب الأفراد، خاصة أولئك الذين يعانون من ضعف تقدير الذات أو الشعور بالعزلة.
يشير الضيوف إلى أن هذه المجموعات تمنح أعضائها شعورًا زائفًا بالتميز والاحترام، ما يعزز لديهم نوعًا من النرجسية ويجعلهم أكثر ارتباطًا بالجماعة. لكن في المقابل، إذا حاول أحد الأفراد الخروج عن المألوف أو انتقاد معتقدات المجموعة، يُقابل غالبًا بالنبذ والعداء الشديد، ما يؤكد قوة تأثير الجماعة على الفرد.
التحول من الممارسات التقليدية إلى "دين العصر الجديد"
يلاحظ المتابعون أن مفهوم "الطاقة" كما يُروج له اليوم، يختلف جذريًا عن الممارسات الروحية التقليدية في الهند أو الصين أو التبت. فبينما كانت الممارسات القديمة تهدف إلى التنوير الروحي أو تحقيق السلام الداخلي، فإن النسخة الحديثة التي انتشرت بعد عصر النهضة، أضحت تحمل طابعًا تبشيريًا عقديًا، يُغلف بمصطلحات علمية أو تنموية، لكنه في جوهره يسعى للسيطرة على العقول وإضعاف الإرادة.
ويؤكد الضيوف أن معظم ما يُمارس اليوم تحت مسمى "الطاقة" أو "الوعي" ليس له أساس في العلوم الشرقية الأصلية، بل هو خليط من أفكار مستحدثة أُدخلت عليها لأغراض السيطرة الفكرية والنفسية.
كيف تؤثر هذه الممارسات على العقيدة والدين؟
من أخطر ما رُصد في تجارب الممارسين، هو التحول التدريجي في فهمهم للدين والعقيدة. إذ تشير الإحصاءات والتجارب إلى أن نسبة كبيرة من الممارسين يبدؤون بعد فترة في إعادة تأويل المفاهيم الدينية، أو حتى التشكيك في ثوابت العقيدة، والانجراف نحو تفسيرات باطنية غريبة.
يرى الضيوف أن السبب الرئيسي لهذا التحول هو أن هذه العلوم الزائفة تُقدم في البداية على أنها أدوات للتنمية الذاتية، لكنها في الحقيقة تهدف إلى ضرب العقيدة وإدخال الممارس في دوامة من الشكوك والانحرافات الفكرية. كما أن تكرار العبارات والتوكيدات، والانخراط في طقوس غامضة، قد يؤدي إلى نوع من "البرمجة العقلية" التي تضعف الوعي الديني وتفتح الباب للتأثر بالأفكار الباطنية.
الجانب الروحي والخطر الخفي
ناقشت الضيفة د. نبيلة، من واقع تجربتها الشخصية وتجارب من حولها، أن كثيرًا من الممارسين يقعون تحت تأثير روحي غامض، قد يصل إلى ما يشبه "التلبس" أو "السيطرة على العقل". وترى أن ضعف المعرفة الدينية، والابتعاد عن العبادات والأذكار، يجعل الإنسان هدفًا سهلاً لهذه المخططات، التي تُحكم سيطرتها عبر الاستدراج والتغييب العقلي.
كما أشارت إلى أن بعض المدربين يستغلون أتباعهم ماديًا أو حتى جسديًا، وأن هناك من يصر على مواصلة هذا الطريق لتحقيق مكاسب دنيوية، حتى لو كان ذلك على حساب دينه وعقيدته.
أدوات الحرب الناعمة: الإعلام والبرمجة الاجتماعية
يؤكد الضيوف أن هذه الحرب ليست وليدة اليوم، بل هي جزء من مخطط طويل الأمد لضرب القيم والدين والأسرة والتعليم في المجتمعات الإسلامية، عبر أدوات متعددة مثل الإعلام، المسلسلات، وحتى الرسوم المتحركة الموجهة للأطفال.
ويحذرون من خطورة الاستهانة بهذه الموجات الفكرية، إذ أن تكرار المشاهد والمصطلحات يجعلها مألوفة، ومع الوقت قد تصبح جزءًا من الثقافة العامة، خاصة إذا لم يوجد من يرفع الصوت بالتحذير والتوعية.
البرمجة العقلية ورفع "الأنا"
من السمات المشتركة في الحركات الباطنية الحديثة، التركيز على رفع "الأنا" لدى الممارس، وإقناعه بأنه يمتلك قدرات خاصة أو أنه "مختار" أو "عامل نور" أو "من بذور النجوم". هذه الأفكار تُزرع بذكاء لتمنح الممارس شعورًا بالتفرد، وتفتح له الباب لتأويل النصوص الدينية أو الواقع كما يحلو له، بعيدًا عن الضوابط الشرعية والعقلية.
كما يتم استغلال آيات قرآنية أو أحاديث نبوية خارج سياقها، لتمرير ممارسات وثنية أو طقوس غريبة، مما يؤدي إلى مزيد من التشويش العقائدي والانفصام الفكري.
كيف نميز بين الممارسات المشبوهة والممارسات السليمة؟
ينصح الضيوف بضرورة الحذر الشديد وعدم متابعة أو الاستماع لأي حسابات أو قنوات غير موثوقة شرعيًا أو علميًا. ويؤكدون أن المدرب أو المعلم الجيد هو من يلتزم بالثوابت الدينية ويبتعد عن الغموض أو التلاعب بالألفاظ. أما من يكثر من استخدام مصطلحات مثل "الصلاة الحركية"، "الظلام والنور"، "عمال النور"، أو يدعو للتصالح مع الشيطان، فهو غالبًا يروج لأفكار باطنية خطيرة.
العبادة المشروطة: خطر جديد يهدد علاقة الإنسان بربه
من الظواهر السلبية التي ظهرت مع انتشار هذه الممارسات، أن كثيرًا من الناس أصبحوا يتعاملون مع العبادات والدعاء كأنها "صيدلية" لتحقيق الأهداف الدنيوية، وليس تقربًا لله تعالى. هذا التحول في النية يُعد من أخطر ما يمكن أن يصيب علاقة الإنسان بربه، ويجعل العبادة مجرد وسيلة لتحقيق رغبات شخصية، لا غاية في ذاتها.
الخلاصة والتوصيات
- ضرورة التوعية: يجب الاستمرار في رفع الصوت بالتحذير من هذه الممارسات، وعدم الاستهانة بأي بث أو كلمة، فالتأثير قد يبدأ بفرد وينتقل إلى مجموعة.
- الرجوع للثوابت: لا بد من الرجوع إلى مصادر الدين الصحيحة وتفسير النصوص من أهل العلم الموثوقين، وعدم الانجرار وراء التأويلات الباطنية أو الغامضة.
- التحقق من المصادر: لا تتابع أو تستمع إلا لمن عُرف بالعلم والدين، وابتعد عن الحسابات المشبوهة أو غير الموثوقة.
- مراجعة النية: ليكن هدفك من العبادة هو التقرب إلى الله، لا تحقيق رغبات دنيوية فقط.
- دور الأسرة والمجتمع: يجب على الأسرة والمدرسة والإعلام لعب دور أكبر في حماية الأجيال من هذه الموجات الفكرية، وتحصينهم بالعلم والإيمان.
كلمة أخيرة
إن ما نعيشه اليوم هو حرب فكرية وروحية حقيقية، تستهدف العقول والعقائد والقيم. والنجاة منها تتطلب وعيًا، وتمسكًا بالدين، ونشرًا للعلم الصحيح، وعدم الاستسلام لدعاوى العصر الجديد مهما بدت مغرية أو براقة. فالحذر الحذر، ولنعمل جميعًا على حماية أنفسنا وأبنائنا من هذا التيار الجارف.