🔵 بث مباشر ... أنت من تخلق أقدارك أنت من تخلق مشيئتك

في عصرنا الحالي، تنتشر العديد من المفاهيم والفلسفات عبر قنوات التواصل الاجتماعي واليوتيوب، خاصة تلك المتعلقة بتطوير الذات والطاقة ومدارس الوعي. من بين

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
5 دقائق
0

أنت من تخلق أقدارك؟ نظرة نقدية لفلسفات تطوير الذات والوعي

في عصرنا الحالي، تنتشر العديد من المفاهيم والفلسفات عبر قنوات التواصل الاجتماعي واليوتيوب، خاصة تلك المتعلقة بتطوير الذات والطاقة ومدارس الوعي. من بين هذه الأفكار الشائعة، نجد مقولات مثل: "أنت من تخلق أقدارك"، "أنت من تخلق مشيئتك"، و"أنت من تصنع واقعك". هذه العبارات تُقدَّم غالبًا على أنها محفزات للنمو الشخصي، لكنها في الحقيقة تحمل في طياتها إشكاليات عقدية ومعرفية خطيرة يجب التنبه لها.

أهمية التحصين العقدي والمعرفي

قبل أن نخوض في تحليل هذه المفاهيم، من الضروري التأكيد على أهمية التحصين العقدي والمعرفي. فكل مسلم مكلف بحماية نفسه من الشبهات والانحرافات الفكرية، خاصة في زمن كثرت فيه المدارس الفكرية غير المنضبطة، سواء في مجال علم النفس أو الطاقة أو التنمية البشرية.

العبادة في الإسلام ليست فوضى، بل لها ضوابط وتشريعات واضحة مستمدة من الكتاب والسنة. لذلك، من الواجب على كل فرد أن يسعى لفهم العقيدة الصحيحة، حتى وإن لم يكن ملتزمًا التزامًا كاملاً، على الأقل ليحصن نفسه من الانحرافات الفكرية.

ماذا تعني كلمة "الخلق"؟

عندما نسمع عبارة "أنت من تخلق أقدارك"، يجب أن نتوقف عند مفهوم "الخلق". في اللغة، الخلق يعني "الإيجاد من العدم"، وهو أمر يختص به الله سبحانه وتعالى وحده. أما استخدام الكلمة في سياق "خلق صورة ذهنية" أو "تصور جديد"، فقد يكون مقبولًا من حيث اللغة المجازية، لكنه لا يرقى إلى مستوى الخلق الحقيقي الذي هو من خصائص الله عز وجل.

خطورة مقولة "أنت من تخلق مشيئتك وأقدارك"

عند التعمق في فلسفة "أنت من تخلق أقدارك"، نجد أنها تتجاوز حدود التحفيز الذاتي إلى مستوى خطير من الشرك بالله، إذا اعتقد الإنسان فعلاً أنه يخلق أقداره أو مشيئته بنفسه. فالله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم:"وما تشاؤون إلا أن يشاء الله"فمن الذي يخلق المشيئة للعبد؟ إنه الله وحده، وليس الإنسان.

الاعتقاد بأن الإنسان يخلق أقداره أو مشيئته بنفسه، هو في حقيقته شرك أكبر يخرج صاحبه من دائرة الإسلام إذا اعتقد ذلك اعتقادًا جازمًا. فالله هو القدير، وهو من يقدر الأمور، وهو من يدبر شؤون السماوات والأرض.

النتائج الواقعية لهذه الفلسفات

لو نظرنا إلى الواقع، سنجد أن من يروجون لفكرة "خلق الأقدار" لم يحققوا نتائج خارقة أو معجزات في حياتهم. لم نرَ من انتقل فجأة من الفقر إلى الغنى فقط لأنه "خلق قدره"، أو من حقق أحلامه الكبرى بمجرد ترديد هذه العبارات. بل كثير منهم يعيشون أوضاعًا عادية أو حتى أقل من العادية، وبعضهم يواجه مشاكل مالية أو اجتماعية رغم سنوات طويلة من اتباع هذه الفلسفات.

وفي كثير من الأحيان، نجد أن من يروجون لهذه الأفكار يستخدمونها كوسيلة لجمع المال من الدورات والبرامج التدريبية، وليس لأنهم فعلاً "خلقوا أقدارهم" أو "حققوا مشيئتهم".

كيف يتم تمرير هذه الأفكار؟

تتنوع طرق تمرير هذه الأفكار، فمدارس الطاقة تربطها بمفهوم "الاتحاد بالمصدر" أو "تناغم الكون"، بينما مدارس تطوير الذات تركز على العقل الباطن، ومدارس التصوف تتحدث عن "البصيرة". جميعها تصب في فكرة واحدة: محاولة إقناع الإنسان بأنه يملك قوة الخلق والتصرف المطلق في الكون، وهو ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية بشكل صريح.

الفرق بين السعي المشروع والاعتقاد الباطل

من المهم التفريق بين السعي المشروع لتحقيق الأهداف، وبين الاعتقاد بأن الإنسان يخلق أقداره بنفسه. الإسلام يحث على الأخذ بالأسباب والعمل والاجتهاد، لكن مع الإيمان بأن النتائج بيد الله وحده. فالتطوير الذاتي مطلوب، لكن ضمن إطار الأخذ بالأسباب المشروعة، وليس من خلال اعتقادات باطلة تخرج الإنسان عن دائرة التوحيد.

خلاصة القول

فلسفات "خلق الأقدار" و"خلق المشيئة" ليست مجرد عبارات تحفيزية، بل تحمل في طياتها خطورة عقدية كبيرة. يجب على كل مسلم ومسلمة أن يكونوا على وعي بهذه المخاطر، وأن يتحصنوا بالعلم الشرعي الصحيح، وألا ينخدعوا بهذه الدعاوى البراقة التي قد تودي بهم إلى الانحراف عن العقيدة الصحيحة.

لذا، لنكن واعين، ولنأخذ بأسباب النجاح والتطوير الذاتي ضمن إطار الشريعة، مع التسليم الكامل بأن الله وحده هو الخالق المدبر، وبيده وحده مقاليد الأمور.

قناة سحر اليوغا والطاقة

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك