🔵 أبو فيصل : حقيقة عصر الدلو والماسونية والعصر الجديد
بقلم: أبو فيصل – قناة سحر اليوغا والطاقة في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم مثل "عصر الدلو" و"العصر الجديد" وارتبطت هذه المصطلحات غالبًا بحركات روحية
حقيقة عصر الدلو، الماسونية، والعصر الجديد: رؤية نقدية
بقلم: أبو فيصل – قناة سحر اليوغا والطاقة
مقدمة
في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم مثل "عصر الدلو" و"العصر الجديد" وارتبطت هذه المصطلحات غالبًا بحركات روحية وفلسفات غامضة، بل وظهر ربطها أحيانًا بالماسونية ونظريات المؤامرة. في هذا المقال، نسلط الضوء على حقيقة هذه المفاهيم، أهدافها، وأثرها على الدين والمجتمع، من خلال تحليل نقدي مستند إلى تجربة ومعرفة عميقة في هذا المجال.
ما هو عصر الدلو والعصر الجديد؟
عصر الدلو هو مفهوم مستمد من التنجيم، يشير إلى فترة زمنية يُعتقد أنها تحمل تغييرات كبرى في وعي البشرية وقيمها. أما "العصر الجديد" (New Age)، فهو حركة فكرية وروحية ظهرت في الغرب، تدعو إلى تجاوز الأديان التقليدية وتبني مفاهيم روحية شاملة، مثل وحدة الوجود، الطاقة الكونية، وتقديس التجربة الشخصية.
هذه الحركات ليست مجرد أفكار متناثرة، بل تقف خلفها منظمات، دعم مالي، اجتماعات دولية، وسفراء حول العالم يعملون على نشرها وتطبيقها في مجالات متعددة، من التعليم إلى الصحة إلى الإعلام.
أهداف العصر الجديد: ثلاثية التغيير
يركز منهج العصر الجديد على ثلاثة أهداف رئيسية، تشكل جوهر مشروعهم العالمي:
1. التحرر من الدين
ليس المقصود هنا الإسلام فقط، بل كل دين أو معتقد سماوي. يسعى العصر الجديد إلى فك ارتباط الإنسان بأي دين، عبر استبدال مصادر التلقي (كالكتاب والسنة أو الكتب المقدسة) بالوعي الداخلي والتجربة الشخصية. يتم ذلك عبر:
- نشر فكرة أن الإله موجود فيك: أي وحدة الوجود، حيث يصبح الإنسان هو الإله أو جزء منه.
- تشويه صورة الخالق: عبر توصيف الله بأنه "طاقة" تحل في كل شيء، يمكن لأي شخص جذبها أو التحكم بها دون الحاجة لعبادة أو التزام ديني.
- إلغاء دور العلماء والكتب المقدسة: واستبدالها بالوعي الفردي، بحيث يصبح "الوعي الداخلي" هو المرجع الأول والأخير للخير والشر.
- تمجيد إبليس (لوسيفر): عبر تلميع صورة الشيطان واعتباره "حامل النور" والمعرفة، بل واعتباره مظلومًا في الأديان السماوية.
2. التحرر من الموروث (الدين، الأخلاق، العادات)
يعتبرون أن الموروث الديني والأخلاقي والاجتماعي هو عائق أمام "التحرر الروحي". لذلك يدعون إلى التخلص من هذه القيود ليصبح الإنسان "نظيف السوفت وير"، أي قابلًا لزرع أفكار جديدة وقيم جديدة. من أدواتهم في ذلك:
- ترسيخ مفهوم التجربة: التجربة الشخصية تصبح الدليل والحجة، حتى لو خالفت الدين أو العقل.
- مفهوم النسخة الجديدة: يجب أن تتخلى عن "نسختك القديمة" (قيمك، دينك، عاداتك) لتدخل في نسخة جديدة من الوعي.
- فصل الإنسان عن الدولة والمجتمع: عبر تهميش الهوية الوطنية والدينية، والدعوة إلى مجتمع عالمي بلا حدود أو أوطان.
3. تأسيس روحانية عالمية جديدة
الهدف النهائي هو تأسيس دين عالمي جديد، يحل مكان الأديان السماوية، ويقوم على "نسبية الحقيقة" (لا حق مطلق ولا باطل مطلق)، وتقديس الوعي الجمعي، والتجربة الفردية، دون مرجعية للوحي أو الشريعة.
أدوات العصر الجديد: كيف يعملون؟
- الدمج الثقافي: عبر الأفلام، الموسيقى، الكتب، الإعلام، وحتى مناهج التعليم والصحة، يتم تمرير أفكار الطاقة، الوعي، وحدة الوجود، والرموز الوثنية.
- علمنة الروحانية: تحويل الممارسات الوثنية (كاليوغا، التأمل، الطاقة) إلى ما يسمى "علم النفس الطاقي"، وتقديمها كعلوم تنمية بشرية أو صحة نفسية.
- إسقاط التوحيد: استبدال الإيمان بإله واحد بالإيمان بالكون أو بالطاقة الكونية، وتهميش مفهوم الوحي.
- نشر مفاهيم مثل: النية، الجذب، الذبذبات، الامتنان، الاستحقاق، قوانين هرمسية: كلها تهدف إلى ربط الإنسان بالكون بدل الخالق.
- ترويج الحب اللامشروط: كقيمة روحية عليا، مع إزالة مفهوم الحلال والحرام، والخطيئة والعقاب.
المحور الروحي لعصر الدلو: "لا قيد، لا خطيئة، لا حكم"
هذه الثلاثية تلخص الفلسفة الروحية للعصر الجديد:
- لا قيد: لا قيود دينية أو أخلاقية أو اجتماعية.
- لا خطيئة: لا يوجد حرام أو عقاب، كل شيء مباح حسب التجربة والوعي.
- لا حكم: لا يجوز الحكم على تصرفات الآخرين، فكل شخص يحدد الحقيقة لنفسه.
هذه الفلسفة تؤدي إلى "نسبية أخلاقية مطلقة"، حيث يصبح الخير والشر مسألة نسبية، يحددها الوعي الفردي لا الوحي أو الشريعة.
رموز ودلالات: قوس قزح والهوية الكونية
من أبرز رموز العصر الجديد "قوس قزح"، الذي يُروج له كشعار عالمي للوحدة والسلام، وإزالة الفوارق الدينية والثقافية. كما يتم تهميش الرموز الدينية وتحويلها إلى رموز تخص فئات صغيرة، بينما يُرفع شعار "لا حدود، لا وطن، كلنا واحد".
حتى في الوثائق الرسمية (كجوازات السفر)، تم إزالة خانة الديانة في كثير من الدول، في محاولة لإلغاء الهويات الدينية لصالح هوية كونية جامعة.
التحدي الفكري: كيف نواجه هذه الموجة؟
أمام هذا المشروع الضخم، لا يكفي الرفض أو السخرية، بل يجب:
- التحصين المعرفي: دراسة هذه الأفكار بعمق، وفهم أدواتها ومناهجها، حتى يمكن الرد عليها علميًا وفكريًا.
- التمسك بالوحي: العودة إلى الكتاب والسنة كمصدرين أساسيين للمعرفة والحق.
- بناء وعي جمعي إسلامي: يواجه الوعي الجمعي الشيطاني الذي يسعى إليه العصر الجديد.
- الحذر من الفضول غير المنضبط: فالدخول في هذه المجالات دون علم شرعي راسخ قد يؤدي إلى الانزلاق في الشبهات.
خاتمة
العصر الجديد ليس مجرد "ترند" عابر أو موضة فكرية ستختفي، بل هو مشروع عالمي ضخم، يسعى لتغيير هوية الإنسان الدينية والأخلاقية والاجتماعية، واستبدالها بروحانية عالمية جديدة بلا إله ولا وحي ولا شريعة.
التحصين الفكري، والتمسك بالكتاب والسنة، وفهم أدوات العدو، هي السبل الحقيقية لمواجهة هذه الموجة. نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا من كل شر، وأن يردنا جميعًا إلى دينه ردًا جميلًا.
"كن أنت": شعار العصر الجديد، يعني ببساطة: لا تتبع إلهًا، ولا نبيًا، ولا كتابًا، بل اتبع وعيك. لكننا نقول: اتبع الحق، وعض عليه بالنواجذ.
بقلم: أبو فيصل قناة سحر اليوغا والطاقة