الحقيقة المخفية عن المودرا وحركات أصابع اليد في اليوغا والتأمل

بقلم: أبو فيصل – قناة سحر اليوغا والطاقة

مقدمة

عندما نتحدث عن اليوغا والتأمل والطاقة، كثيرًا ما نسمع عن "المودرا" أو حركات أصابع اليد. يظن البعض أن هذه الحركات مجرد أوضاع جسدية بسيطة، لكنها في الحقيقة تحمل خلفيات تاريخية وروحية عميقة تعود إلى آلاف السنين. في هذا المقال، سنكشف أسرار المودرا وعلاقتها بالخيمياء القديمة، وأبعادها في المعتقدات الهندوسية والبوذية، وتأثيرها على ممارسي اليوغا اليوم.

الجذور التاريخية للمودرا

المودرا ليست مجرد وضعيات يد عادية، بل هي ممارسة روحية قديمة جدًا ظهرت في الهندوسية منذ أكثر من 5000 عام. كان الحكماء الهندوس، المعروفون باسم "الريشي"، هم أول من وضع أسس هذه الحركات، حيث اعتقدوا بوجود صلة روحية عميقة بين الإنسان والآلهة من خلال أوضاع اليد أثناء جلسات التأمل واليوغا.

مع مرور الزمن، تطورت هذه الممارسات ودخلت عليها إضافات جديدة مع ظهور البوذية والجاينية، ثم وثقها "باتانجالي" في نصوص "يوغ سوترا"، مضيفًا مودرات جديدة لم تكن موجودة سابقًا. حتى اليوم، تتغير وتتنوع المودرات بحسب المدارس الروحية المختلفة.

الخيمياء والمودرا: العناصر والطاقة

ترتكز فلسفة المودرا على الخيمياء القديمة، حيث يُعتقد أن كل إصبع في اليد يمثل عنصرًا كيميائيًا من عناصر الطبيعة:

• الإبهام: يمثل النار
• السبابة: يمثل الهواء
• الوسطى: يمثل الأثير
• البنصر: يمثل الأرض
• الخنصر: يمثل الماء

عند جمع أصابع اليد بطرق معينة (المودرا)، يُقال أن ذلك يفعّل طاقات أو عناصر محددة داخل الجسد، ويعيد توجيه الطاقة الداخلية لتحقيق التحول الشخصي أو الروحي.

المودرا والكواكب والآلهة

كل مودرا في اليوغا ليست فقط وضعية جسدية، بل ترتبط أيضًا بكوكب معين، وعنصر خيميائي، وإله من آلهة الهندوسية. على سبيل المثال:

• جيان مودرا (Gyan Mudra): ترتبط بكوكب المشتري وإله الحكمة "بريهاسباتي"، وعنصر الهواء.
• فايو مودرا (Vayu Mudra): ترتبط بزحل وإله الرياح "فايو".
• فارونا مودرا (Varuna Mudra): ترتبط بالقمر وإله المياه "فارونا"، وعنصر الماء.
• سوريا مودرا (Surya Mudra): ترتبط بالشمس وإله الشمس "سوريا"، وعنصر النار.
• أبانا مودرا (Apana Mudra): تجمع بين عنصري الأرض والماء، وترتبط بكوكب الزهرة وآلهة النقاء.

وهكذا، كل مودرا لها خلفية رمزية وروحية معقدة، وتُستخدم كوسيلة لاستدعاء أو التواصل مع طاقات أو كائنات روحية معينة بحسب المعتقدات القديمة.

المودرا والشاكرات

في فلسفة اليوغا، لكل "شاكرة" (مركز طاقة في الجسد) مودرا خاصة بها. يعتقد أن توافق المودرا مع الشاكرة والكوكب الحاكم لها يفعّل طاقات معينة ويحقق توازنًا داخليًا، كما أن لكل مودرا "مانترا" أو تعويذة صوتية خاصة بها تردد أثناء الممارسة.

الجانب الخفي للمودرا

من الأسرار التي يتحدث عنها بعض الممارسين القدامى أن المودرا ليست مجرد وضعيات بل "مفاتيح رمزية" لعوالم أخرى، ويقال أن لها "طيف خفي" لا تراه إلا الكيانات الروحية (الشياطين أو الأرواح بحسب المعتقدات). ويُعتقد أن تفعيل المودرا مع الترديد الصوتي المناسب يفتح قنوات طاقة أو استدعاء لتلك الكيانات.

كما أن بعض المودرات تعتبر "تعويذات كيميائية مفعلة" لا يجب أن يمارسها إلا المتقدمون جدًا في هذه الطقوس، ومع ذلك تُدرّس اليوم للأطفال والنساء في النوادي الرياضية دون معرفة بخلفياتها.

المودرا والترددات الصوتية

يقال أيضًا أن لكل مودرا تردد صوتي محدد (مثلاً: 150 هيرتز لمودرا جيان)، ويُنصح الممارسون بالاستماع لموسيقى ذات ترددات معينة أثناء أداء المودرا لتعزيز تفعيلها الطاقي، وذلك بحسب معتقدات الميتافيزيقا والعلوم الروحية الهندوسية.

مودرات من الحضارات القديمة

لم تقتصر المودرا على الهندوسية فقط، بل انتقلت بعض الرموز من الحضارة المصرية القديمة إلى الهندوسية. على سبيل المثال، هناك "أنوبيس مودرا" التي تعود أصولها إلى الكهنة المصريين القدماء، وتعتبر من الأسرار الروحية الخطيرة التي لا يعرفها حتى كبار مدربي اليوغا اليوم.

الخلاصة: هل المودرا مجرد رياضة؟

من خلال هذا العرض، يتضح أن المودرا ليست مجرد تمارين رياضية أو أوضاع لليد، بل تحمل أبعادًا روحية وخيميائية عميقة، وترتبط بعناصر الطبيعة والكواكب والآلهة والتعويذات الصوتية. كثير من هذه الممارسات لها جذور في طقوس وديانات قديمة، وقد لا يكون ممارسو اليوغا اليوم على دراية كاملة بخلفياتها الحقيقية.

من المهم لكل من يهتم باليوغا أو التأمل أن يبحث ويفهم الأبعاد الحقيقية لهذه الممارسات قبل تطبيقها، وأن يكون واعيًا لما تحمله من رموز ومعانٍ روحية وتاريخية.

هل لديك أسئلة أو تجارب مع المودرا أو اليوغا؟ شاركنا رأيك في التعليقات!