🔵 د/ سارة محمد وحديثها عن مداخل الطاقة وإنحرافها العلمي والطبي
في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي العديد من الممارسات المرتبطة بما يُسمى "الطاقة" أو "العلاج بالطاقة"، والتي وجدت طريقها إلى عقول وقلوب كثير
مداخل الطاقة والانحراف العلمي والطبي: قراءة نقدية مع د. سارة محمد
في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي العديد من الممارسات المرتبطة بما يُسمى "الطاقة" أو "العلاج بالطاقة"، والتي وجدت طريقها إلى عقول وقلوب كثيرين، حتى بين بعض الأطباء والمختصين. في هذا المقال، نستعرض أبرز النقاط التي تناولتها د. سارة محمد في حديثها على قناة "سحر اليوغا والطاقة"، حيث ناقشت مداخل الطاقة، وانحرافاتها العلمية والطبية، وكيفية تمييز الحقائق من الأوهام.
خلفية انتشار ممارسات الطاقة
توضح د. سارة أن هناك عدة فئات من الأشخاص الذين انجرفوا نحو ممارسات الطاقة:
- فئة مجندة ومؤمنة تمامًا بهذه الممارسات، وتعمل على نشرها.
- فئة من الأطباء الذين فقدوا أخلاقيات المهنة، واتجهوا إلى ممارسات غير أخلاقية مثل تجارة الأعضاء أو الإجهاض غير القانوني، أو حتى الدجل تحت ستار "العلاج بالطاقة".
- فئة الأطباء الذين يعانون من صعوبات اقتصادية، فبدلاً من العمل الشريف، يفضل بعضهم الاتجاه إلى الدجل وادعاء العلاج بالطاقة كمصدر دخل إضافي، حفاظًا على مكانتهم الاجتماعية.
- فئة من الأطباء غير المدركين أساسيات الطب والعلم، والذين ربما اجتازوا الدراسة بالحفظ دون فهم عميق، فينخدعون أو يروجون لمفاهيم خاطئة مثل الصيام المتقطع أو الغذاء النباتي دون إدراك عواقبها الصحية.
أخطاء شائعة في ممارسات الطاقة
تنتقد د. سارة بشدة بعض الممارسات المنتشرة تحت مسمى "العلاج بالطاقة"، وتوضح بالأدلة العلمية والطبية خطورتها، مثل:
- الصيام المتقطع: تحذر من أن الصيام على الماء فقط أو لفترات طويلة قد يؤدي إلى اختلال في توازن الصوديوم بالجسم، ما قد يسبب تورمًا في الدماغ ومضاعفات خطيرة.
- الغذاء النباتي الصرف: تؤكد أن الدم البشري متعادل (pH=7)، وأي اختلال في هذا التوازن (نحو القلوية أو الحموضة) قد يؤدي إلى مشاكل صحية، وأن الغذاء النباتي الصرف قد يرفع قلوية الدم بشكل ضار.
- تمارين التنفس والتأمل: تشير إلى أن بعض تمارين التنفس، خاصة إذا مورست بشكل خاطئ أو مفرط، قد تؤدي إلى نوبات صرع أو حتى سكتة دماغية أو قلبية، وأنه في بعض الدول يُشترط توقيع إقرار طبي قبل ممارسة بعض هذه التمارين.
خطورة ربط الممارسات الروحانية بالدين والعلاج
توضح د. سارة أن كثيرًا من مروجي الطاقة يربطون ممارساتهم بالدين أو يلبسونها ثوبًا علميًا أو نفسيًا خادعًا، مثل:
- ادعاء فتح "العين الثالثة" أو تفعيل "الكونداليني": وهي مفاهيم مأخوذة من ديانات وفلسفات شرقية لا علاقة لها بالعلم أو الدين الإسلامي.
- العلاج بالكلام أو "الطفل الداخلي": ورغم أن العلاج النفسي بالكلام له فوائده، إلا أن ربطه بممارسات الطاقة أو صرف أدوية نفسية دون إشراف طبي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها الانتحار أو الاضطرابات الدماغية.
- استهداف الأمراض المزمنة وأطفال التوحد: يحذر من أن مروجي الطاقة يستهدفون الفئات الأكثر ضعفًا، كأمهات أطفال التوحد أو مرضى المناعة الذاتية، ويستغلون الفجوات القانونية أو ضعف الوعي.
مفاهيم مغلوطة: طاقة الأنوثة وطاقة الذكورة
تنتقد د. سارة بشدة انتشار مفاهيم مثل "طاقة الأنوثة" و"طاقة الذكورة"، وتوضح أنها لا أساس لها في العلم أو الطب، بل هي مستمدة من فلسفات وثنية مثل الكابالا، التي تدعي أن الإنسان نصف ذكر ونصف أنثى. وتؤكد أن التوازن الهرموني في الجسم لا يُقاس بهذه الطريقة، وأنه لا توجد نسب مثل 70/30 أو 30/70 في الهرمونات.
كيف تميز بين العلم والدجل؟
تشدد د. سارة على أهمية التوعية والتأصيل العلمي والديني، وتدعو إلى:
- عدم الانجراف وراء البثوث أو المقاطع الجذابة دون تحقق، فبعضها قد يحمل أفكارًا خطيرة أو شبهات دينية أو علمية.
- عدم مشاركة محتوى مشبوه مع الآخرين، فقد يكون سببًا في انزلاق أحدهم نحو هذه الممارسات.
- الانتباه للمصطلحات والمفردات: مثل "تفعيل الطاقة"، "فتح العين الثالثة"، "توازن الشاكرات"، وغيرها من العبارات التي تدل على ارتباط بالممارسات الوثنية أو غير العلمية.
- العودة لأهل الاختصاص: في الطب، النفس، والفيزياء، وعدم أخذ المعلومات من غير المختصين أو من منصات التواصل الاجتماعي غير الموثوقة.
دور المجتمع في مواجهة ممارسات الطاقة
تدعو د. سارة إلى العمل الجماعي لمواجهة هذه الظواهر، من خلال:
- التوعية المستمرة: عبر المقالات، البثوث، والمقاطع التوعوية القصيرة التي يمكن تداولها بسهولة بين العائلات.
- فضح الممارسات الخطيرة: وبيان أضرارها الصحية والدينية والاجتماعية.
- التعاون بين المختصين: من أطباء، علماء نفس، وفيزيائيين، لدحض الادعاءات الزائفة من جميع الجوانب.
- تشجيع التفكير النقدي: وعدم الاكتفاء بالحفظ أو التقليد، بل البحث عن الأدلة العلمية والمنطقية.
خلاصة ونصائح عملية
- لا تدخل في ممارسات الطاقة بدعوى محاربتها دون وعي كافٍ، فقد تقع في شِراكها دون أن تدري.
- احذر من البثوث أو الحسابات التي تدعي محاربة الطاقة بينما تمارس جزءًا منها.
- تعلم تمييز المصطلحات والمفاهيم الأساسية حتى لا تنخدع بالمظاهر أو الأسماء.
- تذكر أن كل يوم يظهر مروجون جدد لهذه الممارسات، والأسماء تتغير لكن الجوهر واحد.
- تمسك بالعلم الصحيح والدين القويم، ولا تتردد في استشارة المختصين عند الشك.
كلمة أخيرة
ممارسات الطاقة ليست مجرد خرافات بريئة، بل قد تكون مدخلًا لانحرافات عقدية، وأضرار صحية ونفسية جسيمة. مسؤوليتنا جميعًا أن نكون على وعي، وأن نحمي أنفسنا وأسرنا ومجتمعاتنا من هذه الموجة المتنامية، بالعلم، والفهم، والتوعية المستمرة.