اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

فهم القضاء والقدر: لماذا خلق الله الشر والمصائب؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. في هذا المقال سنتناول موضوعًا مهمًا يشغل أذهان الكثير من الناس: لماذا خلق

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. في هذا المقال سنتناول موضوعًا مهمًا يشغل أذهان الكثير من الناس: لماذا خلق الله الشر والمصائب؟ وما الحكمة من وجود البلاء في حياتنا؟ وكيف نفهم علاقتنا بالقضاء والقدر؟

مقدمة: الإيمان بالقضاء والقدر

الإيمان بالقضاء والقدر هو أحد أركان الإيمان في الإسلام. فكل ما يحدث في هذا الكون، من خير أو شر، هو بتقدير الله سبحانه وتعالى. ومع ذلك، قد يتساءل البعض: ما الفائدة من المصائب؟ ولماذا يبتلينا الله بالشرور؟ وهل هناك حكمة من وراء كل ذلك؟

ثمرات الإيمان بالقدر

الإيمان بأن كل شيء بقضاء الله وقدره يمنح الإنسان راحة نفسية وسكينة داخلية. فعندما يدرك المسلم أن ما يصيبه من خير أو شر هو بتقدير الله، يزداد قربًا من ربه، ويلجأ إليه في الشدائد، ويفوض أمره كله لله. كما أن المصائب تذكر الإنسان بنعم الله عليه، وتجعله يقدر قيمة العافية، وتدفعه إلى الصبر والرضا.

من ثمرات الإيمان بالقدر أيضًا:

  • التواضع وعدم الاغترار بالنفس: يدرك الإنسان ضعفه وعجزه عن دفع البلاء بنفسه.
  • الإخلاص في الدعاء: فالمصائب تدفع الإنسان إلى التضرع لله بإخلاص.
  • معرفة حقارة الدنيا: يدرك الإنسان أن الدنيا دار ابتلاء وليست دار قرار.
  • تحفيز النفس على التوبة والرجوع إلى الله: فالمصائب تذكر الإنسان بذنوبه وتحثه على التوبة.

هل يخلق الله شرًا محضًا؟

من الأسئلة الشائعة: لماذا خلق الله الشر؟ وهل هناك شر خالص لا خير فيه؟

الإجابة: الله سبحانه وتعالى لا يخلق شرًا محضًا لا خير فيه أبدًا. كل ما يقدره الله في هذا الكون فيه حكمة، حتى وإن بدا لنا ظاهره شرًا. فقد يكون في باطنه خير ورحمة لا ندركها في البداية.

أمثلة على ذلك:

  • الحيوانات السامة: قد نرى في خلقها شرًا، لكن من سمومها تُستخرج أدوية وعلاجات تنقذ حياة البشر.
  • المصائب والابتلاءات: قد تبدو شرًا، لكنها سبب في تكفير الذنوب ورفع الدرجات وتقوية الصلة بالله.
  • الموت: رغم أنه من أكبر الابتلاءات، إلا أن فيه راحة للميت من عناء الدنيا، وعبرة للأحياء ليعتبروا ويستعدوا للقاء الله.

حكمة الله في خلق الشر والمصائب

الله سبحانه وتعالى حكيم عليم، لا يخلق شيئًا عبثًا. فوجود الشرور والابتلاءات في الدنيا له حكم عظيمة، منها:

  • اختبار الإنسان وتمحيص إيمانه: كما قال تعالى: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا".
  • إظهار كمال قدرة الله: فالله قادر على خلق الخير والشر، ويدبر أمر الكون بحكمة بالغة.
  • تمييز الصابرين والشاكرين: الابتلاءات تميز بين من يصبر ويحتسب ومن يجزع ويعترض.
  • تكفير الذنوب ورفع الدرجات: المصائب سبب في مغفرة الذنوب وزيادة الأجر.
  • تذكير الإنسان بفناء الدنيا: الموت والفقد يذكران الإنسان بأن الدنيا ليست دار خلود.

هل ينسب الشر إلى الله أو إلى القدر؟

من الأدب مع الله عز وجل ألا ننسب الشر إليه سبحانه، بل نقول كما قال النبي ﷺ: "والشر ليس إليك". الشر ينسب إلى المخلوق أو إلى ما قُضي، أما الله سبحانه فهو مصدر الخير المطلق.

لماذا لم يخلقنا الله ملائكة؟

قد يتساءل البعض: لماذا لم يخلقنا الله ملائكة لا يعصون الله أبدًا؟

الجواب: الله سبحانه وتعالى أراد أن يخلق خلقًا لهم حرية الاختيار بين الطاعة والمعصية، ليظهر من يعبده حبًا وخوفًا ورجاءً. لو كنا ملائكة لما كان هناك معنى للامتحان والاختبار، ولا لمكافأة الطائعين أو معاقبة العاصين. فالله غني عن طاعتنا، لكنه يريد لنا الخير والهداية.

هل المصائب دليل على غضب الله؟

كثيرًا ما يظن الناس أن المصائب دليل على غضب الله، وأن كثرة الابتلاءات تعني أن الله لا يحب العبد. وهذا فهم خاطئ. فالنبي ﷺ قال: "أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل". فالمصائب قد تكون علامة على محبة الله للعبد، ليرفعه بها درجات، أو ليكفر عنه ذنوبه.

أما الكافر والعاصي، فهم أيضًا يبتلون في الدنيا، لكنهم لا ينالون من هذه المصائب ما يناله المؤمن من الأجر والتكفير والرفعة.

حكمة المعصية والتوبة

من رحمة الله أنه فتح باب التوبة لعباده، وجعل من حكم وجود المعصية أن يعود العبد إلى ربه منكسرا، فيتوب ويستغفر، فيحبه الله ويغفر له. قال النبي ﷺ: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم".

المعصية تذكر الإنسان بضعفه، وتدفعه للإنابة والحياء من الله، وتربي فيه التواضع وعدم التكبر على الآخرين.

الفرق بين المؤمن والكافر في الابتلاء

الجميع يبتلى في هذه الدنيا، لكن الفرق أن المؤمن يستقبل البلاء بالرضا والصبر، ويحتسب الأجر، فينقلب البلاء في حقه إلى خير. أما الكافر أو العاصي، فقد يكون البلاء عليه عقوبة أو زيادة في بعده عن الله.

خاتمة: التسليم لله سر السلام الداخلي

السلام الداخلي الحقيقي لا يأتي إلا من التسليم لله والرضا بقضائه وقدره. فكلما زاد إيمانك بأن الله حكيم رحيم، وأن كل ما يصيبك فيه خير لك، عشت مطمئنًا راضيًا مهما تغيرت الأحوال.

فلنحمد الله على نعمة الإيمان، ولنكثر من الدعاء والاستغفار، ولنسأل الله أن يرزقنا حسن الأدب معه، والصبر على البلاء، والرضا بقضائه وقدره.

اللهم اغفر لنا وتب علينا وارحمنا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مراجع لمزيد من الفهم:

  • القرآن الكريم
  • صحيح البخاري ومسلم
  • كتاب "مدارج السالكين" لابن القيم

شاركنا رأيك:

ما هي الحكمة التي لمستها في حياتك من خلال الابتلاءات؟ وكيف أثّر الإيمان بالقدر في نظرتك للأحداث؟ شاركنا في التعليقات!

https://www.youtube.com/watch?v=f7kop1TQS9E

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك