اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

فهم الروحانية في مدارس الوعي والطاقة: كشف المفاهيم والمخاطر

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نرحب بكم في هذا المقال التأسيسي الذي يهدف إلى توضيح مفهوم "الروحانية" كم

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نرحب بكم في هذا المقال التأسيسي الذي يهدف إلى توضيح مفهوم "الروحانية" كما يُطرح في مدارس الوعي والطاقة والتأملات، وبيان جذوره الفلسفية والدينية وخطورته على العقيدة الإسلامية، مع تسليط الضوء على كيفية تسلل هذه المفاهيم إلى مجتمعاتنا وأثرها على الأفراد.

مدارس الوعي والطاقة: مصطلحات براقة ومضامين خطيرة

في السنوات الأخيرة انتشرت دورات ومدارس تحمل عناوين مثل "الوعي"، "الطاقة"، "التنوير"، "الصحوة الروحية"، "الرسالة الروحية"، وغيرها من المصطلحات التي تبدو إيجابية وجذابة. كثير من الناس، خاصة الشباب، ينجذبون لهذه المفاهيم ظنًا منهم أنها تساعدهم على تطوير الذات، تحسين التفكير، تجاوز الصدمات، أو حتى التقرب إلى الله. لكن الحقيقة أن هذه المصطلحات تحمل في طياتها فلسفات ومعتقدات باطنية خطيرة، غالبًا ما تُخفى عن المبتدئين حتى يتعمقوا في الدورات ويصبحوا أكثر تقبلاً لها.

كيف يتم التلاعب بالمفاهيم؟

يبدأ الأمر بمصطلحات عامة وفضفاضة مثل "الوعي" و"الروحانية"، ويُقصد بها في الظاهر الإدراك وتحسين التفكير، لكنها في الواقع تشير إلى مفاهيم وثنية كبرى مثل "الاتحاد بالوعي الكلي" أو "براهمان" في الفلسفة الهندوسية، أو "النور الإلهي" في مدارس البوذية والغنوصية. المدربون لا يكشفون حقيقة هذه المفاهيم إلا بعد أن يضمنوا أن المتلقي أصبح مستعدًا لتقبلها، وغالبًا بعد سلسلة من الدورات والممارسات.

مصطلحات الروحانية: قائمة مضللة

من الأمثلة على المصطلحات التي تُستخدم في هذه المدارس: الرسالة الروحية، اليقظة الروحية، التنوير، الاستبصار، الجوهر الروحي، التقاليد الروحية، التحرر الروحي، الإضاءة الروحية، العائلة الروحية، حديث الروح، الحدس الروحي، رحلة التطور الروحي، الصحوة الروحية، الوعي الروحي، الاستعداد الروحي، الطقوس الروحية، التأمل الروحي، التقدم الروحي، التجسدات الروحية، الاتحاد الروحي، التحول الروحي، الجسد المشاعري، الجسد الأثيري، الحكمة الروحية، أرواح الحكماء، التواصل الروحي، المستويات الروحية، الأبعاد الروحية، الشرارة الإلهية، الشاكرات الروحية، المقامات السبعة، الكونداليني، الطاقة الأنثوية، الزواج الأثيري، المعلم الروحي، المرشد الروحي، الاتصال بالمصدر، وغيرها.

هذه المصطلحات تبدو جميلة وملهمة، لكنها في حقيقتها مستوردة من فلسفات وثنية هندوسية وبوذية وغنوصية، وتؤدي بالممارس تدريجيًا إلى هدم المعتقدات الدينية والأخلاقية والاجتماعية، واستبدالها بفلسفات غريبة عن الإسلام.

الجذور الفلسفية للروحانية في مدارس الوعي والطاقة

1. الروحانية في الهندوسية: فلسفة براهمه شاديا

في الفلسفة الهندوسية، الروحانية تعني السلوك الروحي الذي يؤدي إلى الاتحاد مع "براهمان" (الصنم الأكبر في الهندوسية). لتحقيق ذلك، يجب على الممارس أن يمر بسلسلة من الطقوس والممارسات الروحية، مثل التأمل العميق، الزهد، التحكم في الشهوات، وتحرير المشاعر والمعتقدات. الهدف النهائي هو الوصول إلى "الاستنارة" أو "اليقظة الروحية"، والتي تعني في الحقيقة الذوبان في الوعي الكلي ونفي الذات الفردية.

من أخطر ما في هذه الفلسفة أنها لا تشترط تغيير الدين بشكل مباشر، بل تعتمد على تغيير المعتقدات تدريجيًا من خلال الممارسة، حتى يصبح الإنسان بلا عقيدة واضحة، فيسهل عليه تقبل أي فلسفة أو دين جديد.

2. الروحانية في البوذية: فلسفة الباهافانا والجانه

أما في البوذية، فالروحانية تُختصر في ممارسات التأمل العميق (الباهافانا)، والاتصال بالعوالم الأخرى والأرواح، مع التركيز على أن العقل هو العائق الأساسي أمام التنوير. لذا، يتم التشجيع على تعطيل العقل أحيانًا باستخدام مواد طبيعية أو تقنيات تأملية خاصة، حتى يصل الإنسان إلى حالات من "النشوة الروحية" والانفصال عن المادة، وتكوين "عائلة روحية" من المرشدين والملائكة والأسلاف (وهم في الحقيقة شياطين وأرواح شريرة في المفهوم الإسلامي).

المراحل الثمانية للروحانية البوذية تشمل: النشوة والانفصال، التركيز، الاتزان، الاتصال بالأرواح، الاستبصار، النشوة الكاملة، العدم، وأخيرًا اللاوعي، حيث يعتقد الممارس أنه وصل إلى الألوهية أو الاتحاد مع المصدر.

3. الروحانية في الفلسفات الغربية الحديثة (الثيوصوفية والعصر الجديد)

في العصر الحديث، تم دمج الفلسفات الشرقية مع الفلسفات الغربية الباطنية (الغنوصية، الهرمسية، الكبالا، إلخ) لتكوين ما يُعرف بـ"الروحانية المعاصرة" أو "العصر الجديد". هذه الفلسفة تقوم على فكرة أزلية الكون، وتقديس الذات والطبيعة والكواكب، ودمج عناصر من كل الديانات والفلسفات السابقة في خليط واحد يُروَّج له عبر الدورات والكورسات وكتب التنمية البشرية.

آليات تمرير الروحانية الباطنية في الدورات والكورسات

العصر الجديد اعتمد على منهجين لنشر هذه الروحانية:

  • المنهج الروحي: يركز على تعميق فكرة الاتحاد والحلول (وحدة الوجود)، ربط الروحانية بالطاقة، وتغيير المفاهيم الدينية تدريجيًا، حتى يصل الممارس إلى قناعة بأن الروحانية لا علاقة لها بالعبادات أو الشريعة، بل هي حالة داخلية من النشوة أو "الاتصال بالمصدر".
  • المنهج النفسي الروحي: يدمج علم النفس مع الفلسفات الروحية الباطنية، ويركز على تحرير المشاعر، فك التعلقات، تجاوز الصدمات، وتغيير المعتقدات تدريجيًا. يستخدم هذا المنهج تقنيات مثل "الجسد المشاعري"، "العلاج الشعوري"، "التأملات"، "الـ EFT"، وغيرها، ويهدف في النهاية إلى فصل الممارس عن دينه ومجتمعه وأسرته.

مخاطر الروحانية الباطنية على الفرد والمجتمع

  • هدم العقيدة: يبدأ الأمر بتشكيك الممارس في عقيدته، ثم تدريجيًا يدفعه إلى التخلي عن العبادات، ثم إلى الشك في المسلمات، ثم إلى الإلحاد أو اعتناق فلسفات وثنية.
  • فقدان الهوية: يُطلب من الممارس أن يتخلى عن هويته، اسمه، جنسه، عائلته، وكل ما يربطه بالمجتمع أو الدين، ليصل إلى حالة "اللاشيء" أو "العدم".
  • تدمير العلاقات الأسرية والاجتماعية: يتم تشجيع الممارس على فك التعلقات بكل شيء، حتى الأسرة والأبناء، بحجة التحرر الروحي.
  • الاضطرابات النفسية: كثير من الممارسين يصلون إلى حالات من الانفصام، الاكتئاب، فقدان الإحساس بالذنب، أو حتى الجنون، نتيجة الممارسات التأملية المكثفة وتغييب العقل.
  • انتشار الشعوذة والسحر: كثير من الممارسات الروحية في هذه المدارس تعتمد على استحضار الأرواح، التعامل مع الشياطين، أو استخدام طقوس وثنية خطيرة.

كيف يتم خداع الناس بهذه المفاهيم؟

المدربون والمدربات في هذه المدارس غالبًا ما يقدمون أنفسهم كحكماء أو حتى أنبياء، ويستخدمون لغة منمقة وفلسفية، ويخلطون بين المصطلحات الدينية والمصطلحات الباطنية، حتى يظن المتلقي أنه يقترب من الله أو يطور ذاته، بينما هو في الحقيقة يُسحب تدريجيًا إلى فلسفات تهدم دينه وعقيدته.

غالبًا ما يبدأ الأمر من باب التنمية البشرية، البحث عن الذات، تجاوز الصدمات، أو حتى تحسين العلاقات الأسرية، ثم يتدرج إلى مفاهيم الروحانية، التأملات، الشاكرات، الكونداليني، حتى يصل إلى مفاهيم مثل وحدة الوجود، الاتحاد بالمصدر، تاليه الذات، وغيرها.

دور الأسرة والمجتمع في الحماية من هذه الموجة

  • نشر الوعي: يجب على الأسر والمؤسسات التعليمية والدينية توعية الشباب بخطورة هذه الفلسفات والممارسات، وبيان جذورها الحقيقية.
  • التمسك بالعقيدة الصحيحة: العودة إلى القرآن والسنة وفهم الدين من مصادره الصحيحة، وعدم أخذ الدين من مدربين أو دورات غير موثوقة.
  • البحث والتحقق: عدم الانجراف خلف أي دورة أو مدرب دون بحث وتحقق، وسؤال أهل العلم عن حقيقة هذه المفاهيم.
  • دعم الصحة النفسية السليمة: كثير من المقبلين على هذه الدورات يعانون من فراغ نفسي أو صدمات، ويجب دعمهم نفسيًا واجتماعيًا بطرق صحيحة وآمنة.

خلاصة: الروحانية الحقيقية في الإسلام

الروحانية الحقيقية في الإسلام ليست في التأملات أو الطقوس الباطنية أو الاتصال بالعوالم الأخرى، بل في الإيمان بالله، أداء العبادات، الإخلاص، التقوى، التفكر في خلق الله، والالتزام بالأخلاق الفاضلة. كل ما عدا ذلك من فلسفات وممارسات وثنية أو غنوصية هو خطر على العقيدة والدين.

قال الله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" (الذاريات: 56).

تنبيه أخير

لا يمكن لمدرب طاقة أو وعي أو تنمية بشرية أن يقودك إلى الله أو يزيد من روحانيتك خارج إطار الشريعة والعبادات. كل من يدعوك إلى التخلي عن عقيدتك أو هويتك أو عباداتك بحجة الروحانية أو التطور الروحي، فهو يجرّك إلى طريق مظلم وخطير.

نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق، ويحفظ أبناءنا وبناتنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

بقلم: فريق التوعية الشرعية والتربوية

جميع الحقوق محفوظة

يرجى مشاركة هذا المقال مع من تحب حفاظًا على دينهم وعقيدتهم

https://www.youtube.com/watch?v=8lK1RoHQ5Sk

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك