اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

فلسفة الطاقة والكون: رؤية نقدية من منظور إسلامي

مرحباً بكم في حلقة جديدة من سلسلة "تعالوا نفكر"، حيث نناقش اليوم موضوعاً شائكاً يشغل الكثيرين في عصرنا الحديث: فلسفة الطاقة وفهم الكون في مدارس التنمي

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

مرحباً بكم في حلقة جديدة من سلسلة "تعالوا نفكر"، حيث نناقش اليوم موضوعاً شائكاً يشغل الكثيرين في عصرنا الحديث: فلسفة الطاقة وفهم الكون في مدارس التنمية البشرية والوعي الذاتي، ومدى توافق هذه الفلسفات مع العقيدة الإسلامية.

ما المقصود بالكون في مدارس الطاقة والوعي؟

انتشرت في السنوات الأخيرة أفكار تدعو إلى التعامل مع "الكون" كمصدر للطاقة، أو حتى كقوة قادرة على تحقيق الأمنيات وتغيير الواقع. في بعض مدارس التنمية البشرية، يتم الحديث عن الكون وكأنه كائن واعٍ يسمع ويستجيب، بل ويُطلب من المتدربين أن يتواصلوا معه، يرسلوا له رسائل، أو يعتمدوا عليه في تحقيق أحلامهم.

يذهب البعض إلى أبعد من ذلك، فيدعون إلى "الصلاة للكون" أو الاعتماد عليه بدلاً من الله عز وجل. هذه الأفكار، وإن اختلفت مسمياتها، تشترك في جوهر فلسفي واحد مستمد من الفلسفات الشرقية القديمة، خاصة الهندوسية والبوذية، حيث يُصور الكون أحياناً كمصدر أو إله أو قوة مطلقة.

الجذور الفلسفية لفكرة "الكون"

في الفلسفات الهندوسية، يُقال إن الكون خُلق من "المصدر" أو "برهما"، وأن هناك قوى أو طاقات تتدفق عبر "الإثير" وتُعرف بالسجلات الأكاشية أو الطاقات الحلزونية. يُعتقد أن الإنسان يستطيع التواصل مع هذه الطاقات عبر تردده الخاص، وأن هناك قوانين مثل "قانون التناغم" أو "القوانين السبعة الهرمسية" التي تحكم العلاقة بين الفرد والكون.

هذه الأفكار تتسلل تدريجياً إلى عقول المتدربين، حتى يصبح الكون محوراً للعبادة والاعتماد، ويُنظر إليه كمصدر للرزق، الشفاء، وتحقيق الأمنيات. وهنا تكمن الخطورة، إذ يتحول الكون إلى بديل عن الله عز وجل في قلوب الناس وعقيدتهم.

نقد هذه الفلسفات من منظور إسلامي

من المهم أن نسأل: هل هناك دليل في الإسلام على أن الكون يمكن أن يكون مصدراً لتحقيق الأمنيات أو إجابة الدعوات؟ هل أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أو دلنا القرآن الكريم على عبادة الكون أو التوجه إليه بالدعاء؟

الإجابة واضحة: الله سبحانه وتعالى هو الخالق الوحيد، وهو وحده الذي بيده مقاليد الأمور. يقول تعالى: "ادعوني أستجب لكم" (غافر: 60)، ولم يرد في الشريعة أي توجيه لعبادة الكون أو الاعتماد عليه. بل إن نسبة صفات الألوهية للكون أو التعامل معه كمصدر للرزق والشفاء هو من الشرك الذي يحذر منه الإسلام.

حتى لو افترضنا جدلاً أن الكون مخلوق من مخلوقات الله، فلا يجوز أن نجعل له دوراً إلهياً أو نعتقد أنه يتصرف في شؤون الخلق من دون إذن الله. أما القول بأن الكون هو الله أو أن الله هو الكون، فهذا انحراف خطير عن العقيدة الصحيحة، وابتداع في الدين لم يدل عليه أي نبي أو رسول.

كيف تتسلل هذه الأفكار؟

تبدأ هذه الفلسفات غالباً بتغيير المصطلحات وتخفيف الحواجز النفسية، فيقال للمتدرب: "سمِّ الكون كما تشاء، لا مشكلة"، ثم يُدعى إلى ممارسة تمارين الطاقة، الشاكرات، والتواصل مع الكون عبر الترددات. شيئاً فشيئاً، يعتاد الإنسان على مخاطبة الكون والاعتماد عليه حتى يترسخ في قلبه وعقله أن الكون هو الفاعل الحقيقي في حياته.

التحذير من الانزلاق وراء هذه الشبهات

من المهم أن نعي خطورة هذه الفلسفات على العقيدة، خاصة لدى الشباب والفتيات في المجتمعات العربية والإسلامية. فالترويج لعبادة الكون أو الاعتماد عليه بدلاً من الله عز وجل هو مسخ للعقيدة الإسلامية واستبدال للإيمان بالتوحيد بمعتقدات وثنية دخيلة.

علينا أن نتمسك بديننا ونحذر من كل ما يخالفه، وأن نعود إلى القرآن والسنة في فهم حقيقة الكون ودور الإنسان فيه. الكون مخلوق من مخلوقات الله، مسخر لخدمة الإنسان، وليس إلهاً يُعبد أو يُطلب منه الرزق والشفاء.

خلاصة ونصيحة

إياكم وهذه الشبهات العظيمة، وكونوا على وعي بما يُروج له من أفكار تخالف عقيدتنا. نسأل الله لنا ولكم السلامة والثبات، وأن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل انحراف فكري أو عقدي.

هذا كان ملخصاً لموضوع فلسفة الطاقة والكون في ضوء العقيدة الإسلامية، ضمن سلسلة "تعالوا نفكر". نلتقي في حلقات قادمة بإذن الله لمناقشة المزيد من القضايا الفكرية الهامة.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. في أمان الله.

https://www.youtube.com/watch?v=Re9zClvCiRw

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك