فلسفة "طاقة الأنوثة" بين الحقيقة والوهم: قراءة نقدية للمفاهيم الحديثة
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم الجديدة حول "طاقة الأنوثة" و"الاستحقاق" ضمن موجة من الحركات الفكرية الحديثة، مثل النسوية وحركات تطوير ال
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم الجديدة حول "طاقة الأنوثة" و"الاستحقاق" ضمن موجة من الحركات الفكرية الحديثة، مثل النسوية وحركات تطوير الذات والطاقة. هذه المفاهيم أصبحت موضوع نقاش واسع، خاصة في أوساط النساء الباحثات عن تطوير الذات وتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي. لكن ما حقيقة هذه المصطلحات؟ وما مدى صحتها من الناحية الدينية والاجتماعية والنفسية؟
ما هي "طاقة الأنوثة"؟
يروج بعض المدربين والمهتمين بحركات الطاقة لفكرة أن الأنوثة ليست مجرد صفات بيولوجية أو اجتماعية، بل هي "طاقة" يمكن تفعيلها أو تعطيلها. ويُقال إن هذه الطاقة تساعد المرأة على الجذب والاحتواء وتحقيق ما ترغب به في الحياة، وأنها مرتبطة بالقمر والأرض والحكمة.
لكن الخطر يكمن في أن هذه المفاهيم غالباً ما تُقدَّم بطريقة منفصلة عن القيم الدينية والأخلاقية، بل وتُستبدل فيها مفاهيم الحياء والاحترام بمفاهيم "إزالة العار" و"تحرير المرأة من الخجل"، مما يؤدي إلى خلط بين الحياء المحمود والعار المذموم، ويشجع على تجاوز الحدود الفطرية والدينية.
نقد فلسفة "تحرير الأنوثة"
من أخطر ما يُروج له في هذا السياق هو أن على المرأة أن تتحرر من كل ما ورثته من قيم عن الحياء والاحترام، بزعم أن ذلك عائق أمام تحقيق ذاتها. فيتم استبدال كلمة "الحياء" بكلمة "العار" ليُطلب من النساء التخلص منه دون وعي بخطورة هذا التحول.
ويُقال للمرأة: "ارفعي طاقتك الأنثوية حتى تكوني أكثر جاذبية وتحققي ما تريدين"، مع ربط ذلك بفكرة الاستقلالية المطلقة عن الأسرة والمجتمع، بل وحتى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية. ويُروج لفكرة أن المرأة يجب أن تعيش كالزهرة أو الفراشة، بلا قيود أو التزامات، حتى تحقق رمز الاحتواء والجذب.
الجانب الخفي: فلسفات باطنية وخرافات
يرتبط مفهوم "طاقة الأنوثة" في بعض الأحيان بفلسفات باطنية قديمة مثل "الرحم المقدس" وفلسفة "إيزيس" المصرية القديمة. وتُمارس طقوس وتأملات يُقال إنها تُفعل الرحم المقدس وتمنح المرأة قوة خارقة، بل ويُروج لفكرة استحضار أرواح أو طاقات غامضة، وكلها أمور تتعارض مع العقيدة الإسلامية وتدخل في باب الشعوذة والسحر.
وتتضمن هذه الطقوس أحياناً تمارين أو مشروبات أو تأملات يُزعم أنها تغير هرمونات المرأة وتجعلها أكثر تمرداً أو تحرراً، وتؤثر على صحتها النفسية والجسدية، بل وتؤدي أحياناً إلى اضطرابات في الدورة الشهرية أو مشاكل هرمونية.
أثر هذه الفلسفات على المجتمع والأسرة
من نتائج انتشار هذه المفاهيم هو تفتيت الأسرة، حيث يُشجع على فكرة الاستقلالية المطلقة للمرأة، وعدم احترام رأي الأهل أو المجتمع، بل وحتى الهجرة والانفصال عن الجذور. ويُروج لفكرة أن المرأة ليست بحاجة للرجل أو للأسرة، وأنها قادرة على تحقيق كل شيء بنفسها من خلال تفعيل "طاقة الأنوثة".
نصيحة للنساء: العودة للفطرة والحياء
من المهم أن تدرك المرأة أن الأنوثة ليست طاقة غامضة تُفعل بتأملات أو طقوس، بل هي فطرة أودعها الله فيها، وخصائص تميزها عن الرجل. لا يعني ذلك أن المرأة أفضل من الرجل أو العكس، بل لكل منهما خصوصيته ودوره في الحياة.
الحياء والاحترام للذات وللأهل والدين هي القيم التي ترفع مكانة المرأة وتزيد من احترامها لنفسها وحبها لذاتها. القوة الحقيقية ليست في الحرية المطلقة أو التمرد، بل في التمسك بالقيم الفطرية والدينية، والتصرف بطبيعية كما خلقها الله.
الخلاصة
انتشار مفاهيم "طاقة الأنوثة" و"الرحم المقدس" وغيرها من الفلسفات الباطنية يجب أن يُقابل بالوعي والحذر. فهي ليست سوى محاولات لإعادة تشكيل هوية المرأة بعيداً عن الفطرة والدين، وترويج أفكار قد تؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية وصحية. النصيحة لكل امرأة: كوني على طبيعتك، واعتزي بقيمك، ولا تنجري وراء كل جديد دون وعي أو تمحيص.
https://www.youtube.com/watch?v=oaKJEO5ENc8