🔵 فلسفات الطاقة وميزانها في الإسلام ( لا تحزن ) مع الأستاذة أم عمر يحفظها الله ( كيف أجاهد نفسي )
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. موضوعنا اليوم يدور حول فلسفات الطاقة وميزانها في الإسلام، وكيفية مجا
فلسفات الطاقة وميزانها في الإسلام: كيف أجاهد نفسي؟
مقدمة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. موضوعنا اليوم يدور حول فلسفات الطاقة وميزانها في الإسلام، وكيفية مجاهدة النفس في مواجهة الذنوب والمعاصي والنفس الأمارة بالسوء. سنستعرض في هذا المقال رؤى العلماء حول قوة الإرادة، وأهمية مجاهدة النفس، وأنواع النفس كما وردت في القرآن والسنة، وكيفية تحقيق الطمأنينة الداخلية.
قوة الإرادة وأثرها في حياة الإنسان
يقول ابن القيم رحمه الله: "أصل كل فعل وحركة في العالم من الحب والإرادة". فالنفس لا تترك محبوبًا إلا لمحبوب آخر، ولا تتحمل مكروهًا إلا لتحصيل محبوب أو للتخلص من مكروه آخر. جميع قوى الإنسان في سبات عميق حتى توقظها الإرادة، والإرادة نوعان:
- إرادة دافعة:تدفع الإنسان إلى العمل، كأن تحمله على القراءة أو الطاعة.
- إرادة مانعة:تقصره عن العمل أو تدفعه للكسل.
الإرادة القوية هي سر النجاح والتوفيق في الحياة، ولها أثر عظيم في تغيير حال الأفراد والجماعات. قوي الإرادة يبلغ المحامد الكبيرة، بينما ضعيف الإرادة قد لا يحقق الكثير.
علاج ضعف الإرادة: المجاهدة
عندما تضعف الإرادة وتعتريها الأمراض، يصبح الإنسان عاجزًا عن مقاومة الأهواء والشهوات. علاج ذلك يكون بالمجاهدة، كما قال تعالى:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين".
فسّر العلماء هذه الآية بأن المجاهدة تعني الصبر على الطاعات، ومخالفة الهوى، وطلب العلم والعمل به، وإقامة السنة، والصبر على مشاق الدعوة.
كيف نجاهد أنفسنا؟
- حرمان النفس من بعض الملذات:تدريب النفس على تحمل المشاق شيئًا فشيئًا، مثل قيام الليل أو استغلال الوقت في العلم والعبادة.
- الاستمرارية في الطاعة:مجاهدة النفس ليست مرة أو مرتين، بل هي جهاد مستمر حتى الممات.
- الاستعانة بالعلم الشرعي:العلم يقوي القلب ويحصّن الإنسان من البدع والضلالات.
- التوسط والاعتدال:لا إفراط ولا تفريط في التعامل مع النفس، بل الاعتدال هو منهج الإسلام.
أنواع النفس في القرآن والسنة
قسم العلماء النفس إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
1. النفس المطمئنة
هي النفس التي سكنت إلى الله واطمأنت بذكره واشتاقت إلى لقائه. قال تعالى:"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية".
هذه النفس تصل إلى اليقين والعلم والذكر والإخلاص، وتعيش في يقظة دائمة تدفعها لاستدراك ما فاتها من الطاعات.
2. النفس الأمارة بالسوء
هي النفس التي تأمر صاحبها بما تهواه من الشهوات والمعاصي. قال تعالى:"إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي"(يوسف: 53).
هذه النفس مذمومة بطبيعتها، ولا ينجو الإنسان من شرها إلا بتوفيق الله.
3. النفس اللوامة
هي النفس التي تلوم صاحبها عند ارتكاب الذنب أو التقصير في الطاعة. قال تعالى:"ولا أقسم بالنفس اللوامة".
قال الحسن البصري: "إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائمًا". النفس اللوامة نوعان:-اللوامة الملومة:تلوم صاحبها دون أن تبذل جهدًا في التغيير.-اللوامة غير الملومة:تلوم صاحبها وتسعى جادة لتغيير حالها وتحقيق رضا الله.
جهاد النفس: الطريق إلى الطمأنينة
جهاد النفس أعظم من جهاد الأعداء، وهو على أربع مراتب:1.جهاد النفس على تعلم الهدى.2.جهاد النفس على العمل به بعد العلم.3.جهاد النفس على الدعوة إليه.4.جهاد النفس على الصبر على مشاق الدعوة.
من ثمرات مجاهدة النفس:-الهداية:قال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".-محبة الله:كما ورد في الحديث القدسي: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه...".-تحول الطاعة إلى لذة:مع الاستمرار والمجاهدة تصبح الطاعة محببة للنفس، وتكره النفس تركها.
مثال عملي
قد يستثقل الإنسان القيام للصلاة، خاصة في أوقات البرد أو التعب، ولكن إذا جاهد نفسه وأجبرها على الطاعة، يجد لذة في العبادة ويصل إلى مرتبة النفس المطمئنة.
معركة النفس بين الملك والشيطان
النفس المطمئنة يرغبها الملك في الخير، بينما النفس الأمارة بالسوء يوسوس لها الشيطان بالباطل. النفس اللوامة تتنازعها الوساوس بين الملك والشيطان، ويحتاج الإنسان فيها إلى جهاد مستمر.
خلاصة
النفس تمر بمراحل: تبدأ أمارة بالسوء، ثم لوامة، ثم تصل إلى الطمأنينة. مجاهدة النفس عبادة عظيمة، تحتاج إلى صبر وعلم واستمرار. لا ينجو الإنسان من شر نفسه إلا بتوفيق الله، وكلما اجتهد في الطاعة وابتعد عن المعصية، اقترب من تحقيق السكينة والرضا.
دعاء وختام
اللهم يا عماد من لا عماد له، ويا سند من لا سند له، ويا كريم العفو، ويا كاشف البلاء، نسألك أن تعيننا على جهاد أنفسنا، وأن تهدينا إلى صراطك المستقيم، وأن تجعلنا من أصحاب النفوس المطمئنة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
**إن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.*