🔵 فلسفات الطاقة وميزانها في الإسلام ( لا تحزن ) مع الأستاذة أم عمر يحفظها الله ( تعبد من ؟ )
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنزل الكتاب هدى للمتقين ونورًا للمؤمنين، وصلاة وسلامًا على النبي محمد المبعوث رحمة للعالمين. في زمن كثرت فيه ال
فلسفات الطاقة وميزانها في الإسلام: رؤية شرعية وتربوية
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنزل الكتاب هدى للمتقين ونورًا للمؤمنين، وصلاة وسلامًا على النبي محمد المبعوث رحمة للعالمين. في زمن كثرت فيه الفلسفات والمعتقدات الدخيلة، أصبح من الضروري العودة إلى أصول الدين لفهم حقيقة الإنسان وغاية وجوده، خاصة في ظل انتشار أفكار مثل فلسفات الطاقة والتنمية البشرية التي قد تحمل في طياتها ما يخالف العقيدة الإسلامية.
في هذا المقال، نستعرض رؤية الإسلام حول فلسفات الطاقة، ونبين الميزان الصحيح للروح والجسد، ونوضح كيف يمكن للمسلم أن يحافظ على توحيده وعقيدته في خضم هذه التيارات الفكرية.
عبودية الإنسان: لمن نتعبد؟
خلق الله الإنسان ليعبده وحده، قال تعالى:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". كثير من الناس يظنون أن التحرر من عبادة الله يعني الحرية المطلقة، بينما الحقيقة أن الإنسان إذا لم يعبد الله عبد هواه أو عبد غيره. قال تعالى:"أفرأيت من اتخذ إلهه هواه"، فإما أن يكون الإنسان عبدًا لله، أو عبدًا لهواه أو لمخلوق آخر.
أعظم حرية للإنسان هي عبوديته لله، فهي التي تحرره من كل أشكال العبودية الأخرى، سواء للهوى أو للبشر أو للأفكار الدخيلة.
خطر الشرك والبدع على التوحيد
من أعظم مقاصد الشيطان أن يُدخل الإنسان في الشرك أو البدع، فيزين له سوء عمله حتى يراه حسنًا. وقد حذرنا الله تعالى من ذلك بقوله:"ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون". فكل عمل صالح، مهما بلغ، لا يُقبل مع الشرك.
التوحيد هو أساس قبول الأعمال، فلا صلاة ولا عبادة صحيحة إلا بتوحيد خالص. ولهذا كان العلماء يحذرون من البدع والشركيات، فهي أول ما يضرب التوحيد ويهدم العقيدة.
أهمية تصحيح العقيدة ومراجعة القلب
قال ابن القيم رحمه الله: لا تتم سلامة القلب حتى يسلم المرء من خمسة أشياء: من شرك يناقض التوحيد، ومن بدعة تخالف السنة، ومن شهوة تخالف الأمر، ومن غفلة تناقض الذكر، ومن هوى يناقض التجرد لله.
لابد للمسلم أن يتفقد قلبه باستمرار، ويحرص على تصحيح عقيدته، والابتعاد عن كل ما يخدش التوحيد من شركيات أو بدع أو شهوات أو غفلات.
مظاهر البدع في فلسفات الطاقة والتنمية البشرية
انتشرت في الآونة الأخيرة دورات وندوات تدّعي تحقيق السعادة والنجاح من خلال فلسفات الطاقة والتنمية البشرية، وتروج لمفاهيم دخيلة مثل الامتنان للأشياء الجامدة، أو الاعتقاد بأن ألوانًا أو أحجارًا أو رموزًا معينة تجلب الرزق أو تدفع الضرر.
هذه الممارسات ليست من الإسلام في شيء، بل هي امتداد للعبادات الوثنية القديمة التي عادت في صورة جديدة. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من محدثات الأمور، وقال:"كل بدعة ضلالة".
ميزان الروح والجسد في الإسلام
يتميز الإسلام بميزان دقيق بين الروح والجسد. الجسد خُلق من الأرض وغذاؤه من الأرض، أما الروح فخُلقت من السماء وغذاؤها من السماء، أي من العبادة والذكر والصلاة والتعلق بالله.
مهما أشبع الإنسان جسده من ملذات الدنيا، ستبقى روحه جائعة إن لم يغذها بذكر الله وطاعته. قال تعالى:"ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا"، بينما وعد الله المؤمنين بحياة طيبة.
خطر اتباع الدعاة إلى الضلال
النبي صلى الله عليه وسلم حذر من دعاة الضلال الذين يتصدرون المنابر ويزينون للناس الباطل، ويحدثونهم بما لم يسمعوا من قبلهم. هؤلاء يفتون بغير علم، ويبتدعون في الدين ما لم يأذن به الله، ويزرعون الشك في قلوب الناس تجاه العلماء الربانيين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:"سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق..."، وأوصى بلزوم جماعة المسلمين وأهل السنة والجماعة، والابتعاد عن الفرق والبدع.
أثر البدع والشركيات على الفرد والمجتمع
البدع والشركيات لا تضر صاحبها فقط، بل تنتقل إلى الأجيال من بعده، فيتوارثها الأبناء والبنات، وتصبح ذنوبًا جارية. كما أنها تزرع الأنانية وحب الذات، وتقطع أواصر المحبة والتكافل بين المسلمين، بخلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
العودة إلى مصادر العلم الصحيحة
ديننا دين وسط، شامل لكل شؤون الحياة، ولا يحتاج إلى زيادات أو نقص أو تحريف. العلم الشرعي فرض على كل مسلم ومسلمة، وليس حكرًا على العلماء فقط. على المسلم أن يتحصن بالعلم الصحيح، ويأخذ دينه من الكتاب والسنة، لا من فلسفات دخيلة أو مقاطع مبتورة أو أقوال غير موثقة.
قال الأئمة الأربعة: "ما وجدتم في كلامنا ما يخالف كلام الرسول فاضربوا به عرض الحائط".
التوبة والرجوع إلى الله
مهما بلغ الإنسان من الذنوب أو وقع في البدع أو الشركيات، فباب التوبة مفتوح. قال تعالى:"أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم". لا ينبغي أن يستسلم الإنسان لليأس أو الحزن أو الإحباط، بل عليه أن يعود إلى الله بقلب صادق، ويكثر من تلاوة القرآن والتدبر فيه.
وصايا عملية للمسلم في زمن الفتن
- تحصين النفس بالعلم الشرعي: تعلم العقيدة والتوحيد وأصول السنة.
- مراجعة مصادر العلم: لا تأخذ دينك إلا من الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة.
- الحذر من البدع والشركيات: لا تتبع كل جديد في الدين، وابتعد عن الدورات المشبوهة.
- غذاء الروح بالعبادة: حافظ على الصلاة والذكر وتلاوة القرآن.
- القدوة الصالحة في البيت: كن قدوة لأبنائك في التمسك بالدين الصحيح.
- حب الخير للناس: ازرع في نفسك وأهلك محبة الخير للغير، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
- الرضا بقضاء الله: لا تجزع من المصائب، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.
- التمسك بجماعة المسلمين: الزم أهل السنة والجماعة وابتعد عن الفرق والبدع.
الخاتمة
ديننا عظيم، وتوحيدنا أغلى ما نملك. لا تفرط فيه من أجل علوم زائفة أو فلسفات دخيلة لا تجلب إلا الشقاء والضياع. طريق الحق واضح، وإن كان سالكيه قليلين، فكن من القلة الشاكرة، واعتز بدينك، واثبت على عقيدتك، وكن قدوة صالحة لأهلك ومجتمعك.
نسأل الله أن يثبتنا على التوحيد والسنة، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.