🔵 ( إحذروا ) : ما يفعله بعض الرقاة ليس من هدي الإسلام
في عصرنا الحالي، انتشرت ممارسات الرقية الشرعية بشكل واسع، وأصبح كثير من الناس يلجأون إلى الرقاة بحثًا عن الشفاء الروحي أو الجسدي. ولكن، مع هذا الانتشا
احذروا: ما يفعله بعض الرقاة ليس من هدي الإسلام
في عصرنا الحالي، انتشرت ممارسات الرقية الشرعية بشكل واسع، وأصبح كثير من الناس يلجأون إلى الرقاة بحثًا عن الشفاء الروحي أو الجسدي. ولكن، مع هذا الانتشار، ظهرت أخطاء وممارسات بعيدة عن هدي الإسلام الصحيح، بل وقد تضر الفرد والمجتمع وتخالف تعاليم الشريعة. في هذا المقال، نسلط الضوء على أبرز هذه الأخطاء، ونوضح المنهج الشرعي الصحيح في التعامل مع الرقية.
أولًا: الغلو في التشخيص
من أكبر الأخطاء التي يقع فيها كثير من الرقاة هو الغلو في التشخيص، حيث يدّعي بعضهم معرفة نوع المرض الروحي بدقة، فيقول لأحدهم: "أنت مصاب بعين"، أو "فيك سحر"، أو "عليك مسّ من الجن"، بل ويزيد بعضهم فيحدد عدد الجن أو نوع السحر أو حتى اسم الساحر!
هذه الممارسات ليست من هدي الإسلام، وقد أنكرها كبار العلماء، مثل الإمام مالك بن أنس، الذي غضب بشدة عندما سمع عن رجل يشخص الناس بهذه الطريقة، وقال: "بدعة، بدعة، بدعة! أين هذا في كتاب الله؟". فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر بأن العين حق، وأن السحر حق، لكن لم يرد في القرآن أو السنة تحديد دقيق كما يفعل هؤلاء الرقاة.
مخاطر التشخيص الخاطئ
- الوهم والاضطراب النفسي:قد يتسبب الراقي في إدخال المريض في دائرة من الوهم والشكوك، فيظن أنه مصاب بمرض روحي خطير، أو أن فلانًا هو السبب في مشكلاته.
- تفكك الأسر:كم من بيت تفكك بسبب هذه التشخيصات؛ فكم من زوج طلق زوجته، وكم من مشاكل حدثت بسبب أوهام لا أصل لها.
- الاعتداء على الغيب:ادعاء معرفة الغيب أو الاعتماد على "القرين" في التشخيص هو من أعمال الكهانة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "من أتى كاهنًا فسأله، لم تُقبل له صلاة أربعين يومًا".
ثانيًا: تخصيص علاج أو أذكار بغير دليل
بعض الرقاة يخصصون آيات أو أذكارًا معينة لعلاج أمراض محددة، فيقولون: "اقرأ هذه الآية سبع مرات"، أو "هذه السورة لها حارس من الجن"، أو "عليك بورد يومي من كذا وكذا".
موقف العلماء
العلماء أكدوا أنه لا يجوز تخصيص قراءة أو ذكر بعدد أو وقت أو فضل معين إلا بدليل شرعي. فالقرآن كله شفاء، ولا يجوز حصر النفع في آيات دون غيرها إلا ما ورد به نص. تخصيص الأذكار أو الآيات بغير دليل يُعد بدعة، وقد يؤدي إلى التعلق بأوهام لا أساس لها.
ثالثًا: منع الجمع بين الرقية والعلاج الطبي
هناك من الرقاة من يمنع المريض من استخدام الأدوية أو الذهاب للطبيب بحجة أن ذلك يتعارض مع الرقية، ويصر على أن العلاج يكون بالرقية فقط.
الرد الشرعي
هذا الفعل مخالف للشرع؛ فالعلاج في الإسلام مباح، بل ومندوب إليه، ولا يوجد تعارض بين الرقية والعلاج الطبي. منع الناس من استخدام الدواء فيه ضرر كبير، وهو مخالف لنصوص الشريعة التي تدعو إلى التداوي.
رابعًا: أخذ الأجرة على الرقية
من الأخطاء الشائعة أيضًا جعل الرقية وسيلة للكسب المادي، حيث يحدد بعض الرقاة مبالغ مالية ضخمة مقابل القراءة، بل ويضاعفون الأجرة حسب الوقت أو المكان.
حكم أخذ الأجرة
أجمع العلماء على أنه لا يجوز أخذ الأجرة على أعمال القرب، ومنها الرقية، لأن من أخذ أجرة على عمل صالح فليس له أجر عند الله. أما إذا كان هناك جعل (مكافأة) معلقة على الشفاء، كما في حديث أبي سعيد الخدري، فهذا جائز لأنه على النتيجة وليس على العمل نفسه.
جعل الرقية تجارة يؤدي إلى فقدان البركة والنفع، ويجعل الراقي يبتدع طقوسًا معقدة ليُظهر للناس أنه يمتلك أسرارًا خاصة، وهذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
خامسًا: تعليق الناس بغير الله
من أخطر ما يقع فيه بعض الرقاة هو تعليق قلوب الناس بغير الله، سواء بالأوهام أو بالشياطين أو بالرقاة أنفسهم. وهذا قدح في التوحيد، ويوقع الناس في البدع والمحدثات.
خلاصة وتوصيات
- الرقية الشرعية ثابتة في الإسلام، ولكن يجب أن تكون وفق الضوابط الشرعية، دون غلو أو ابتداع.
- التشخيص الدقيق للمرض الروحيأو تحديد نوعه أو سببه أو فاعله لا يجوز إلا بدليل شرعي واضح.
- تخصيص أذكار أو آيات أو أعداد معينةللعلاج الروحي لا يجوز إلا بما ورد في السنة.
- الجمع بين الرقية والعلاج الطبي مباح، ولا يجوز منع الناس من التداوي.
- أخذ الأجرة على الرقية غير جائز، ويجب أن يكون العمل خالصًا لوجه الله.
- احذروا تعليق القلوب بغير الله، فالتعلق بالأوهام أو الأشخاص أو الطقوس يفسد العقيدة.
وأخيرًا، اسأل نفسك: هل لك سر عند الله؟ هل لك صدقات تخفى لا يعلمها إلا الله؟ اجعل عملك خالصًا لله، وابتعد عن البدع والمحدثات، تكن من الفائزين.