اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

احفظ الله يحفظك: فهم معنى الحفظ الإلهي في حياتنا

في عالم يموج بالتغيرات والتحديات، يبقى سؤال الحماية والأمان من أهم ما يشغل الإنسان. كيف نضمن لأنفسنا ولأحبائنا السلامة في الدنيا والدين؟ في هذا المقال

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في عالم يموج بالتغيرات والتحديات، يبقى سؤال الحماية والأمان من أهم ما يشغل الإنسان. كيف نضمن لأنفسنا ولأحبائنا السلامة في الدنيا والدين؟ في هذا المقال، نستعرض مفهوم الحفظ الإلهي كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، ونستعرض كيف يتحقق هذا الحفظ، وما علاقته بسلوكنا وعقيدتنا.

الدنيا متاع والآخرة دار القرار

يبدأ الحديث بتذكير مهم: الحياة الدنيا متاع زائل، أما الآخرة فهي دار البقاء والجزاء. من هنا، يجب أن يكون هدفنا الأسمى هو رضا الله، والحرص على ما ينفعنا في آخرتنا، لا الانشغال المفرط بزخارف الدنيا.

الدعاء بالهداية والثبات

من أجمل الأدعية التي نرددها:

"اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرفها إلا أنت. اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل."

هذه الأدعية تربي فينا الوعي بأن الهداية والثبات على الحق نعمة من الله، وأن علينا دوماً أن نطلب منه الحفظ والرعاية.

وصية النبي لابن عباس: احفظ الله يحفظك

من أعظم الأحاديث التي تلخص معنى الحفظ الإلهي، وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:

"يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف." (رواه الترمذي)

هذا الحديث يضع أمامنا قاعدة ذهبية: إذا حفظت حدود الله وأوامره ونواهيه، حفظك الله في دينك ودنياك.

كيف نحفظ الله؟

حفظ الله يعني حفظ أوامره ونواهيه وحدوده، والوقوف عندها. ويشمل ذلك:

  • حفظ التوحيد: أعظم ما يجب أن يحفظه المسلم هو توحيد الله، فلا يشرك به شيئًا.
  • حفظ الصلاة: كما قال تعالى: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى".
  • حفظ الجوارح: السمع، البصر، اللسان، والبطن. فكل ما يدخل إلى القلب من خلال هذه المنافذ يؤثر عليه صلاحًا أو فسادًا.
  • حفظ القلب: القلب إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله.

الحذر من الشبهات والبدع

من صور الحفظ أيضًا أن نقي أنفسنا من الشبهات والأفكار الدخيلة التي لا أصل لها في كتاب الله ولا سنة رسوله. فليس كل ما يدعيه الناس من "جلسات استشفاء" أو "تأملات" أو "دعوات مبتدعة" له أصل في الدين. يجب علينا أن نعرض كل جديد على القرآن والسنة، وأن نرجع إلى العلماء المعتبرين.

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان":

"كل من خالف شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مقلدًا لمن يظن أنه ولي لله، فليس في ذلك دلالة على ولايته، ولو ظهرت على يديه خوارق للعادة."

اسم الله الحفيظ

من أسماء الله الحسنى "الحفيظ"، أي الذي يحفظ خلقه بعلمه وقدرته. وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها:

  • "إن ربي على كل شيء حفيظ"
  • "ربك على كل شيء حفيظ"
  • "الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل"

الحفظ الإلهي نوعان:

  • حفظ عام: يشمل جميع المخلوقات، فيرزقهم ويهديهم لمصالحهم ويحفظهم من الهلاك.
  • حفظ خاص: وهو للمؤمنين الذين يحفظون أوامر الله، فيحفظهم الله في دينهم ودنياهم من الفتن والشهوات والأعداء.

نماذج من الحفظ الإلهي

  • لوط عليه السلام: لما جاءه قومه يريدون به سوءًا، قالت الملائكة: "يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك".
  • يوسف عليه السلام: حفظه الله من فتنة امرأة العزيز، ومن البئر، ومن السجن.
  • موسى عليه السلام: منذ ولادته، حفظه الله من بطش فرعون، ثم في رحلته إلى مدين، ثم في مواجهة السحرة.

كل هذه القصص تؤكد أن الحفظ الحقيقي بيد الله وحده، وأنه لا يُنال إلا بحفظ أوامره والاعتماد عليه.

كيف ننال الحفظ الإلهي؟

  • الاعتماد على الله وحده: لا نعتمد على أنفسنا ولا على غيرنا، بل على الله الحفيظ.
  • الاجتهاد في الطاعة: كلما زاد حفظك لأوامر الله، زاد حفظ الله لك.
  • الدعاء الدائم: أن نسأل الله أن يحفظنا في ديننا ودنيانا وأهلنا وأولادنا.
  • الرجوع للقرآن والسنة: في كل ما يلتبس علينا، نرجع للعلماء ونبتعد عن الدجل والخرافات.

قصص واقعية

ورد عن بعض الصحابة والتابعين قصص عجيبة في الحفظ الإلهي، مثل قصة الصحابي "سفينة" الذي أضلته طريقه في جزيرة وواجه أسدًا، فصار الأسد يدله على الطريق حتى خرج سالمًا، وذلك ببركة حفظه لله.

وكذلك قصة الإمام الكفيف الذي سقط في حفرة عميقة ولم يمسه سوء، سوى أن عصاه انكسرت، فكان ذلك من حفظ الله له.

خلاصة

الحفظ الإلهي ليس أمرًا غامضًا أو بعيد المنال، بل هو وعد من الله لمن حفظ حدوده وأوامره. إذا أردت أن يحفظك الله في نفسك ودينك وأهلك ومالك، فاحفظ أوامره، وابتعد عن الشبهات، وكن على يقين أن الحفيظ سبحانه لا يضيع من لجأ إليه.

قال تعالى:

"إن الله يدافع عن الذين آمنوا" (الحج: 38)

فلنحرص جميعًا على حفظ الله في حياتنا، ليحفظنا في الدنيا والآخرة.

اللهم احفظنا بحفظك، وكلأنا بعنايتك، واحرسنا بعينك التي لا تنام. اللهم اجعلنا من الذين يحفظون حدودك، ووفقنا لما تحب وترضى. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

https://www.youtube.com/watch?v=ShT5NgOf9UU

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك