أهمية تأسيس العقيدة في تربية الأطفال: دروس من تجربة أم
تربية الأطفال مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الوالدين، خاصة الأمهات، حيث يبدأن مع أبنائهن رحلة طويلة من التعليم والتوجيه منذ نعومة أظفارهم. ومن أهم الجوان
تربية الأطفال مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الوالدين، خاصة الأمهات، حيث يبدأن مع أبنائهن رحلة طويلة من التعليم والتوجيه منذ نعومة أظفارهم. ومن أهم الجوانب التي يجب التركيز عليها في هذه الرحلة هو تأسيس العقيدة الصحيحة في نفوس الأطفال، وغرس الإيمان وحب الله في قلوبهم منذ الصغر.
البداية من الطفولة
تؤكد التجارب أن ما يتعلمه الطفل في سنواته الأولى يظل راسخًا في ذهنه، حتى وإن تعرض لاحقًا لأفكار أو مفاهيم جديدة قد تبدو غريبة أو مخالفة لما تربى عليه. كثيرًا ما نسمع عن أشخاص يمرون بتساؤلات أو شكوك في مراحل عمرية لاحقة، لكنهم يعودون في النهاية إلى ما تعلموه في طفولتهم، لأن الأساس كان قويًا وسليمًا.
لذلك، من المهم جدًا أن يبدأ تأسيس العقيدة من الطفولة، وأن يحرص الوالدان على تعليم أبنائهم المبادئ الإيمانية بشكل مبسط ومحبب، مثل تعليمهم أن الله معهم ويراقبهم، وأن يعتادوا على حفظ القرآن والدعاء.
دور الأم في التوجيه والمناقشة
من واقع تجربة شخصية، أذكر كيف كانت والدتي – رحمها الله – تهتم كثيرًا بترسيخ التوحيد والعقيدة الصحيحة فينا. كانت دائمًا تركز على أهمية أن يكون توجهنا وطلبنا من الله وحده، وتحذرنا من الانجراف وراء أي أفكار أو كتب تدعو لغير ذلك، حتى وإن حاول البعض ربطها بالدين.
على سبيل المثال، عندما انتشر كتاب "السر" وبدأ الكثيرون يتحدثون عن قوة الجذب والكون، ناقشتني والدتي حول محتوى الكتاب وسألتني: "هل ما يُقال هنا يتوافق مع ما تعلمناه عن التوحيد؟". كانت حريصة على أن نناقش الأفكار الجديدة ونقارنها بما تعلمناه من عقيدتنا، لتبني فينا القدرة على التمييز وعدم الانسياق وراء كل جديد دون وعي.
أهمية الحوار الأسري
من الوسائل الفعالة التي تعلمتها من والدتي أيضًا، عقد جلسات أسبوعية للعائلة، حيث نجتمع ونتبادل الحديث حول الأفكار والمواضيع المنتشرة في المجتمع. كانت تستغل هذه الجلسات لمعرفة ما يدور في عقولنا، وتناقشنا في القصص والأخبار، وتوجهنا بلطف وحكمة.
هذا الحوار المستمر يساعد الأطفال والمراهقين على التعبير عن أفكارهم وتساؤلاتهم، كما يمنح الأهل فرصة لتصحيح المفاهيم وتنبيه الأبناء إلى المخاطر الفكرية التي قد يتعرضون لها، خاصة مع انتشار "الترندات" والصيحات الجديدة في وسائل التواصل الاجتماعي.
ملء أوقات الفراغ وتوجيه الطاقات
من أسباب انجراف بعض الأبناء وراء أفكار غريبة أو دورات مشبوهة هو الفراغ، فالعقل البشري يحتاج دائمًا لما يشغله. لذا من المهم أن يحرص الأهل على ملء أوقات أبنائهم بما ينفعهم، سواء بأنشطة تعليمية أو هوايات مفيدة، مع المتابعة المستمرة لما يتعرضون له من أفكار أو محتوى.
الدعاء والاستعانة بالله
وأخيرًا، لا بد من التأكيد على أهمية الدعاء والاستعانة بالله في تربية الأبناء، فالهداية والثبات بيد الله وحده. على الأمهات والآباء أن يكثروا من الدعاء بأن يثبت الله أبناءهم على الحق، وأن يلهمهم الحكمة في التعامل معهم.
خلاصة ونصائح عملية
- ابدئي بتأسيس العقيدة في طفلك منذ الصغر، واجعلي حب الله والإيمان جزءًا من حياته اليومية.
- ناقشي الأفكار الجديدة مع أبنائك، وعوديهم على التفكير النقدي ومقارنة كل فكرة بعقيدتنا الإسلامية.
- خصصي وقتًا أسبوعيًا لجلسة عائلية للحوار والمناقشة حول ما يشغل الأبناء من أفكار أو أحداث.
- احرصي على ملء أوقات الفراغ لدى أبنائك بأنشطة مفيدة، وكوني قريبة منهم لتكتشفي أي تغيرات أو تساؤلات لديهم.
- لا تنسي الدعاء المستمر بأن يحفظ الله أبناءك ويثبتهم على الطريق الصحيح.
تربية الأبناء مسؤولية كبيرة، لكنها أيضًا فرصة عظيمة لبناء جيل قوي في إيمانه، واعٍ في فكره، وقادر على مواجهة التحديات بثبات ويقين. نسأل الله أن يبارك في أبنائنا وأبناء المسلمين جميعًا، وأن يجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة.
https://www.youtube.com/watch?v=N42cmWuE7Tg