حقيقة الشاكرات والطاقة الكونية: رؤية علمية وشرعية
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الشباب والمجتمعات العربية مفاهيم وممارسات مستوردة من الثقافات الشرقية، مثل "الشاكرات" و"الطاقة الكونية" و"فتح العين
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الشباب والمجتمعات العربية مفاهيم وممارسات مستوردة من الثقافات الشرقية، مثل "الشاكرات" و"الطاقة الكونية" و"فتح العين الثالثة". وقد رُوّج لهذه الأفكار على أنها طرق للشفاء الروحي والنفسي، أو وسائل لجلب السعادة والنجاح، بل وتم ربط بعضها بآيات من القرآن الكريم أو بمفاهيم إسلامية، مما أدى إلى وقوع بعض المسلمين في لبس خطير حول حقيقة هذه الممارسات وحدودها الشرعية والعلمية.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على هذه المفاهيم، ونكشف حقيقتها من منظور إسلامي وعلمي، مع بيان المخاطر العقدية والنفسية المرتبطة بها، مستندين إلى أقوال العلماء وتجارب من خاضوا هذه الممارسات ثم تابوا عنها.
أولاً: هل لله تعالى "روح" كما للإنسان؟
كثيرًا ما يُطرح سؤال حول معنى "روح الله" المذكورة في بعض النصوص القرآنية، وهل هي صفة من صفات الله أم مخلوق من مخلوقاته؟ في فتوى للشيخ المنجد على موقع "الإسلام سؤال وجواب"، أوضح أن الروح ليست من صفات الله، بل هي مخلوق من مخلوقات الله، أضيفت إليه إضافة تشريف وتكريم، كما في قوله تعالى: {فَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} (السجدة: 9). فإضافة الروح إلى الله مثل إضافة "بيت الله" أو "ناقة الله" أو "عبد الله"؛ كلها مخلوقات أضيفت للتشريف، وليس لأن لها صفة إلهية.
هذه الفتوى تزيل اللبس الذي يحاول بعض معتنقي فلسفات الطاقة استغلاله لتمرير معتقدات باطنية أو وثنية، مثل فكرة أن الإنسان جزء من الخالق، أو أن في داخله "إله صغير" أو "شرارة إلهية". هذه الأفكار دخيلة على العقيدة الإسلامية، وتؤدي إلى الشرك بالله أو وحدة الوجود، وهي عقائد باطلة.
ثانيًا: أصل الشاكرات والطاقة في الديانات الشرقية
الشاكرات هي مفهوم مركزي في الديانات الهندوسية والبوذية، وتشير إلى مراكز طاقة غير مرئية يُعتقد أنها موزعة في جسم الإنسان، ولكل منها وظيفة وتأثير على الصحة الجسدية والنفسية والروحية. وتُربط هذه المراكز بطقوس معينة، وألوان، وأحجار كريمة، وأحيانًا بآلهة محددة في تلك الديانات.
عندما انتقلت هذه الأفكار إلى العالم العربي، تم ترويجها تحت عناوين التنمية الذاتية أو الشفاء الروحي، وأُدخلت عليها بعض المصطلحات الإسلامية، مثل قراءة القرآن لفتح الشاكرات أو ربطها بالبركة والطاقة الإيجابية، في محاولة لجعلها مقبولة لدى المسلمين.
لكن الحقيقة أن هذه الممارسات ليست من الإسلام في شيء، بل هي طقوس وثنية أو سحرية، وقد حذر العلماء من تعلمها أو ممارستها أو نشرها.
ثالثًا: خدعة الطاقة الإيجابية والسلبية
بدأ الحديث عن الطاقة في مجتمعاتنا بمصطلحات مثل "الطاقة الإيجابية" و"الطاقة السلبية"، وربطها بمشاعر مثل الفرح أو الحزن أو التفاؤل أو السكينة. ومع الوقت، تطور الخطاب ليشمل فكرة "تبادل الطاقة" بين الأشخاص، ثم انتقل إلى الإيمان بوجود "طاقات كونية" للثراء أو الحب أو الشفاء أو المرض، يمكن اكتسابها أو تجنبها عبر ممارسات معينة.
هذه الأفكار لا تستند إلى أي أساس علمي حقيقي، بل هي فلسفات روحية وثنية، تروج لمفاهيم غيبية لا دليل عليها، وتفتح الباب أمام الشعوذة والسحر، بل وأحيانًا التعامل مع الجن والشياطين.
رابعًا: العين الثالثة والقدرات الخارقة... حقيقة أم وهم؟
من أكثر المواضيع إثارة في هذه الفلسفات ما يسمى "فتح العين الثالثة"، ويزعم مروجوها أنها تمنح الإنسان حاسة سادسة أو قدرة على التنبؤ أو رؤية ما لا يُرى. والحقيقة أن هذه الممارسات ليست سوى استدراج شيطاني، وقد تؤدي إلى تلبس أو إيحاءات نفسية خطيرة، وتغذية أوهام القدرات الخارقة، مما يدفع الإنسان إلى الكفر أو الطغيان.
وقد حذر المختصون من مجرد الحديث عن "مداخل الطاقة" أو "الشاكرات" أو "العين الثالثة"، لأن ذلك يرسخ في ذهن المتلقي وجودها، بينما هي في الحقيقة لا وجود لها لا علميًا ولا شرعيًا، بل هي من اختراع الشياطين.
خامسًا: مخاطر الممارسات الطاقية على العقيدة والصحة النفسية
من أخطر ما في هذه الممارسات أنها تُلبس ثوب الدين أو العلم، فيظن الممارس أنه يتقرب إلى الله أو يحقق توازنًا نفسيًا، بينما هو في الحقيقة يقلد طقوس الوثنيين أو يستعين بالشياطين. وقد تؤدي هذه الممارسات إلى أعراض نفسية أو روحية خطيرة، مثل الكوابيس، أو العزلة، أو النفور من الصلاة والعبادات، أو حتى الشك في العقيدة.
وقد شهد بذلك من خاضوا هذه التجارب، حيث ذكروا كيف كانت بدايتهم بدورات أو جلسات طاقة بحثًا عن الراحة أو الشفاء، ثم انتهى بهم الأمر إلى اضطرابات نفسية أو روحية، حتى أن بعضهم أصبح يخشى قراءة القرآن أو أداء العبادات، بسبب ما تعرض له من إيحاءات شيطانية أو أعراض مس.
سادسًا: كيف يتوب من وقع في هذه الممارسات؟
أول خطوة هي التوبة النصوح إلى الله، والندم على ما فات، وترك كل ما يتعلق بهذه الممارسات من كتب أو دورات أو مجموعات أو قنوات. ثم الالتزام بالرقية الشرعية، والمحافظة على الصلاة والأذكار وقراءة القرآن، والابتعاد عن كل ما يثير الفضول أو يدعو للعودة إلى هذه الأفكار.
ومن المهم عدم تضخيم الأمر أو الاستسلام للتهديدات الشيطانية، بل الثقة بأن الله هو الحافظ، وأن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها. كما يُنصح بالصدقة والدعاء والاستعانة بأهل العلم والصحبة الصالحة.
سابعًا: لماذا يجب الحذر من فلسفات الطاقة؟
- لأنها تقود إلى الشرك بالله أو التشبه بالوثنيين: فهي تقوم على عقائد وحدة الوجود أو الحلول أو الاستعانة بغير الله.
- لأنها تروج لمفاهيم غيبية لا أصل لها في الدين أو العلم: مثل الشاكرات، أو العين الثالثة، أو الكارما، أو تناسخ الأرواح.
- لأنها تفتح الباب أمام السحر والشعوذة والتعامل مع الشياطين: سواء عن وعي أو غير وعي.
- لأنها قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية أو روحية خطيرة: كما شهد بذلك كثير من التائبين عنها.
- لأنها تلبس ثوب الدين أو العلم زورًا: فينخدع بها البسطاء أو من يبحثون عن الشفاء أو النجاح.
ثامنًا: كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟
- بالتوعية والبحث العلمي والشرعي: لا نأخذ أي فكرة إلا من مصادرها الموثوقة، ونسأل أهل العلم المختصين.
- بالتمسك بالعقيدة الصحيحة والعبادات: فهي الحصن الحقيقي للروح والجسد.
- بعدم الانسياق وراء كل جديد أو شائع: فليس كل ما يروج له في وسائل التواصل أو الدورات مفيد أو صحيح.
- بمصاحبة الصالحين وترك رفقة السوء: فالصاحب ساحب.
خلاصة
إن انتشار فلسفات الطاقة والشاكرات والعين الثالثة في مجتمعاتنا خطر كبير على العقيدة والصحة النفسية والاجتماعية. وهي ليست من الإسلام ولا من العلم في شيء، بل هي من موروثات الديانات الوثنية والشعوذة. فليحذر كل مسلم ومسلمة من الوقوع في شباكها، وليتذكر أن الهداية بيد الله، وأن التوبة مفتوحة، وأن الله كريم حليم يفرح بتوبة عبده.
فلنحذر من كل ما يخالف عقيدتنا، ولنتمسك بالحق، ولنكن سببًا في إنقاذ غيرنا من هذه المتاهات، ولنجعل من تجاربنا دروسًا لغيرنا، والله المستعان.
المصادر:
- الإسلام سؤال وجواب
- تجارب تائبين عن ممارسات الطاقة والشاكرات
- أقوال العلماء والمختصين في العقيدة والرقية الشرعية
كتبه: فريق التوعية الشرعية والعلمية
https://www.youtube.com/watch?v=RdNBJJckBSM