اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

حقيقة الصيام بين الشريعة الإسلامية والممارسات الوافدة: تحذير من تحريف أركان الإسلام

في السنوات الأخيرة، ظهرت موجة من الأفكار والممارسات الجديدة التي تدّعي أنها تقدم طرقًا روحية أو صحية أفضل للإنسان، لكنها في الواقع تحمل في طياتها تحري

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، ظهرت موجة من الأفكار والممارسات الجديدة التي تدّعي أنها تقدم طرقًا روحية أو صحية أفضل للإنسان، لكنها في الواقع تحمل في طياتها تحريفًا واضحًا لأركان الإسلام وتعاليمه. من بين هذه الظواهر، الدعوة إلى صيام الحائض، والصلاة للحائض، وتغيير مواعيد الإمساك والإفطار، وانتشار ما يسمى بـ"الصوم الروحي" أو "الصيام الصحي" المستورد من عقائد وممارسات شرقية كالهندوسية والبوذية. فما حقيقة هذه الدعوات؟ وكيف نفرق بين الصيام المشروع في الإسلام وهذه الممارسات الدخيلة؟

الصيام في الشريعة الإسلامية

الصيام في الإسلام عبادة عظيمة، وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة. فرضه الله تعالى على المسلمين بقوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ" (البقرة: 183). وهو الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله وحده. الصيام ليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب، بل هو خضوع كامل لله، وإمساك عن الشهوات والمعاصي، وتزكية للنفس.

ومن رحمة الله تعالى بعباده أنه خفف عن أصحاب الأعذار، كالمريض والمسافر والحائض والنفساء، فأباح لهم الفطر وقضاء الصيام لاحقًا. وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الحائض: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، وهذا دليل صريح على أن الحائض لا تصوم ولا تصلي أثناء الحيض، وتقضي الصيام بعد الطهر دون قضاء الصلاة.

الصوم والصيام: الفرق اللغوي والديني

من المهم التنبيه إلى الفرق بين "الصوم" و"الصيام" في اللغة والشرع. فالصيام في القرآن الكريم جاء بمعنى الإمساك عن الطعام والشراب والشهوات بنية التعبد لله، ولم ترد كلمة "الصوم" إلا في موضع واحد في قصة مريم عليها السلام، وكان المقصود به الإمساك عن الكلام، لا عن الطعام والشراب. أما في العقائد الشرقية، فالصوم يُمارس بطرق مختلفة، منها الامتناع عن أنواع معينة من الطعام فقط، أو الامتناع عن الكلام أو عن بعض الشهوات، وغالبًا ما يكون جزءًا من طقوس روحية أو قرابين تقدم للآلهة أو لتحقيق ما يسمى "الاستنارة" أو "التحرر من الكارما".

الصوم الروحي في الديانات الشرقية: حقيقة أم وهم؟

في الهندوسية والبوذية، نجد أشكالًا متعددة من الصوم، مثل صوم أيام اكتمال القمر، أو صوم أيام مخصصة لأصنام أو آلهة معينة (كصوم الخميس لفيشنو، أو الاثنين لشيفا، أو الثلاثاء لبراهمان). كما نجد صومًا يعتمد على أكل الفواكه والخضار فقط، والامتناع عن أكل كل ما له روح، ويُقدَّم هذا الصوم كقربان للآلهة أو كوسيلة للوصول إلى "الوعي الأعلى" أو "النيرفانا".

للأسف، تسلل بعض هذه الممارسات إلى مجتمعاتنا عبر مدربين الوعي والطاقة، الذين يروجون لها تحت شعارات الصحة أو تحسين التركيز أو تخفيف الوزن، دون إدراك أو تجاهل لحقيقتها الأصلية كطقوس دينية وثنية. بل وصل الأمر ببعضهم إلى الدعوة لصيام الحائض، أو تغيير مواعيد الإمساك والإفطار، أو حتى أداء الصلاة أثناء الحيض، وكل ذلك مخالف لصريح الشريعة الإسلامية.

تحريف أركان الإسلام: خطر داهم

هذه الدعوات ليست مجرد اختلافات في أسلوب الحياة أو الصحة، بل هي في حقيقتها محاولات لتحريف أركان الإسلام وتعطيلها. فالصلاة تُستبدل بالتأمل، والزكاة تُلغى بحجة الكارما، والصيام يُفرغ من معناه التعبدي ويُحوَّل إلى نظام غذائي أو طقس روحي، والحج يُعتبر مجرد رحلة روحية يمكن أداؤها من المنزل عبر التأمل، بل ويُعتبر الكعبة صنمًا لدى بعضهم!

إن خطورة هذه الممارسات تكمن في أنها تفرغ أركان الإسلام من محتواها، وتدعو إلى دين جديد لا علاقة له بالإسلام، بل هو خليط من التصوف الباطني والعقائد الشرقية، ينتهي بصاحبه إلى اللادينية أو الإلحاد.

الرد على شبهات صيام الحائض وتغيير مواعيد الإمساك

من الشبهات التي يرددها بعض مدربي الوعي والطاقة: "أين الدليل من القرآن على إفطار الحائض؟" والجواب: أن السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع، وقد وردت فيها أحاديث صحيحة وصريحة في هذا الباب، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"، وقوله: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم". فترك الصلاة والصيام للحائض أمر ثابت في السنة، ولا يجوز مخالفته أو التشكيك فيه.

أما تغيير مواعيد الإمساك والإفطار، فالشريعة واضحة في تحديد وقت الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولا يجوز ابتداع مواعيد جديدة بحجة الطاقة أو غيرها.

خلاصة وتحذير

إن أركان الإسلام الخمسة هي الأساس الذي يقوم عليه الدين، وأي محاولة لتحريفها أو تغييرها أو استبدالها بممارسات دخيلة هي طعن في الدين نفسه. على المسلم أن يكون واعيًا لهذه المحاولات، وأن يتمسك بما جاء به القرآن والسنة، وألا ينخدع بالشعارات البراقة التي تروج لها بعض التيارات الحديثة.

الصيام عبادة عظيمة، فليكن صيامنا خالصًا لله، وفق ما شرعه الله ورسوله، بعيدًا عن كل تحريف أو ابتداع.

اللهم احفظنا واحفظ أبناءنا وبناتنا من كل شر، وثبتنا على دينك حتى نلقاك.

https://www.youtube.com/watch?v=wzzhslh94UU

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك