اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

حقيقة "علوم الطاقة" بين العلم والدين: كشف الشبهات والردود

في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي موجة كبيرة من الممارسات والفلسفات المستوردة تحت مسمى "علوم الطاقة" و"التأمل" و"اليوغا" و"قانون الجذب". هذه

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
7 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي موجة كبيرة من الممارسات والفلسفات المستوردة تحت مسمى "علوم الطاقة" و"التأمل" و"اليوغا" و"قانون الجذب". هذه المفاهيم، التي يُروَّج لها على أنها طرق حديثة للعلاج النفسي والجسدي وتطوير الذات، أثارت جدلاً واسعاً بين العلماء والدعاة والمختصين، بل وحتى بين الممارسين أنفسهم. في هذا المقال، سنسلط الضوء على حقيقة هذه الممارسات، جذورها التاريخية، وأهم الشبهات المثارة حولها، مع الرد العلمي والشرعي عليها، مستندين إلى نقاش علمي موسع مع الشيخ الدكتور سعيد الدرمكي وعدد من المختصين والناجين من هذه الدوائر.

جذور "علوم الطاقة": من الوثنية إلى العصر الحديث

يعتقد البعض أن علوم الطاقة والتأملات واليوغا هي علوم حديثة أو اكتشافات علمية معاصرة. لكن الحقيقة أن هذه الممارسات لها جذور ضاربة في القدم، وتعود إلى الديانات الوثنية قبل الإسلام، حيث كان الناس يعبدون الشمس والقمر والكواكب، ويعتقدون أن لها تأثيراً روحياً مباشراً على حياتهم. وقد أشار المؤرخون إلى أن أهل الجاهلية كانوا يقدسون الكواكب والأحجار والأشجار، ويستعينون بالجن، ويمارسون السحر والكهانة، ويظنون أن للطبيعة قوى خفية تؤثر في مصائرهم.

هذه المعتقدات تسللت إلى العصر الحديث، ولكن بثوب جديد وعبارات علمية زائفة، مثل "الطاقة الكونية"، "الشاكرات"، "المانترا"، و"قانون الجذب". ومع تطور وسائل التواصل وانتشار الدورات التدريبية، أصبح لهذه المفاهيم سوق رائج بين الباحثين عن حلول سريعة لمشكلاتهم النفسية أو الصحية أو حتى الروحية.

كيف تم تسويق "علوم الطاقة" في العالم العربي؟

في البداية، روّج المدربون لهذه الممارسات على أنها علوم فيزيائية أو نفسية، وأنها معترف بها عالمياً. ادعوا أن الطاقة الكونية نوع من الطاقات الفيزيائية، وأن فلسفاتهم جزء أصيل من علم النفس الحديث. لكن مع تصاعد النقد العلمي والديني، وفضح التناقضات والشبهات، بدأ هؤلاء المدربون يغيرون أساليبهم، فصاروا يقولون: "خذ من الطاقة ما ينفعك واترك ما يضرك"، أو "استفد بما لا يتعارض مع دينك"، محاولين إضفاء شرعية انتقائية على ما يقدمونه.

بل وصل الأمر ببعضهم إلى الادعاء أن لديهم أدلة من القرآن والسنة على مشروعية "قانون الجذب" أو غيره من هذه الأفكار، رغم أن مصادرها الأصلية تعترف صراحة بأنها مستوحاة من الشيطان أو من أرواح مجهولة، كما جاء في اعترافات مؤلفي كتب مثل "السر" و"اسأل تعطى".

الرد العلمي والشرعي على شبهات "علوم الطاقة"

1. هل يمكن فعلاً "أخذ النافع وترك الضار" من علوم الطاقة؟

الحكم على الشيء فرع عن تصوره. فهل يدرك الممارس أو المدرب حقيقة هذه العلوم؟ وهل يستطيع فعلاً التمييز بين ما ينفع وما يضر، وهو لا يملك العلم الشرعي ولا حتى المعرفة العلمية الدقيقة؟ كيف يمكن لمسلم أن ينتقي من فلسفات قائمة على عبادة الأصنام والكواكب والجن، ويظن أن فيها ما يوافق دينه؟!

2. هل هذه الممارسات لها أصل علمي؟

جميع الهيئات الطبية والعلمية المعتبرة في العالم تصنف "علوم الطاقة" كعلوم زائفة (Pseudo-science)، ولا تعترف بها كعلاج معتمد. بل إن كثيراً من الممارسين الغربيين السابقين فضحوا هذه الممارسات، وأكدوا عدم جدواها علمياً، بل وخطرها النفسي والعقلي.

3. هل يمكن الاستدلال بتجارب فردية على صحة هذه الممارسات؟

تجارب الأفراد لا تصلح دليلاً علمياً أو شرعياً، خاصة أن كثيراً منها قد يكون نتيجة إيحاء نفسي أو تلاعب شيطاني. وقد بين العلماء أن الشفاء أو التحسن الظاهري أحياناً يكون من باب الفتنة أو الاستدراج، وليس دليلاً على صحة المنهج.

4. هل يجوز التداوي بما هو محرم أو مشبوه؟

الشريعة الإسلامية أمرت بالتداوي، لكنها نهت عن التداوي بالمحرمات أو بما فيه شرك أو تعلق بغير الله. قال النبي ﷺ: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم". كما أن التعلق بسبب لم يثبته الشرع ولا التجربة المعتبرة نوع من الشرك الأصغر أو الأكبر، بحسب الاعتقاد.

5. هل هناك تشابه بين طقوس الطاقة وعبادات الوثنيين؟

كثير من طقوس الطاقة والتأمل واليوغا مأخوذة بالنص من الديانات الهندوسية والبوذية وغيرها من الديانات الشرقية الوثنية. حتى المصطلحات مثل "الشاكرات" و"المانترا" و"الكارما" وغيرها، هي ألفاظ دينية شركية. وقد نهى الإسلام عن التشبه بالكفار في عباداتهم وطقوسهم، فكيف بمن يمارسها ويعتقد فيها النفع الروحي أو الجسدي؟

تحذيرات العلماء وتجارب الناجين

أجمع العلماء وطلبة العلم على خطورة هذه الممارسات، ليس فقط من الناحية العقدية، بل أيضاً من الناحية النفسية والاجتماعية. وقد روى بعض الناجين من دوائر الطاقة كيف بدأت القصة بالبحث عن علاج أو تطوير ذات، وانتهت بمشاكل نفسية أو تلبس أو انحراف عقدي، أو حتى تفكك أسري.

كما أشار المختصون إلى أن كثيراً من المدربين والمدربات يغيرون جلدهم باستمرار، فيبدلون المصطلحات ويعيدون طباعة الكتب وتغيير الترجمات، كلما اشتدت عليهم حملات التوعية، في محاولة لتضليل الناس وإقناعهم بأن هناك "جانباً نافعاً" يمكن أخذه.

لماذا يقبل الناس على هذه الممارسات؟

  • ضعف العلم الشرعي: كثير من الممارسين لا يعرفون أركان الإيمان أو حتى أبسط مسائل العقيدة، فكيف يميزون بين الحق والباطل في مسائل دقيقة ومعقدة؟
  • الحاجة النفسية: البعض يدخل هذه الدوائر بحثاً عن حل لمشكلة نفسية أو أسرية أو صحية، فيجد نفسه فريسة سهلة للأوهام والشبهات.
  • تزيين الباطل بالحق: بعض المدربين يخلطون بين الآيات والأحاديث وبين فلسفات الطاقة، فيلبسون على الناس دينهم.
  • تأثير الإعلام والدعاية: انتشار الدورات المجانية أو المدفوعة، وتلميع المدربين في وسائل التواصل، جعل الكثيرين يظنون أن هذه الممارسات موثوقة أو فعالة.

كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟

  • تعلم العقيدة الصحيحة: فهم أركان الإيمان ومعنى لا إله إلا الله يحمي المسلم من الوقوع في الشركيات أو البدع.
  • الرجوع للعلماء الموثوقين: استشارة أهل العلم في كل ما يستجد من أفكار وممارسات.
  • نشر الوعي والتحذير: نشر المقاطع التوعوية والمقالات الموثوقة، وعدم التهاون في التحذير من هذه الدورات.
  • التمسك بالقرآن والسنة: الاعتصام بالكتاب والسنة وفهمهما على منهج الصحابة والسلف الصالح هو الحصن الحصين من كل انحراف.
  • عدم الانجرار وراء التجارب الفردية أو الدعاية: فليس كل ما يلمع ذهباً، وكثير من التجارب المروَّجة إما وهمية أو نتيجة تلاعب شيطاني.

كلمة أخيرة

إن أخطر ما في "علوم الطاقة" هو أنها ليست مجرد ممارسات صحية أو نفسية، بل هي بوابة لانحراف عقدي وفكري، وذريعة لدخول الشركيات والبدع إلى بيوت المسلمين. وقد أكد الشيخ الدكتور سعيد الدرمكي، في ختام اللقاء، أن النجاة الحقيقية هي في فهم العقيدة الصحيحة، والتمسك بالإسلام الذي رضيه الله لنا، والابتعاد عن كل ما فيه ريبة أو شرك أو مخالفة للكتاب والسنة.

وختاماً، نصيحة لكل من دخل أو يفكر في دخول هذه الدوائر: "اهرب، وضع قدمك خارج هذا المستنقع فوراً، واقرأ العقيدة الصحيحة وتعلم دينك، فذلك هو طريق النجاة الحقيقي".

المصادر والمراجع:

  • القرآن الكريم والسنة النبوية
  • كتب العلماء في العقيدة والرد على البدع
  • شهادات وتجارب الناجين من دوائر الطاقة
  • تقارير الهيئات الطبية والعلمية العالمية حول "علوم الطاقة"

ملاحظة: هذا المقال خلاصة حوار علمي موسع، ويمكن الاستفادة منه كمرجع علمي وشرعي في الرد على شبهات "علوم الطاقة" وفلسفات العصر الجديد. نسأل الله أن ينفع به، وأن يحفظ أبناء المسلمين من كل شر وفتنة.

https://www.youtube.com/watch?v=3Kh_xgWB3Qw

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك