حقيقة علوم الطاقة: كشف الزيف وحماية العقيدة

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العربية موجة كبيرة من الدورات والممارسات المتعلقة بما يسمى "علوم الطاقة"، "اليوغا"، "الشاكرات"، "قانون الجذب"،

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 22,2025
6 دقائق
0

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العربية موجة كبيرة من الدورات والممارسات المتعلقة بما يسمى "علوم الطاقة"، "اليوغا"، "الشاكرات"، "قانون الجذب"، وغيرها من المصطلحات التي تبدو براقة وجذابة، خاصة للشباب والباحثين عن تطوير الذات أو علاج المشكلات النفسية والروحية. لكن هل هذه الممارسات مبنية على علم حقيقي؟ وما مدى توافقها مع ديننا وقيمنا؟ هذا المقال يعرض نقاشًا معمقًا بين مجموعة من المتخصصين والخبراء حول حقيقة هذه العلوم، ويحذر من مخاطرها على الفرد والمجتمع.

ما هي علوم الطاقة؟ وما أصلها؟

عندما نتحدث عن "الطاقة" هنا، لا نقصد الطاقة الفيزيائية أو الكهربائية أو النووية المعروفة في العلوم التجريبية، والتي لها وحدات قياس وأجهزة رصد وتطبيقات عملية مثبتة. بل المقصود هو "الطاقة الكونية" أو "الطاقة الحيوية" أو "ذبذبات الطاقة" التي يدّعي بعض المدربين أنها تؤثر في حياة الإنسان وصحته وسعادته وعلاقاته، وأنه يمكن التحكم بها عبر تمارين أو جلسات أو طقوس معينة.

هذه المفاهيم ليست جزءًا من العلم التجريبي أو الطب الحديث، ولا يوجد لها أي إثبات علمي أو اعتراف من الجامعات أو الهيئات الطبية العالمية. بل مصدرها الأساسي هو الديانات والفلسفات الشرقية القديمة، مثل الهندوسية والبوذية، حيث ارتبطت بمعتقدات وثنية حول الروح، الكارما، تناسخ الأرواح، والشاكرات.

كيف يتم تسويق علوم الطاقة في العالم العربي؟

لاحظ المشاركون في الحوار أن مدربي الطاقة في العالم العربي غالبًا ما يحرصون على "أسلمة" هذه المفاهيم لجعلها مقبولة لدى الجمهور المسلم. فيتم ربطها بآيات وأحاديث أو بمصطلحات إسلامية مثل "طاقه القرآن"، "طاقه الذكر"، "طاقه الأسماء الحسنى". بل وصل الأمر إلى اختراع جلسات "تأمل إسلامي" أو "تنظيف الشاكرات بالآيات" أو "تفعيل الطاقة عبر الأذكار"، رغم أن هذه المفاهيم لا أصل لها في الشريعة الإسلامية.

وقد أشار بعض المتخصصين إلى أن هذه الممارسات ليست مجرد رياضة أو استرخاء، بل هي طقوس دينية كاملة مستوردة من الديانات الشرقية، أضيفت إليها بعض العبارات الإسلامية لتسهيل تقبلها، لكنها في حقيقتها تتعارض مع العقيدة الإسلامية.

"توأم الشعلة": خدعة جديدة باسم الطاقة

من أكثر المفاهيم التي انتشرت مؤخرًا بين الشباب، خاصة الفتيات، ما يسمى "توأم الشعلة" أو "توأم الروح". يُروّج لهذا المفهوم باعتباره علاقة روحية عميقة بين شخصين، ويُدّعى أن هناك علامات وأعراضًا تدل على أنك وجدت "توأمك". لكن عند البحث في أصل هذا الاعتقاد، يتضح أنه جزء من فلسفات الطاقة الشرقية، ويدخل ضمن مفاهيم الين واليانغ (ثنائية الذكر والأنثى)، ويُستخدم أحيانًا لتبرير العلاقات المحرمة أو تدمير الأسر.

شارك بعض الحضور بقصص واقعية عن فتيات تركن أزواجهن وأبنائهن بحثًا عن "توأم الشعلة"، أو تورطن في علاقات محرمة بناءً على نصائح مدربات الطاقة. كما أشاروا إلى أن المدربين يستغلون ضعف الأشخاص أو مشكلاتهم النفسية لجذبهم إلى هذه الدوائر، مقابل مبالغ مالية ضخمة.

هل هناك علاقة بين الطاقة والقرآن أو السنة؟

أجمع المتخصصون المشاركون في الحوار على أنه لا يوجد في القرآن الكريم أو السنة النبوية أو أقوال العلماء المعتبرين ما يدل على وجود "طاقات كونية" أو "ذبذبات" أو "شاكرات" تؤثر في حياة الإنسان بالمعنى الذي تروج له هذه المدارس. بل إن كل ما يتعلق بالشفاء أو السكينة أو الطمأنينة في الإسلام مرتبط بالإيمان بالله، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والاعتماد على الأسباب المشروعة.

أما محاولات ربط مفاهيم الطاقة بالآيات أو الأحاديث فهي نوع من التلاعب بالنصوص، وتحريف معانيها لخدمة أفكار دخيلة لا علاقة لها بالإسلام.

التوكيدات وقانون الجذب: هل هي فعلاً مجدية؟

من أشهر ما يُروج في دورات الطاقة والتنمية البشرية ما يسمى "التوكيدات" (تكرار جمل إيجابية)، وقانون الجذب (أنك تجذب لنفسك ما تفكر فيه). ناقش الحاضرون هذه الأفكار، وأكدوا أنه لا يوجد دليل علمي أو شرعي على أن تكرار العبارات يغير القدر أو يجلب الرزق أو يحقق الأمنيات. بل إن الاعتقاد بأن الإنسان يستطيع التأثير في الكون بمجرد أفكاره أو ترديداته هو نوع من الغرور الروحي، وقد يؤدي إلى الانحراف عن التوكل على الله والإيمان بالقضاء والقدر.

مخاطر علوم الطاقة على الفرد والمجتمع

  • الانحراف العقائدي: كثير من هذه الممارسات تؤدي إلى الشرك بالله أو الاعتماد على غير الله في جلب النفع أو دفع الضرر.
  • الاضطرابات النفسية: بعض المشاركين ذكروا تجاربهم مع جلسات الطاقة، وكيف أدت إلى وساوس، أو اكتئاب، أو تعلقات مرضية، أو حتى أعراض مس شيطاني.
  • تفكيك الأسر: انتشرت قصص عن خراب بيوت بسبب مفاهيم مثل "توأم الشعلة" أو "العلاقات الكارمية".
  • الاستغلال المالي: كثير من المدربين يطلبون مبالغ ضخمة مقابل جلسات أو دورات لا أساس لها من الصحة.
  • تضليل المجتمع: عبر ربط هذه الأفكار بالدين أو العلم الزائف، مما يشتت الناس عن مصادر المعرفة الحقيقية.

كيف نرد على دعاوى الطاقة؟

  • الرجوع للعلماء الثقات: استفتاء العلماء المعروفين في البلد أو الرجوع للهيئات الرسمية في الفتوى.
  • التحقق من المصادر: قراءة كتب العلماء، والبحث في المصادر الأصلية، وعدم الاكتفاء بما يقوله المدربون أو المؤثرون.
  • التوعية المجتمعية: نشر الوعي بين الشباب والأسر حول مخاطر هذه الممارسات، وبيان حقيقتها وأصولها.
  • التمسك بالقرآن والسنة: الاعتماد على الذكر والدعاء والعبادات المشروعة في تحقيق الطمأنينة والسعادة.

خلاصة القول

علوم الطاقة، الشاكرات، اليوغا، قانون الجذب، التوكيدات، وغيرها من المفاهيم المنتشرة اليوم ليست علومًا حقيقية ولا طرقًا معتمدة في العلاج أو تطوير الذات. بل هي خليط من الفلسفات الوثنية، والخرافات، والتجارب الشخصية، والتسويق التجاري، وقد أُلبست ثوب العلم والدين لتسويقها في مجتمعاتنا.

واجبنا كمسلمين أن نتمسك بديننا، ونحكم عقولنا، ونحذر من كل ما يهدد عقيدتنا أو يضر صحتنا النفسية والاجتماعية. وكما قال الله تعالى:

"فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى"

نصيحة أخيرة:

قبل أن تجرب أي دورة أو جلسة أو ممارسة جديدة، اسأل نفسك:

  • هل لها أصل في العلم أو الدين؟
  • من هم مصادرها؟
  • ما نتائجها على من سبقوني؟
  • هل أحتاج فعلاً لهذا الطريق أم أن في ديني وواقعي ما يكفيني؟

حفظ الله مجتمعاتنا من كل فتنة، ووفقنا للحق والهدى.

https://www.youtube.com/watch?v=2jJmFqQS2ZY

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك