حقيقة اليوغا: بين الرياضة والعقيدة - حوار شامل حول المخاطر، المفاهيم، والتجارب الشخصية
في السنوات الأخيرة، أصبحت اليوغا واحدة من أكثر الممارسات انتشارًا في العالم العربي، حيث يُنظر إليها غالبًا كرياضة بدنية أو وسيلة للاسترخاء وتحسين الصح
مقدمة
في السنوات الأخيرة، أصبحت اليوغا واحدة من أكثر الممارسات انتشارًا في العالم العربي، حيث يُنظر إليها غالبًا كرياضة بدنية أو وسيلة للاسترخاء وتحسين الصحة النفسية. لكن خلف هذه الصورة الوردية، هناك جدل واسع حول حقيقة اليوغا، جذورها الدينية، وأثرها الصحي والنفسي والاجتماعي، خاصة من منظور إسلامي. في هذا المقال، نستعرض حوارًا مطولًا دار بين مجموعة من المختصين والممارسين السابقين، ونحلل فيه أهم النقاط التي أثيرت حول اليوغا، مع التركيز على الجانب العقدي، الأضرار الصحية، والتجارب الشخصية.
اليوغا: رياضة أم طقس ديني؟
الجذور الدينية لليوغا
يعتقد الكثيرون أن اليوغا مجرد تمارين جسدية لتحسين المرونة أو القوة، لكن الحقيقة أن اليوغا نشأت كطقس ديني في الديانة الهندوسية، وهي جزء من طقوس العبادة والتأمل للوصول إلى حالة "الاستنارة" أو الاتحاد مع الإله. كثير من الوضعيات والحركات تحمل أسماء آلهة أو حيوانات مقدسة في المعتقدات الهندوسية والبوذية، مثل وضعية "تحية الشمس" (سوريا ناماسكار) التي تعني حرفيًا "صلاة الشمس"، وتؤدى في أوقات الشروق والغروب.
حتى بعض الوضعيات الشهيرة مثل "وضعية المحارب" تعود أصولها إلى أساطير هندوسية، حيث تشير إلى تمجيد جنود أو آلهة أو حتى شياطين في تلك الديانة. من هنا، يحذر عدد من العلماء والدعاة من ممارسة هذه الطقوس دون وعي بحقيقتها العقدية، ويرون أنها تتعارض مع عقيدة التوحيد في الإسلام.
شهادات من مدربات سابقات
تحدثت بعض المدربات السابقات لليوغا عن تجربتهن، وأكدن أنهن بدأن بممارستها كرياضة، ثم اكتشفن تدريجيًا الجانب الروحي والعقدي العميق فيها. بعضهن ذكرن أنهن شعرن بتغيرات نفسية وجسدية سلبية، مثل القلق، الأرق، الهلاوس، وحتى نوبات الهلع، وأنهن بعد التوبة والابتعاد عن اليوغا بدأن رحلة التعافي.
الأبعاد الصحية والنفسية لممارسة اليوغا
الأضرار الجسدية
ناقش المتحاورون العديد من الأضرار الصحية الناتجة عن ممارسة اليوغا، خاصة عند تطبيق الوضعيات الصعبة أو الجلوس لفترات طويلة في وضعيات غير طبيعية. من هذه الأضرار:
- مشاكل في العمود الفقري والمفاصل: مثل الإصابة بالفتق أو البواسير نتيجة الجلوس المتواصل في وضعيات القرفصاء أو التربيعة.
- ضعف العضلات وفقدان المرونة الطبيعية: حيث أن الإفراط في تمارين التمدد قد يؤدي إلى تمزق الأربطة أو ضعف العضلات بمرور الوقت.
- مشاكل في الجهاز الهضمي: بسبب الضغط على العصب العاشر أثناء بعض الوضعيات أو تمارين التنفس، ما قد يؤدي إلى إمساك أو إسهال أو فقدان التحكم في بعض العضلات الداخلية.
- اضطرابات في الدورة الدموية: بعض الوضعيات تعيق رجوع الدم إلى القلب والدماغ، ما قد يزيد من خطر السكتات أو الذبحات الصدرية.
الأضرار النفسية والروحية
أشارت بعض التجارب إلى أن الإفراط في التأمل أو محاولة فتح ما يسمى "العين الثالثة" أو الشاكرات قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية، مثل القلق، الهلاوس، الإحساس بوجود كائنات غير مرئية، أو حتى العزلة والاكتئاب. ويرى بعض المختصين أن هذه الأعراض قد تكون نتيجة الدخول في طقوس روحية غريبة عن ثقافتنا وديننا.
التلاعب بالمفاهيم: كيف يتم تسويق اليوغا؟
ناقش الحضور كيف يتم تسويق اليوغا في العالم العربي والعالم ككل كرياضة بدنية أو وسيلة للاسترخاء، مع إخفاء أو تهميش جذورها العقدية. وأشاروا إلى أن هناك ممارسات كثيرة يتم تغليفها بأسماء جديدة (مثل التأمل، العلاج بالطاقة، الشاكرات، الكوتشينج) لكنها في حقيقتها تستند إلى نفس الفلسفات الشرقية القديمة.
كما أكدوا على أهمية الانتباه إلى أن بعض المدربين أو حتى الأطباء يروجون لليوغا أو التأمل كعلاج نفسي أو بدني دون دراية كافية بحقيقتها أو أضرارها، ودعوا إلى ضرورة البحث والتحقق قبل الانخراط في أي ممارسة جديدة.
الكوتشينج والتنمية البشرية: هل هي بديل آمن؟
أثير في الحوار موضوع الكوتشينج (Coaching) ودورات التنمية البشرية، حيث أشار البعض إلى أن هذه المجالات أصبحت بابًا خلفيًا لتسويق مفاهيم الطاقة أو فلسفات العصر الجديد. وأكدوا أن التدريب الحقيقي يجب أن يكون مبنيًا على خبرة علمية وعملية، وليس مجرد شهادات سريعة أو دورات قصيرة.
كيف تخرج من دائرة اليوغا والطاقة؟
وجه المتحدثون نصائح عملية لمن أدمنوا اليوغا أو دخلوا في ممارسات الطاقة، منها:
- التوبة والرجوع إلى الله: مع الإقرار بالخطأ وطلب المغفرة.
- التخلص من كل الأدوات والكتب المتعلقة باليوغا أو الطاقة: مثل المات، التماثيل، الصور، البرامج.
- قطع التواصل مع المدربين أو المجموعات التي تروج لهذه الممارسات.
- البحث عن بدائل صحية ورياضية آمنة: مثل البيلاتس أو تمارين المقاومة أو المشي.
- الاهتمام بالصحة النفسية من خلال طرق شرعية وعلمية: مثل العلاج النفسي السلوكي، أو الاستشارة الطبية المتخصصة.
أسئلة شائعة وإجابات مختصرة
- هل هناك علاقة بين اليوغا والدين؟
نعم، اليوغا نشأت كطقس ديني في الهندوسية والبوذية، وجذورها مرتبطة بالعقيدة وليس فقط بالرياضة.
- هل كل من يمارس اليوغا يقع في الشرك؟
الحكم الشرعي يُطلق على الفعل لا على الأشخاص، وكثير من الممارسين يجهلون حقيقة اليوغا، لكن الواجب هو البحث والتعلم وترك ما فيه شبهة أو ضرر على العقيدة.
- هل هناك بدائل رياضية آمنة؟
نعم، هناك العديد من الرياضات مثل البيلاتس، تمارين المقاومة، المشي، السباحة، وغيرها، وهي لا تحمل أبعادًا عقدية.
- ما حكم ارتداء أو استخدام الأحجار الكريمة أو التمائم للحماية أو جلب الطاقة؟
الاعتقاد بأن الحجر ينفع أو يضر من دون الله يدخل في شرك الأسباب، وهو محرم شرعًا.
خلاصة وتوصيات
- الوعي هو خط الدفاع الأول: لا تدخل أي ممارسة جديدة دون بحث وتحقيق، خاصة إذا كانت تحمل جذورًا دينية أو فلسفية غريبة عن ثقافتك ودينك.
- اليوغا ليست مجرد رياضة: بل هي منظومة روحية وعقدية متكاملة، وأغلب وضعياتها وأسمائها مرتبطة بطقوس دينية.
- الأضرار الصحية والنفسية حقيقية: كثير من الممارسين السابقين تحدثوا عن أضرار جسدية ونفسية واجتماعية.
- التوبة والرجوع إلى الله هي البداية: مع التخلص من كل ما يتعلق باليوغا أو الطاقة، والبحث عن بدائل صحية وشرعية.
- لا تصدق كل ما تسمع: ابحث بنفسك، وارجع إلى المصادر الموثوقة، واستشر أهل العلم والاختصاص.
كلمة أخيرة
إن مسؤولية التوعية تقع على عاتق الجميع، فكل كلمة أو تجربة قد تنقذ شخصًا من الوقوع في شبهات أو أضرار. علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، وأن نحرص على ديننا وصحتنا، وأن نساعد من حولنا على التمييز بين الحق والباطل، وبين العلم والخرافة.
"ابحث، تحقق، ولا تتبع كل جديد دون وعي. دينك وصحتك أمانة بين يديك."
للمزيد من المعلومات والتجارب حول اليوغا والطاقة، ابحث في المصادر الموثوقة، واستمع إلى شهادات من خرجوا من هذه الدوائر، ولا تتردد في طلب النصيحة من أهل العلم والخبرة.
https://www.youtube.com/watch?v=s8oemP6wo-4