🔵 حقيقة مدرسة العلاج الشعوري وهل هي من علم النفس .. الدكتور يوسف مسلم
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المدارس والمصطلحات الجديدة في مجال العلاج النفسي، ومن بينها ما يُعرف بـ"العلاج الشعوري". لكن ما حقيقة هذه المدرسة
حقيقة مدرسة العلاج الشعوري: هل هي من علم النفس؟
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المدارس والمصطلحات الجديدة في مجال العلاج النفسي، ومن بينها ما يُعرف بـ"العلاج الشعوري". لكن ما حقيقة هذه المدرسة؟ وهل لها أساس علمي معترف به في علم النفس أو الطب النفسي؟ في هذا المقال، سنستعرض آراء المختصين حول العلاج الشعوري، ونوضح الفروق الجوهرية بينه وبين المفاهيم العلمية المعتمدة.
ما هو العلاج الشعوري؟
العلاج الشعوري يقوم على فكرة أن الإخفاقات أو التعلقات النفسية التي لا يتم تحقيقها في حياة الإنسان تؤثر بشكل مباشر على أعضاء معينة من الجسم، وتسبب أمراضًا أو مشكلات صحية محددة. على سبيل المثال، يعتقد بعض مروجي هذه المدرسة أن الفشل في تحقيق الأهداف الوظيفية قد يؤدي إلى مشاكل في القولون، أو أن القلق بشأن المستقبل قد يسبب أمراضًا جسدية معينة.
هل هذه الفكرة صحيحة طبياً؟
من وجهة النظر الطبية، هذا الادعاء غير صحيح. فالأعضاء تصاب بأمراضها لأسباب عضوية أو نفسية معروفة، وليس بسبب التعلقات أو الإخفاقات الحياتية بشكل مباشر. على سبيل المثال، لا يمكن القول بأن كسر الساق سببه القلق من المستقبل، بل هو نتيجة حادث أو إصابة مباشرة.
العلاقة العلمية بين النفس والجسد
في الطب النفسي هناك نوعان رئيسيان من التأثيرات النفسية على الجسم:
- الأعراض الجسدية (Somatic Symptoms):وهي أعراض جسدية تظهر نتيجة انزعاج نفسي، مثل تسارع ضربات القلب، أو اضطرابات المعدة، أو شد العضلات. هذه الأعراض طبيعية وتحدث نتيجة تغير في النظام الحيوي للجسم بسبب التوتر أو القلق.
- الأعراض النفس-جسدية (Psychosomatic Symptoms):وهي أمراض جسدية يكون منشؤها نفسيًا، مثل قرحة المعدة أو الطفح الجلدي أو حب الشباب الناتج عن التوتر الشديد. في هذه الحالات، يؤدي القلق المزمن إلى ضعف الجهاز المناعي أو تنشيط مناطق عصبية معينة في الجسم، مما يسبب ظهور الأعراض الجسدية.
لكن من المهم التأكيد أن هذه التأثيرات لا ترتبط بشكل مباشر بنوع المشكلة النفسية أو التعلق، بل هي استجابة عامة للجسم تجاه الضغوط النفسية، بغض النظر عن مصدرها.
خرافات العلاج الشعوري ومسارات الطاقة
يربط بعض مروجي العلاج الشعوري بين الإخفاقات النفسية و"مسارات الطاقة" في الجسم، ويدّعون أن عدم تحقيق التعلقات يؤدي إلى خلل في هذه المسارات، مما يسبب الأمراض. هذه الفكرة تعود إلى مدارس قديمة في الطب الصيني أو البوذي، حيث يُعتقد بوجود نقاط طاقة (مثل الشاكرات) في الجسم، وأن تدليكها أو تحفيزها يؤثر على صحة الأعضاء الداخلية.
ماذا يقول الطب الحديث؟
الطب الحديث لا يعترف بوجود مسارات طاقة أو شاكرات كما تصفها هذه المدارس. التأثير الإيجابي الذي يشعر به البعض بعد جلسات التدليك أو العلاج الانعكاسي غالبًا ما يكون نتيجة "تأثير الإيحاء" (Placebo Effect)، وليس نتيجة تأثير حقيقي على الأعضاء الداخلية.
حتى داخل المدارس الشرقية القديمة، هناك اختلافات كبيرة في عدد ونوع الشاكرات أو نقاط الطاقة، مما يدل على عدم وجود أساس علمي موحد لهذه المفاهيم. فبعض المدارس تتحدث عن ثلاث شاكرات فقط، وأخرى عن سبع، وأخرى عن أكثر من عشرين، بل وصل الأمر إلى الحديث عن شاكرات للحيوانات مثل الكلاب والقطط!
الخلاصة: ما الذي يجب أن نصدقه؟
من المهم أن نميز بين ما هو علمي مثبت، وما هو مجرد اعتقاد أو ممارسة تقليدية غير مدعومة بالأدلة. التأثير النفسي على الصحة الجسدية حقيقة مثبتة، لكن ليس بالطريقة التي تروج لها مدارس العلاج الشعوري أو الطاقة. فالمشكلات الجسدية الناتجة عن التوتر أو القلق تحدث بسبب تغيرات هرمونية وعصبية وعضلية، وليس بسبب إخفاقات أو تعلقات محددة في الحياة.
لذلك، يجب الحذر من الانسياق وراء المصطلحات الجديدة أو المدارس غير المعترف بها علميًا، والاعتماد على المصادر العلمية الموثوقة في فهم العلاقة بين النفس والجسد.
نصيحة أخيرة
إذا كنت تعاني من أعراض جسدية أو نفسية، استشر مختصًا في الطب النفسي أو الطب العام، ولا تعتمد على العلاجات غير المعتمدة أو الممارسات التي تفتقر للدليل العلمي. العلم هو الطريق الأفضل لصحة نفسية وجسدية سليمة.