حقيقة استخدام أسماء الله الحسنى في علوم الطاقة والتنمية البشرية: تحذير علمي وشرعي

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين أوساط التنمية البشرية و"علوم الطاقة" موجة جديدة تقوم على ربط أسماء الله الحسنى بمفاهيم الطاقة، الشاكرات، الذبذبات، وأحي

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 22,2025
6 دقائق
0

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين أوساط التنمية البشرية و"علوم الطاقة" موجة جديدة تقوم على ربط أسماء الله الحسنى بمفاهيم الطاقة، الشاكرات، الذبذبات، وأحيانًا حتى السحر والشعوذة. يدّعي مروجو هذه الأفكار أن في ترديد أسماء الله الحسنى أو "تفعيلها" أسرارًا خفية لجذب الرزق، الشفاء، النجاح، أو تحقيق الأمنيات. فما حقيقة هذه الممارسات؟ وما موقف الشرع والعقل منها؟ هذا المقال يسلط الضوء على هذه القضية، ويوضح الفروق الجوهرية بين الدعاء المشروع بأسماء الله الحسنى، وبين الانحرافات الخطيرة التي قد تصل إلى الشرك أو الإلحاد باسم الدين.

أولًا: أسماء الله الحسنى في العقيدة الإسلامية

أسماء الله الحسنى هي الأسماء التي أثبتها الله لنفسه في القرآن الكريم أو على لسان رسوله ﷺ، وهي تعكس صفات الكمال والجلال لله وحده. أمرنا الله بالدعاء بها:

"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" (الأعراف: 180).

الدعاء بأسماء الله الحسنى يعني أن نتوسل إلى الله ونتقرب إليه، فنقول: "يا رزاق ارزقني"، "يا شافي اشفني"، مع الإيمان بأن الله وحده هو الفاعل والمستجيب، وليس الاسم نفسه أو تكراره هو الذي يحقق المطلوب.

ثانيًا: كيف بدأت فكرة "تفعيل" أسماء الله الحسنى؟

ظهرت في بعض الدوائر الصوفية والباطنية، ثم انتقلت إلى مدارس الطاقة والتنمية البشرية، فكرة أن لكل اسم من أسماء الله طاقة أو ذبذبة خاصة. وبدأت بعض الدورات والكورسات تروج لفكرة أن ترديد الاسم بعدد معين وبطريقة معينة، مع تخيل "نور" أو "ذبذبات"، يفتح بوابات طاقية تحقق للإنسان ما يريد.

هذه الفكرة ليست من الإسلام في شيء، بل جذورها تعود إلى فلسفات غنوصية وهندية ويهودية (الكابالا)، حيث يتم ربط الحروف والأرقام بالطاقة، وتوزيعها على مراكز في الجسد (الشاكرات)، ثم إدخال أسماء الله الحسنى في هذه المنظومات لجذب ثقة المسلمين وتسويق الدورات.

ثالثًا: الفرق بين الدعاء المشروع والشرك الخفي

الدعاء المشروع: أن ترفع يديك إلى الله، وتدعوه بأسمائه وصفاته، مع اليقين أنه وحده القادر على الإجابة.

أما التفعيل الطاقي: فهو أن تعتقد أن الاسم نفسه أو تكراره بطريقة معينة هو الذي يحقق لك الرزق أو الشفاء أو النجاح، أو أن هذه "الطاقة" كامنة في داخلك وتحتاج فقط إلى "فتحها" أو "تفعيلها". هنا يقع الخطر، لأن الاعتقاد بأن الاسم أو الذبذبة أو الطاقة هي المؤثرة، هو شرك خفي، وانحراف عن التوحيد.

رابعًا: جذور فلسفية باطنية وخطر وحدة الوجود

أغلب هذه الأفكار مقتبسة من فلسفات وحدة الوجود، التي ترى أن الله والكون شيء واحد، وأن الإنسان يحمل في داخله جزءًا من الألوهية. فيتم تفسير أسماء الله الحسنى على أنها طاقات كامنة في الإنسان، ويُطلب من المريد أن "يفعّل" اسم الله في داخله، وكأنه يستمد من الله طاقة مباشرة أو يصبح هو نفسه "إلهًا صغيرًا" على الأرض (والعياذ بالله).

هذه الفلسفات تسللت إلى بعض طرق التصوف المنحرفة، ثم إلى مدارس الطاقة والتنمية البشرية، وأصبحت تقدم للناس على أنها "علم" أو "روحانيات إسلامية"، بينما حقيقتها شرك وإلحاد مقنع.

خامسًا: كيف يتم الترويج لهذه الأفكار؟

للأسف، كثير من المدربين والمعالجين بالطاقة في العالم العربي لجأوا إلى "أسلمة" هذه المفاهيم لجذب أكبر عدد من المتابعين، فصاروا يدمجون أسماء الله الحسنى مع الشاكرات، أو يربطونها بعلم الأرقام والكابالا، ويعقدون جلسات ذكر جماعية فيها رقص درويشي وأدوات صوتية غريبة، ويزعمون أن هذا كله من الإسلام أو من أسرار القرآن.

والأخطر أن هذه الدورات تستهدف فئة الشباب والمراهقين، الذين يبحثون عن حلول سريعة وسهلة لمشاكلهم، دون وعي بالعواقب الشرعية والنفسية الخطيرة لهذه الممارسات.

سادسًا: مخاطر الدخول إلى عالم الغيب والسحر

يحذر الإسلام من محاولة اقتحام عالم الغيب أو التواصل مع الجن أو استخدام الطلاسم والتعاويذ، حتى لو زُيّنت باسم الدين. فكل محاولة للتحكم في العالم الغيبي أو استجلاب قوى خفية لتحقيق الأمنيات هي من السحر والشعوذة، وقد توقع الإنسان في الشرك أو الكفر دون أن يشعر.

قال تعالى: "وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر" (البقرة: 102).

سابعًا: كيف يكون الدعاء الصحيح بأسماء الله الحسنى؟

الدعاء بأسماء الله الحسنى يكون وفق ما جاء في الكتاب والسنة، مع فهم معاني الأسماء والتوسل بها إلى الله، دون اعتقاد بوجود طاقات أو ذبذبات أو أسرار خفية فيها.

مثال: إذا ضاقت بك الحال، قل:

"يا رزاق ارزقني"، "يا كريم أكرمني"، "يا شافي اشفني".

ولا تجعل بينك وبين الله واسطة أو تميمة أو طاقة متخيلة.

ثامنًا: نصيحة للمدربين والمتابعين

  • للمدربين: احذروا من الوقوع في فخ أسلمة علوم الطاقة أو اقتباس فلسفات باطنية تحت ستار الدين. من لم يتحرّ الدليل من الكتاب والسنة فقد يضل ويضل الناس معه.
  • للمتابعين: لا تتبعوا كل من يتكلم باسم الدين أو يخلط بين العقيدة الإسلامية وعلوم الطاقة والشاكرات والأرقام. اسألوا عن الدليل، وارجعوا إلى العلماء الثقات.

تاسعًا: لماذا يلجأ الناس لهذه الطرق؟

كثير من الناس يبحثون عن حلول سريعة وسهلة لمشاكلهم، ويغريهم كل ما هو جديد أو "مضمون النتائج". لكن الطريق الصحيح هو الصبر، والتسليم لله، والرضا بالقضاء والقدر، والسعي المشروع في الحياة، مع التوكل على الله وحده.

عاشرًا: الخلاصة والتحذير

  • لا يوجد في الإسلام شيء اسمه "تفعيل" أو "طاقة" أسماء الله الحسنى.
  • الدعاء بأسماء الله الحسنى عبادة عظيمة، لكن استخدامها كأدوات لتحقيق الأمنيات أو الشفاء أو النجاح خارج إطار الكتاب والسنة هو انحراف خطير.
  • جذور هذه الأفكار فلسفية باطنية، وليست من الإسلام في شيء.
  • اقتحام عالم الغيب أو محاولة التحكم فيه أو التواصل مع الجن أو استخدام الطلاسم مرفوض شرعًا وخطر على العقيدة.
  • واجبنا جميعًا التحذير من هذه الممارسات، ونشر الوعي الصحيح، والتمسك بالكتاب والسنة.

وأخيرًا

أسماء الله الحسنى باب عظيم للتقرب إلى الله والدعاء إليه، لا باب للسحر والشعوذة والباطنية.

احفظوا توحيدكم، وكونوا على وعي بما يُروج تحت ستار الدين.

قال تعالى:

"فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا" (الكهف: 110).

بقلم: فريق التحرير التعليمي

نرحب بتعليقاتكم وأسئلتكم حول هذا الموضوع الهام، ونشجعكم على الرجوع دومًا إلى العلماء الثقات في كل ما يخص أمور العقيدة والدين.

https://www.youtube.com/watch?v=CNgFxALi1Eg

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك