حقيقة تقنية "البيكي مكسز" في دورات الطاقة: رؤية نقدية
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والتقنيات المتعلقة بالطاقة والتنمية الذاتية، ومن أشهرها ما يُعرف بتقنية "الأكسس بارز" (Access Bars) وأدوا
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والتقنيات المتعلقة بالطاقة والتنمية الذاتية، ومن أشهرها ما يُعرف بتقنية "الأكسس بارز" (Access Bars) وأدواتها المختلفة، مثل "البيكي مكسز" (Pecumixes). يروج لهذه التقنيات على أنها تفتح آفاق الوعي، وتحقق الراحة النفسية، وتساعد الإنسان على التحرر من القيود الذهنية والروحية. لكن ما حقيقة هذه التقنيات؟ وما مدى توافقها مع العقيدة الإسلامية؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال.
الحماية الإلهية والرقابة الروحية في الإسلام
قبل الغوص في تفاصيل هذه التقنيات، من المهم أن نذكر أن الإنسان في الإسلام محاط بعناية إلهية عظيمة. فقد جعل الله لكل منا ملائكة تكتب أعمالنا وتحفظنا، كما أن هناك قريناً من الملائكة يدفع الإنسان لفعل الخير، وقريناً من الجن يوسوس له بالشر. هذه المنظومة الإلهية تضمن التوازن النفسي والروحي للإنسان، وتعينه على اتخاذ القرارات الصحيحة، خاصة في الأمور المتعلقة بالإيمان والعبادة.
الأكسس بارز والبيكي مكسز: ما هي؟
تقنية الأكسس بارز هي واحدة من الدورات المنتشرة في مجال الطاقة والتنمية الذاتية، وتدّعي أنها تساعد على إزالة العوائق الذهنية والنفسية من خلال لمس نقاط معينة في الرأس وترديد عبارات أو "توكيدات". من بين الأدوات التي تروج لها هذه التقنية أداة تُسمى "البيكي مكسز"، والتي يُقال إنها قادرة على إحداث تغيير جذري في شخصية الإنسان من خلال "حذف" كيان معين داخل الجسد، يُزعم أنه يقود العقل والجسد بشكل تلقائي.
أصل المصطلح وفكرته
كلمة "بيكي مكسز" هي تجميع لحروف كلمات إنجليزية تعبر عن صفات أو أجزاء من الإنسان مثل الأجسام، الرؤوس، الملامح، المواهب، المساعي، المصفوفات، والأشكال. مبتكر التقنية، جاري دوجلاس، يدعي أن "البيكي مكسز" هو كيان مكتشف داخل الإنسان، وأنه بمجرد لمس نقاط معينة في الرأس وترديد تعويذات محددة، يمكن حذف هذا الكيان نهائياً، ليصبح الإنسان هو القائد الوحيد لجسده وعقله.
التعويذات ودورها
في جلسات الأكسس بارز، يُطلب من المتدربين ترديد تعويذات أو عبارات معينة (غالباً بالإنجليزية) بعدد معين وبتكرار محدد. يُقال إن هذه التعويذات هي مفتاح التغيير العميق، وأنها تساعد على "حذف" الكيان المذكور وإعادة برمجة العقل والوعي. لكن عند التدقيق في هذه التعويذات، نجد أنها تشبه إلى حد كبير تعويذات استحضار الكيانات الروحية في بعض الديانات والممارسات الروحانية الأخرى، مثل اليوغا وسحر الطاقة.
المخاطر الروحية والعقائدية
من خلال تحليل هذه الممارسات، يتضح أن الخطر الأكبر يكمن في استهداف القرين الملائكي، أي ذلك الجانب الروحي الذي يدفع الإنسان نحو الخير ويذكره بالله وبالحساب. فعندما يُطلب من المتدرب أن "يحذف" هذا الكيان من داخله، فإنه عملياً يترك المجال مفتوحاً لسيطرة القرين الشيطاني، الذي يوسوس له بالشر ويبعده عن طريق الهداية.
هذا التغيير لا يظهر فقط في الشعور بالراحة المؤقتة أو التحرر من الضغوط، بل قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في السلوك والمعتقدات، مثل التخلي عن الصلاة أو العبادات، بل وحتى الانجراف نحو الإلحاد الروحي أو الانفصال التام عن الشعور بالذنب والتوبة.
خداع تحت مسميات براقة
يُروج لهذه التقنيات تحت مسميات مثل "الاسترخاء"، "التحرر"، أو حتى "الرُقية الشرعية"، لإقناع الناس بأنها آمنة ومفيدة. لكن في الحقيقة، هي ممارسات قائمة على فلسفات روحية دخيلة، بعضها مستمد من الهندوسية أو من طقوس استحضار الأرواح والجن، كما اعترف بذلك مبتكر التقنية نفسه.
موقف الشريعة الإسلامية
من المهم التأكيد أن الشريعة الإسلامية تحذر من اللجوء إلى مثل هذه الممارسات، خاصة تلك التي تعتمد على تعويذات غير مفهومة أو استحضار كيانات غيبية. فقد استُشير عدد من العلماء وطلاب العلم في هذا الشأن، وأجمعوا على أن هذه الممارسات لا تمت للرقية الشرعية بصلة، بل قد تدخل في باب الشرك أو التعامل مع الشياطين.
كما أن فكرة حذف القرين الملائكي أو التواصل مع الملائكة عبر هذه التقنيات هي خرافة لا أساس لها في العقيدة الإسلامية، إذ لا يمكن للإنسان أن يتواصل مع الملائكة إلا بإرادة الله وحده ولحكمة يعلمها هو سبحانه.
الخلاصة: وعي وحذر
في ظل الانتشار الواسع لهذه الدورات، من الضروري أن يتحلى الإنسان بالوعي والحذر، وألا ينجرف وراء كل جديد دون تمحيص أو سؤال أهل العلم. فليس كل ما يروج له تحت مسمى "الطاقة" أو "التنمية الذاتية" آمن أو متوافق مع قيمنا ومعتقداتنا. بل قد يكون باباً خطيراً للانحراف الروحي والابتعاد عن الطريق المستقيم.
وأخيراً، تذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"، فالهداية والتوفيق بيد الله وحده، والاعتماد على النفس فقط دون الاستعانة بالله وملائكته قد يؤدي إلى الضياع والانحراف.
حافظوا على توازكم النفسي والروحي بالتمسك بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه، واستعينوا بالله في كل أموركم، وابتعدوا عن كل ما يشوب عقيدتكم أو يهدد سلامتكم الروحية.
https://www.youtube.com/watch?v=idTFtU0y9js