اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

حوار حول الطاقات، الكارما، وتحضير الأرواح: بين العلم والدين والتجربة الشخصية

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم المرتبطة بالطاقة، الكارما، الشاكرات، وتحضير الأرواح في العالم العربي، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم المرتبطة بالطاقة، الكارما، الشاكرات، وتحضير الأرواح في العالم العربي، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبين مؤيد ومعارض، دار نقاش طويل بين مجموعة من المتخصصين والمهتمين بهذه القضايا، تناولوا فيه أصول هذه المفاهيم، مدى توافقها مع العقيدة الإسلامية، وتجارب بعض الأفراد مع هذه الممارسات. في هذا المقال، سنستعرض أبرز محاور هذا الحوار، ونحللها من منظور علمي وشرعي وتجريبي.

1. الطاقات الخفية: بين العلم والخرافة

بدأ النقاش حول ما يسمى بـ"الطاقات الخفية" التي يعتقد البعض أنها تؤثر في الإنسان وحياته. هناك من يرى أن هذه الطاقات تشبه القوى الفيزيائية غير المرئية مثل موجات الراديو أو البلوتوث، والتي لا نراها لكن نلمس آثارها. في المقابل، يرى آخرون أن هذه المقارنة غير دقيقة، لأن القوى الفيزيائية مثبتة علمياً ويمكن قياسها، بينما "الطاقات" المزعومة لا تستند إلى قواعد علمية مثبتة، بل تعتمد غالباً على التجربة الشخصية أو المعتقدات الشعبية.

وجهة نظر علمية:

العلم الحديث يعتمد على التجربة والبرهان، وكل قوة أو طاقة يتم الاعتراف بها يجب أن تكون قابلة للقياس والتكرار. أما الطاقات التي يتحدث عنها البعض في سياق العلاج أو التأثير الروحي، فغالباً ما تفتقر إلى الدليل العلمي، وتبقى في إطار التجارب الشخصية أو التأويلات الذاتية.

2. العين والحسد: حقيقة غيبية أم طاقة سلبية؟

انتقل الحوار إلى موضوع العين والحسد، حيث أشار بعض المشاركين إلى أن تأثير العين والحسد مذكور في القرآن والسنة، لكن لا يوجد ما يسمى "طاقة" تنتقل بين الحاسد والمحسود. بل هي أمور غيبية من علم الله، ولا يمكن للبشر الإحاطة بكيفيتها.

وجهة نظر شرعية:

اتفق معظم المشاركين على أن العين والحسد حق، لكن تفسيرها على أنها "طاقة" تنتقل بين الأشخاص لا يستند إلى نصوص شرعية، بل هو تأويل حديث مستورد من ثقافات أخرى مثل الهندوسية والبوذية.

3. الكارما والطاقة الإيجابية والسلبية: أصولها وموقف الإسلام منها

من المحاور الأساسية في النقاش كان موضوع الكارما، وهو مفهوم مأخوذ من الديانات الشرقية، ويعني أن أفعال الإنسان تعود إليه في حياته أو في حيوات أخرى، وأن هناك طاقة إيجابية وسلبية تتولد من الأفعال والمشاعر.

النقد الشرعي:

أوضح العلماء المشاركون أن مفهوم الكارما دخيل على العقيدة الإسلامية، ولا يوجد في القرآن أو السنة ما يشير إلى أن الذنوب أو الحسنات تخلق "طاقة" تؤثر على الإنسان أو على ذريته بهذا المفهوم. بل في الإسلام هناك مبدأ الثواب والعقاب، وكل إنسان يُحاسب على عمله، ولا يحمل وزر غيره.

النقد المنطقي:

إذا طبقنا مفهوم الكارما على الأنبياء، كما حاول البعض، فإن ذلك يؤدي إلى مغالطات خطيرة، كأن نقول إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم تأثر بكارما أجداده، وهذا لا يقبله عقل ولا نقل.

4. تحضير الأرواح: حقيقة أم وهم؟

أثار موضوع تحضير الأرواح جدلاً واسعاً، حيث عرضت إحدى المشاركات تجربتها مع شخص يزعم أنه يستطيع التواصل مع أرواح الأولياء أو الأجداد، وأن هذه الأرواح تتكلم على لسانه في جلسات معينة.

الرأي الشرعي:

أكد العلماء أن تحضير الأرواح بهذا الشكل لا أصل له في الإسلام، وأن الأرواح بعد الموت تنتقل إلى عالم البرزخ، ولا يمكن استحضارها أو التواصل معها. وما يحدث في جلسات تحضير الأرواح غالباً ما يكون تلاعباً من الجن والشياطين، وليس تواصلاً مع أرواح الموتى.

التجربة الشخصية:

ذكرت بعض المشاركات أنهن شهدن حالات غريبة أثناء جلسات تحضير الأرواح، لكنهن أكدن أنهن لا يستطعن الجزم بحقيقة ما حدث، وأن الأمر يبقى في دائرة الشك والتجربة الشخصية، ولا يمكن تعميمه أو اعتباره حقيقة علمية أو دينية.

5. خطر الممارسات الروحية غير المنضبطة

حذر بعض المتداخلين من خطورة الانخراط في ممارسات مثل اليوغا، فتح الشاكرات، قراءة الأبراج، أو اللجوء إلى مدربي الطاقة دون وعي أو علم. فقد روت إحدى المشاركات تجربتها المؤلمة مع مدربة طاقة استخدمت أساليب غامضة وأكواد وأذكار معينة، مما أدى إلى تدهور حالتها الصحية والنفسية بشكل كبير.

الدروس المستفادة:

  • ضرورة التحصين الشرعي: التمسك بالقرآن والسنة هو الحصن المنيع ضد الخرافات والشعوذة.
  • الحذر من الدجالين: كثير من مدربي الطاقة أو من يدعون العلاج الروحي يستغلون حاجات الناس وجهلهم لتحقيق مكاسب شخصية.
  • العلم هو الفيصل: لا بد من عرض أي ممارسة جديدة على ميزان العلم والدين قبل الانخراط فيها.

6. خلاصة ونصائح عملية

  • لا تقبل كل ما يُعرض عليك دون تمحيص: ليس كل ما يقال عن الطاقات أو الكارما أو تحضير الأرواح صحيحاً أو مفيداً.
  • ارجع إلى أهل العلم: في القضايا الشرعية والعقدية، استشر العلماء الموثوقين قبل أن تتبنى أي فكرة جديدة.
  • احذر من التجارب الشخصية غير المنضبطة: ما يراه البعض تجربة روحية قد يكون في حقيقته وهماً أو حتى ضرراً نفسياً أو جسدياً.
  • تمسك بالقرآن والسنة: فيهما الهداية والنور الحقيقي، ولا حاجة للبحث عن "طاقات" أو "قوى خفية" خارج إطار الدين والعلم.

ختاماً

إن انتشار مفاهيم الطاقة والكارما وتحضير الأرواح في مجتمعاتنا يتطلب منا وقفة تأمل ونقد، وضرورة العودة إلى الأصول العلمية والشرعية في فهم هذه القضايا. فبينما قد يجد البعض في هذه الممارسات راحة نفسية مؤقتة أو إجابات سهلة لأسئلتهم، إلا أن العواقب قد تكون وخيمة إذا لم يتحلَّ الإنسان بالوعي والتحصين العلمي والديني. تذكر دائماً: ليس كل ما يلمع ذهباً، وليس كل ما يُسمى "طاقة" أو "روحانية" هو حق أو خير.

مصادر للقراءة والتوسع:

  • القرآن الكريم وتفسيره في قضايا الغيب والروح.
  • كتب العقيدة الإسلامية حول السحر والشعوذة.
  • أبحاث علم النفس حول تأثير الإيحاء والتجربة الشخصية.
  • دراسات نقدية حول اليوغا والشاكرات والطاقة في الثقافات الشرقية.

رسالة أخيرة:

احرص على سلامة عقيدتك وصحتك النفسية والجسدية، ولا تتبع كل جديد دون علم أو برهان. العلم والدين هما النور الحقيقي في عالم تكثر فيه الظواهر الغامضة والدعاوى البراقة.

https://www.youtube.com/watch?v=AKHPcCaE_0s

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك