اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كشف حقيقة "علوم الطاقة": تجارب شخصية ونقاشات علمية حول مخاطرها

في السنوات الأخيرة، انتشرت ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" والتأملات الشرقية على نطاق واسع في العالم العربي، خاصة بين النساء والشباب. كثيرون انجذبوا لهذه الم

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" والتأملات الشرقية على نطاق واسع في العالم العربي، خاصة بين النساء والشباب. كثيرون انجذبوا لهذه الممارسات بحثًا عن الشفاء النفسي والجسدي، أو رغبة في تطوير الذات، أو حتى بدافع الفضول. لكن مع مرور الوقت، بدأت تظهر أصوات تحذيرية من خطورة هذه الممارسات على الصحة النفسية والعقيدة الدينية، بل وعلى العلاقات الاجتماعية والأسرية.

في هذا المقال، سنستعرض خلاصة نقاش طويل بين مجموعة من المتخصصين والمهتمين، وبعضهم من الممارسين السابقين لعلوم الطاقة، حيث شاركوا تجاربهم الشخصية، وناقشوا جذور هذه الممارسات، وأثرها، وكيفية التعامل مع من لا يزالون يؤمنون بها.

1. بداية الطريق: الانبهار ثم الصدمة

تروي إحدى المشاركات تجربتها بقولها:

"كنا نعتقد أن جلسات رفع الاستحقاق والتأمل الذاتي تحمينا من الأمراض وتمنحنا مناعة قوية. كنت أمارس هذه الجلسات يوميًا، وأشعر أنني أستحق الأفضل، حتى ظننت أنني لن أمرض أبدًا. لكن بعد فترة، بدأت ألاحظ أن ذاكرتي تضعف، وأني أنسى معلومات مهمة، حتى أمور دينية كنت أحفظها بدأت تتلاشى من ذاكرتي."

هذه التجربة ليست فريدة. كثير من الممارسين السابقين تحدثوا عن تدهور في الذاكرة والتركيز، وشعور عام بالضياع بعد تركهم لمجال الطاقة. بعضهم شبه الأمر بفقدان الذاكرة الجزئي، حيث تختفي سنوات من الذكريات أو تتحول إلى مجرد "فلاشات" عابرة.

2. التأمل و"علوم الطاقة": بين العلم والوهم

خلال النقاش، تم التطرق إلى أصل هذه الممارسات. أوضحت الأستاذة روز، المتخصصة في علم النفس الإكلينيكي، أن كثيرًا من "علوم الطاقة" المنتشرة اليوم ليست مبنية على أسس علمية، بل مستمدة من فلسفات وديانات شرقية مثل الهندوسية والبوذية. وأكدت أن علم النفس الحديث لا يعترف بمفهوم "الطاقة" بهذا الشكل، وأن ما يُسمى بـ"العلاج بالطاقة" أو "تنظيف الشاكرات" لا يوجد له أي أساس علمي أو طبي.

كما تم توضيح الفرق بين التأمل بمعناه العلمي (التفكر والتدبر الذهني) وبين التأمل السكوني المستورد من الشرق، والذي يهدف إلى "إسكات العقل" والدخول في حالات غياب الوعي. وأشار المشاركون إلى أن هذه الحالات قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية أو حتى فتح أبواب للتأثر بأفكار ومعتقدات غريبة.

3. مخاطر الممارسات الطاقية: الصحة والعقيدة

تناولت النقاشات أيضًا الأضرار الصحية والنفسية الناتجة عن ممارسات الطاقة والتنفس العميق، مثل تمارين "ويم هوف" أو "ريبيرث"، حيث تحدثت إحدى المشاركات عن تجربتها مع هذه التمارين:

"شعرت بتخدير في الأطراف، فقدان للوعي، هلوسات، وكوابيس متكررة بعد الجلسات. المدربة كانت تقول إن هذا دليل على أن اللاوعي بدأ يعمل! لكنني أصبت لاحقًا بنوبات هلع واكتئاب."

أما من الناحية الدينية، فقد حذر المتخصصون من أن كثيرًا من هذه الممارسات تتعارض مع العقيدة الإسلامية، خاصة عندما يتم ربطها بأذكار وأوراد غير ثابتة، أو يتم استحضار أرواح أو كيانات مجهولة تحت مسمى "الطاقة" أو "الهالة". وأكدوا أن هذه الممارسات قد تكون بوابة للانحراف العقائدي أو حتى التعامل مع الجن والشياطين دون علم الممارس.

4. لماذا يتمسك الناس بعلوم الطاقة؟

طرحت إحدى المشاركات سؤالًا مهمًا: لماذا يصعب إقناع الممارسين بترك هذه الممارسات، خاصة من ينتمون للمدارس "النورانية" أو الصوفية الباطنية؟

أجاب أحد المتخصصين بأن هذه الممارسات تمنح شعورًا زائفًا بالتميز والوعي العالي، وتوفر للممارس مجتمعًا داعمًا ولغة خاصة، بالإضافة إلى وعود بتحقيق الأمنيات والشفاء السريع. كما أن بعض المدربين والمدربات يحققون شهرة ومكانة اجتماعية من خلال هذه الدورات، مما يجعل التخلي عنها صعبًا نفسيًا واجتماعيًا.

5. كيف نواجه انتشار علوم الطاقة؟

اتفق المشاركون على أن المواجهة يجب أن تكون علمية وتوعوية، مع التركيز على:

  • التحقق من المصادر: عدم تصديق أي معلومة أو ممارسة لمجرد انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي أو بسبب شهرة المدرب.
  • العودة للعلم الصحيح: الاستناد إلى الأبحاث العلمية الموثوقة، وعدم الانجرار وراء الطب البديل غير المعتمد أو الممارسات غير المثبتة.
  • التوعية المجتمعية: نشر الوعي بين الأهل والأصدقاء، خاصة الأمهات والنساء، حول مخاطر هذه الممارسات، وكيفية التمييز بين العلم والدجل.
  • التمسك بالدين: العودة إلى الأذكار والأوراد الثابتة في السنة النبوية، وعدم الابتداع في الدين أو الانجراف وراء أوراد وأعداد غير مأثورة.
  • دعم المتعافين: تشجيع من تركوا هذه الممارسات على مشاركة تجاربهم، ومساندتهم نفسيًا واجتماعيًا، وعدم التقليل من معاناتهم أو التشكيك في نواياهم.

6. نصائح عملية للمتعافين وأسرهم

  • لا تتسرع في العودة: الانتكاسة واردة، خاصة لمن كان مدربًا أو ممارسًا نشطًا. احرص على تثبيت توبتك بالعلم والذكر والصحبة الصالحة.
  • اقرأ وتثقف: تعرف على الجذور الفكرية والدينية لعلوم الطاقة، واقرأ كتبًا موثوقة مثل كتب د. فوز كردي ود. هيفاء أرشيد.
  • لا تعزل نفسك: شارك في مجموعات الدعم، واطلب المساعدة من متخصصين في علم النفس أو الدين إذا شعرت بالحيرة أو الاضطراب.
  • احذر من "المنطقة الرمادية": بعض الأطباء أو المختصين قد يخلطون بين العلم والدجل دون قصد، فكن واعيًا ولا تتردد في الاستفسار والتأكد.

7. كلمة أخيرة: رسالتنا في التوعية

إن مواجهة "علوم الطاقة" ليست حربًا ضد الأشخاص، بل ضد الجهل والخرافة والابتداع. نحن بحاجة إلى جهد جماعي لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم، مع الحفاظ على النية الصافية والرحمة في الحوار. فكل من يخرج من هذا النفق المظلم هو مكسب لنفسه وأسرته ومجتمعه.

وأخيرًا، تذكروا أن العلم الحقيقي لا يتعارض مع الدين، وأن الطريق إلى السعادة والراحة النفسية يبدأ من الداخل، بالإيمان والعمل الصالح، لا بالبحث عن حلول سحرية أو ممارسات غامضة.

المصادر المقترحة للقراءة:

  • كتب د. فوز كردي حول نقد الفكر الوافد.
  • قناة "سحر الطاقة واليوغا" على يوتيوب.
  • كتب د. هيفاء أرشيد عن فلسفات الطاقة.
  • الاستشارة مع علماء الدين وأخصائيي علم النفس الموثوقين.

ساهم في نشر الوعي: شارك هذا المقال مع من تحب، وكن سببًا في إنقاذ نفس من وهم "علوم الطاقة".

https://www.youtube.com/watch?v=QhdV2XX_OSE

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك