كشف حقيقة علوم الطاقة والتنمية الذاتية: بين الحقيقة والخرافة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات وورش عمل حول ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" والتنمية الذاتية، حتى أصبحت حديث الكثيرين في المجتمعات العربية. يروج
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع دورات وورش عمل حول ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" والتنمية الذاتية، حتى أصبحت حديث الكثيرين في المجتمعات العربية. يروج بعض المدربين والمدربات لهذه العلوم باعتبارها طريقًا للسعادة، الشفاء، النجاح، وتحقيق الأماني. لكن هل هذه العلوم حقًا نافعة؟ أم أنها تحمل في طياتها مخاطر دينية ونفسية واجتماعية؟ في هذا المقال، نناقش بموضوعية وحذر ما يدور في كواليس هذا المجال، ونكشف أساليب التدليس والتسويق التي تُستخدم لجذب الشباب والفتيات.
بداية القصة: كيف يُسوّق علم الطاقة؟
يبدأ بعض المدربين والمدربات في تقديم أنفسهم عبر منصات التواصل الاجتماعي كأشخاص متدينين، يشاركون أذكار الصباح والمساء، صورًا للمصحف والسجادة، وينصحون بقراءة سورة الكهف يوم الجمعة. هذه الصورة الإيمانية تهدف إلى طمأنة المتابعين بأن ما يقدمونه لا يتعارض مع الدين، بل ويعززه. لكن خلف هذه الصورة البراقة، يُروجون لدورات في التنجيم، قراءة الطالع، شحن الصور، جلسات الطاقة، وبيع منتجات تحمل طابعًا روحانيًا أو غيبيًا.
الحيلة النفسية: "هذا العلم لا يناسب الجميع"
من الأساليب النفسية المتبعة في التسويق لعلوم الطاقة، الادعاء بأن هذه العلوم "لا تناسب كل من هب ودب"، بل هي فقط للأشخاص المميزين، الواثقين من أنفسهم، والفطنين. هذه الحيلة تثير تحدي المتلقي، وتدفعه للإيمان بأنه من القلة المختارة القادرة على فهم هذه الأسرار، فينجرف نحو التجربة بدافع إثبات الذات.
مقارنة مخادعة: الطاقة ليست كالكيمياء أو الفيزياء
يستغل بعض المدربين جهل المتابعين فيخلطون بين العلوم التجريبية مثل الكيمياء والفيزياء وعلوم الطاقة، مدعين أن العلماء في الماضي حُوربوا واتُهموا بالسحر أو الكفر، ثم تبيّن أن علومهم نافعة. لكن الفارق الجوهري أن العلوم التجريبية تقوم على التجربة والدليل، بينما علوم الطاقة ترتبط غالبًا بمعتقدات وثنية، رموز غامضة، وأفكار مستوردة من ثقافات لا تمت للإسلام بصلة.
الخطر الديني: أين يقع الشرك والكفر؟
من أخطر ما في علوم الطاقة هو ترويج بعض الممارسات التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية، مثل التنجيم، قراءة الطالع، الربط بالكواكب، شحن الصور، وفك التعلقات الروحية بطرق غيبية. هذه الممارسات ليست مجرد تمارين نفسية أو استرخاء، بل تدخل في باب الكهانة والشرك بالله، كما حذر العلماء ووضحوا في فتاوى موثقة. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".
ضحايا الطاقة: تجارب واقعية مؤلمة
للأسف، كثير من الفتيات والشباب يدخلون هذا المجال بحثًا عن حل لمشاكلهم النفسية أو الأسرية، فيجدون أنفسهم بعد فترة يعانون من القلق، الاكتئاب، الأحلام المزعجة، فقدان التركيز، بل وبعضهم ينفق مبالغ طائلة دون أي تحسن حقيقي. بعضهن يشتكين من أعراض جسدية ونفسية بعد جلسات "تنظيف الشاكرات" أو "فك التعلق"، ويقعن في عزلة عن أسرهن ومجتمعهن.
الجانب التجاري: بزنس على حساب العقول
لا يخفى على أحد أن هذه الدورات أصبحت تجارة رابحة، حيث تُباع جلسات التأمل، قراءة التاروت، دورات التنجيم، وحتى "الصور المشحونة" بأسعار خيالية، دون أي رقابة أو ضمان للنتائج. فكل شيء يُباع: جلسة قراءة مستقبل، فك سحر، شحن صورة، وكل ذلك تحت غطاء "تطوير الذات" أو "تعزيز الإيمان بالخالق"!
الرد العلمي والشرعي
العلماء وطلبة العلم أكدوا مرارًا أن هذه الممارسات ليست من الدين في شيء، وأنها تقوم على أفكار وثنية أو خرافية. لا يوجد في الإسلام ما يسمى "شحن الصور" أو "تنظيف الشاكرات" أو "قراءة الطالع" أو "ربط الإنسان بالكواكب". المسلم مأمور بالتوكل على الله، الأخذ بالأسباب المشروعة، والابتعاد عن كل ما فيه شرك أو دجل أو استغلال للناس.
كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟
- التوعية: يجب على الأسر والمدارس والمؤسسات الدينية توعية الشباب بمخاطر هذه العلوم الزائفة، وشرح الفارق بين العلم الحقيقي والخرافة.
- التحقق من مصادر العلم: لا تأخذوا العلم إلا من مصادر موثوقة، وابتعدوا عن كل من يخلط الدين بالخرافة أو يبيع الأوهام.
- الدعم النفسي الصحيح: إذا كان لديك مشكلة نفسية أو اجتماعية، الجأ إلى مختصين نفسيين مرخصين، ولا تترك نفسك فريسة للمدعين.
- المراقبة الأسرية: راقبوا ما يتابعه الأبناء على الإنترنت، وكونوا قريبين منهم حتى لا يقعون في فخ هذه الدورات.
الخلاصة
علوم الطاقة والتنمية الذاتية التي تُروَّج اليوم ليست إلا غطاءً لممارسات خطيرة دينيًا ونفسيًا واجتماعيًا، وتستغل حاجات الناس وضعفهم لتحقيق أرباح مادية. واجبنا جميعًا أن نحذر منها، ونحذر أبناءنا وبناتنا، ونعيدهم إلى جادة العلم الصحيح والدين القويم. فالعقل والدين هما الحصن الحقيقي للإنسان في مواجهة الخرافة والدجل.
شارك المقال مع من تحب، وكن سببًا في حماية مجتمعك من هذه الموجة الخطيرة.
https://www.youtube.com/watch?v=kGe5huBAB1Q