اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كشف حقيقة "مدارس الطاقة" والطقوس الغامضة: بين العلم والدين

في السنوات الأخيرة، انتشرت في المجتمعات العربية موجة من الأفكار والممارسات التي تُعرف بـ"مدارس الطاقة" أو "المدارس النورانية". يدعي أنصار هذه المدارس

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
7 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت في المجتمعات العربية موجة من الأفكار والممارسات التي تُعرف بـ"مدارس الطاقة" أو "المدارس النورانية". يدعي أنصار هذه المدارس أنهم يحملون رسالة لنشر الوعي الروحي، وأنهم يمتلكون طرقًا خاصة للتواصل مع "طاقات كونية" أو "أبعاد روحية" غير مرئية. لكن ما حقيقة هذه الأفكار؟ وما علاقتها بالدين والعلم؟ وما هي المخاطر التي قد تنجم عن الانخراط فيها؟ هذا المقال يسلط الضوء على هذه التساؤلات من خلال حوار علمي وديني، مدعوم بتجارب واقعية ونصائح عملية.

بداية القصة: انسحاب "عمال النور" وعودة الأفكار القديمة

انتشرت مؤخرًا منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن انسحاب عدد كبير من "عمال النور" من الساحة، بزعم أن مهمتهم في نشر الوعي قد انتهت. ويُقال إن الأفكار القديمة والموروثات ستعود للانتشار، في مقابل تراجع الحديث عن "الوعي" و"الطاقات". هذه الظاهرة تثير تساؤلات حول حقيقة هذه المدارس، وأهدافها، ولماذا تظهر وتختفي بهذه الطريقة.

مدارس الطاقة: أفكار مستحدثة بلباس الأصالة

يؤكد بعض المتخصصين أن كثيرًا من هذه الأفكار ليست إلا مفاهيم مستحدثة، يتم تسويقها على أنها امتداد لتراث قديم أو حكمة أصيلة. في الواقع، هي خليط من فلسفات شرقية، وممارسات صوفية منحرفة، وأحيانًا طقوس غامضة مستوردة من حضارات بعيدة، يتم تغليفها بمصطلحات إسلامية أو دينية لخداع الناس.

ومن هنا يأتي التحذير: ليس كل ما يُقال عنه "وعي" أو "تأمل" أو "طاقة" له أصل في الدين أو العلم. بل إن بعض هذه الممارسات قد تحمل في طياتها أفكارًا باطنية أو شركية، أو حتى مخاطر نفسية وجسدية.

دور المؤسسات الدينية والعلمية في كشف الزيف

من اللافت أن بعض العلماء والأكاديميين، مثل الدكتورة فوز كردي والدكتورة هيفاء الرشيد، بذلوا جهودًا كبيرة في كشف حقيقة هذه المدارس، وبيان خطورتها من الناحية العقدية والاجتماعية. كما أن بعض الجامعات والمؤسسات الأكاديمية بدأت تدرس هذه الظواهر بشكل علمي وموضوعي، رغم أن الحديث عنها لا يزال محظورًا أو محدودًا في كثير من الدول الإسلامية.

تجارب واقعية: معاناة ضحايا مدارس الطاقة

من المؤسف أن هناك العديد من القصص الواقعية لأشخاص تورطوا في هذه المدارس، وانتهى بهم المطاف إلى حالات نفسية وجسدية خطيرة. بعضهم أصيب باكتئاب حاد، أو وساوس قهرية، أو حتى محاولات إيذاء النفس. وهناك من فقدوا القدرة على التواصل مع أسرهم، أو تعرضوا لنوبات هلوسة بعد تعاطي مشروبات أو أعشاب مهلوسة تحت إشراف "معالجين روحانيين".

إحدى القصص المؤلمة كانت لفتاة دخلت في دوامة من الاكتئاب الشديد، ورفضت الأكل والشرب، وظهرت عليها أعراض نفسية وجسدية خطيرة بعد انخراطها في طقوس الطاقة. نصيحة المختصين في مثل هذه الحالات كانت واضحة: ضرورة اللجوء إلى الرقية الشرعية، والعلاج النفسي، والابتعاد التام عن هذه الممارسات.

العلاقة بين اليوغا، التأمل، والمخدرات المهلوسة

من أخطر ما لوحظ في السنوات الأخيرة هو الربط بين تمارين التأمل واليوغا، وبين تعاطي مواد مهلوسة مثل مشروب "الآياواسكا" أو مادة "DMT" (المعروفة أيضًا بـ"الفيل الأزرق"). هذه المواد تسبب هلوسات سمعية وبصرية، وقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة على الصحة النفسية والعقلية، مثل فقدان الوعي، أو الإصابة بجلطات دماغية، أو حتى ارتكاب جرائم بشعة تحت تأثير الهلوسة.

للأسف، بعض الشباب يسافرون إلى غابات الأمازون خصيصًا لتعاطي هذه المشروبات ضمن "رحلات روحية" أو "تجارب استكشافية" لمعرفة "من هو الله" أو "التواصل مع الأبعاد الأخرى". هذه الممارسات ليست سوى استدراج شيطاني، وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة يصعب علاجها.

التحذير من البدع الدينية والتلاعب بالعقيدة

من أخطر ما تطرحه مدارس الطاقة هو التلاعب بالنصوص الدينية، وإدخال مفاهيم باطنية تحت ستار الذكر أو العبادة. فمثلاً، يتم الترويج لتكرار الأذكار أو الصلوات بعدد معين بزعم تحقيق نتائج خارقة، أو ممارسة طقوس غريبة بدعوى التقرب إلى الله. في حين أن السنة النبوية واضحة في تحديد أعداد الأذكار المشروعة، وأي زيادة أو اختراع في الدين يعد من البدع.

وقد حذر العلماء من خطورة هذه البدع، وبيّنوا أن الشيطان قد يدخل على الإنسان من باب العبادة ليوقعه في الضلال، وأن الطريق الصحيح هو التمسك بالكتاب والسنة وفهم الصحابة، وعدم الانجرار وراء كل جديد أو غريب.

التفريق بين الغيب النسبي والغيب المطلق

من القضايا الفكرية المهمة التي يخلط فيها كثير من الناس هي مسألة الغيب. فهناك من يظن أن عالم الجن أو الطاقات الخفية يمكن معرفته أو التحكم به، ويعتبره غيبًا نسبيًا، في حين أن العقيدة الإسلامية تؤكد أن عالم الجن غيب مطلق لا يجوز الخوض فيه إلا بما ورد في القرآن والسنة. هذا الخلط يؤدي إلى انزلاق الكثيرين في أوهام وشبهات خطيرة.

نصائح عملية للوقاية والحماية

  • تعلم العقيدة الصحيحة: لا تكتفِ بسماع المشايخ أو متابعة القنوات الدينية، بل اقرأ بنفسك من مصادر موثوقة مثل كتاب "مختصر الفقه الإسلامي في ضوء الكتاب والسنة" للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري.
  • التحقق من كل ممارسة أو ذكر: قبل أن تتبع أي طريقة أو ذكر أو طقس، اسأل: هل ورد هذا في القرآن أو السنة؟ هل فعله الصحابة أو السلف الصالح؟
  • الحذر من النوادي الرياضية التي تروج لليوغا أو التأمل: كثير من النوادي النسائية تدخل تمارين اليوغا أو التأمل بحسن نية، لكن قد تكون بوابة للانخراط في أفكار الطاقة.
  • الابتعاد عن كل ما فيه شبهة شرك أو بدعة: لا تتبع أي ممارسة فيها استغاثة بالأموات، أو طقوس غريبة، أو تكرارات غير مشروعة.
  • الرجوع إلى الرقية الشرعية والعلاج النفسي عند الحاجة: إذا لاحظت على نفسك أو أحد أقاربك أعراضًا غريبة بعد الانخراط في هذه المدارس، فلا تتردد في طلب المساعدة الشرعية والطبية.
  • الدعاء والصدقة: من أقوى وسائل الحماية من الشرور، مع التوكل على الله واليقين بحفظه.

كلمة أخيرة: مسؤوليتك في تعلم دينك وحماية نفسك

في زمن كثرت فيه الفتن والأفكار الغريبة، أصبح من الواجب على كل مسلم أن يتعلم دينه، ويبحث عن الحق بنفسه، ولا يكتفي بتقليد الآخرين أو تصديق كل ما يُقال له. فكما تبحث عن أفضل سيارة أو هاتف قبل الشراء، ابحث عن صحة دينك وعقيدتك، ولا تجعل أحدًا يقرر عنك في أمور مصيرك الأبدي.

وأخيرًا، تذكر أن الله يسر لك القرآن والسنة، وجعل الحلال والحرام واضحين، فلا تترك بابًا للشيطان أو لأهل البدع ليعبثوا بإيمانك أو عقلك أو صحتك. نسأل الله لنا ولكم الثبات والهداية، وأن يحفظنا من كل سوء وشر.

مصادر مفيدة:

  • قناة "سحر اليوغا والطاقة" على يوتيوب
  • قناة "قضايا فكرية"
  • كتاب "مختصر الفقه الإسلامي في ضوء الكتاب والسنة" للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري

تنويه: هذا المقال لا يهدف إلى التشهير أو الإساءة لأحد، بل هو دعوة للوعي والتحصين الفكري والديني، وحماية النفس والمجتمع من الانزلاق في أفكار وممارسات خطيرة على الدين والعقل والصحة.

https://www.youtube.com/watch?v=FeMbNRoV3hE

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك