اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كشف حقيقة تقنيات "الأكسس بارز": نظرة نقدية من منظور إسلامي وعلمي

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والبرامج التي تروج لتقنيات الطاقة والتنمية الذاتية، ومن بينها ما يعرف بـ"الأكسس بارز" (Access Bars). يدّع

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والبرامج التي تروج لتقنيات الطاقة والتنمية الذاتية، ومن بينها ما يعرف بـ"الأكسس بارز" (Access Bars). يدّعي مروجو هذه التقنيات أنها تساعد على تحسين الحياة، تحقيق السعادة، وجذب الوفرة والنجاح. لكن ما حقيقة هذه التقنيات؟ وما مدى توافقها مع العقيدة الإسلامية والمنهج العلمي؟ في هذا المقال، نستعرض أبرز الأدوات والمفاهيم التي تقدمها هذه المدارس، ونحللها من منظور نقدي.

البداية: تحصين النفس والاعتماد على الله

يبدأ الحديث عادة بتذكير المستمعين بأهمية التحصين بالأذكار والدعاء، والاعتماد على الله وحده في دفع الشر وجلب الخير. فالقرآن الكريم والسنة النبوية يحثان المسلم على اللجوء إلى الله في كل أمر، وعدم الاستعانة بغيره من المخلوقات أو الكيانات الغيبية. وهذا ما يشكل الأساس المتين لعقيدة المسلم، ويمنعه من الوقوع في الشرك أو الخرافات.

ما هو "الأكسس بارز"؟

الأكسس بارز هو نظام يدّعي أنه يعتمد على مجموعة من الأدوات والتمارين الذهنية والجسدية، تهدف إلى "خلق واقع جديد" للفرد، من خلال ما يسمونه "الوعي المطلق" و"تحرير الطاقات السلبية". يروج المدربون لفكرة أن الإنسان يمتلك قدرة لا محدودة على تغيير حياته بمجرد تغيير أفكاره وترديد بعض العبارات أو الأسئلة.

نقد الفكرة من الناحية الدينية

من منظور إسلامي، هذه الأفكار تتعارض مع العقيدة الصحيحة التي تؤمن بأن الله وحده هو المتصرف في الكون، وأن الإنسان مخلوق محدود القدرات، لا يستطيع تغيير القدر أو التحكم في الواقع إلا بما قدره الله له. كما أن الاستعانة بالكون أو الطاقات أو الكيانات الغيبية (غير الله) يعد من الشرك بالله، وهو أمر خطير للغاية.

أدوات وتقنيات "الأكسس بارز": تحليل ونقد

1. فن السؤال وتوجيهه للكون

من أشهر أدوات الأكسس بارز، تعليم المتدربين "فن السؤال"، حيث يُطلب منهم طرح أسئلة مثل: "كيف يمكن أن تتحسن حياتي؟" لكن بدلاً من التوجه بالدعاء إلى الله، يتم توجيه السؤال إلى "الكون"، باعتبار أن الكون سيستجيب ويرسل الحلول. هذه الفكرة خطيرة، لأنها تحل محل التوكل على الله بمعتقدات وثنية، وتروج لفكرة أن الإنسان يمكنه الاستغناء عن خالقه.

2. عبارات وتوكيدات غامضة (جمل التنظيف/التوضيح)

تروج بعض الدورات لعبارات يقال إنها "غير قابلة للترجمة" أو "سحرية"، ويُطلب من المتدربين تكرارها مرارًا دون فهم معناها، بدعوى أنها تنظف الطاقات السلبية وتغير الواقع. في الحقيقة، هذه العبارات غالبًا ما تكون تعاويذ مأخوذة من طقوس وثنية أو أسماء للجن، ويُحذر من ترديدها أو الاعتقاد بفعاليتها، لأنها قد تفتح باب الاستعانة بالجن والشياطين دون علم الإنسان.

3. تمارين تنشيط الغدة الزعترية

يدّعي بعض المدربين أن هناك تمارين خاصة لتنشيط الغدة الزعترية (غدة في الصدر مسؤولة عن المناعة)، وأن هذه التمارين ترفع الطاقة وتحقق الوحدة مع الكون. علميًا، لا يوجد أي دليل على أن هذه التمارين تؤثر على الغدة أو تحقق أي فائدة صحية، بل هي أقرب إلى الشعوذة والترويج لأفكار وحدة الوجود الباطلة.

4. تقنيات الخروج من الجسد

من أخطر ما يروج له بعض المدربين، تمارين يُقال إنها تساعد على "خروج الروح من الجسد" أو "مساعدة المريض على الموت بسلام". هذه الممارسات تتعارض مع العقيدة الإسلامية، حيث أن الموت والحياة بيد الله وحده، ولا يجوز للإنسان التدخل في هذا الأمر أو الادعاء بامتلاك قدرات خارقة.

5. مبدأ "الخفيف والثقيل" و"وجهة النظر القابلة للاهتمام"

يروج الأكسس بارز لفكرة أن الإنسان يجب أن يتبع ما يشعر أنه "خفيف" عليه ويتجنب ما هو "ثقيل"، ويستشهدون أحيانًا بأحاديث دينية في غير موضعها. كما يروجون لفكرة أن كل شيء في الحياة "وجهة نظر قابلة للاهتمام"، حتى في مسائل العقيدة والخير والشر، مما يؤدي إلى نسبية القيم وغياب الثوابت.

6. استبدال الأذكار الشرعية بتوكيدات الطاقة

من الملاحظ أن بعض المدربين يطلبون من المتدربين ترديد توكيدات أو عبارات خاصة بدلاً من أذكار الصباح والمساء الشرعية، بحجة أنها أكثر فعالية في جلب الطاقة الإيجابية. وهذا انحراف خطير عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويؤدي إلى ضعف الصلة بالله.

مخاطر هذه التقنيات على العقيدة والمجتمع

  • الوقوع في الشرك الخفي أو الجلي: من خلال الاستعانة بالكون أو الكيانات الغيبية أو ترديد تعاويذ مجهولة.
  • نشر الخرافات والدجل: وادعاء امتلاك قدرات خارقة دون دليل علمي أو شرعي.
  • إضعاف التوكل على الله: واستبداله بالاعتماد على النفس أو "الطاقة" أو "الكون".
  • استغلال حاجات الناس المادية والنفسية: من خلال تسويق الأوهام وجني الأموال دون تقديم فائدة حقيقية.
  • تفكيك الروابط الأسرية والاجتماعية: حيث تدعو بعض الأدوات إلى قطع العلاقات التي لا تحقق "الوفرة"، حتى لو كانت مع الوالدين!

الرد الشرعي والعلمي

  • القرآن والسنة: يحثان على الصدق، وتجنب الكذب والدجل، وعدم بيع الوهم للناس. كما أن جميع الكتب السماوية تحذر من التعامل مع الماورائيات والجن.
  • العلم الحديث: لم يثبت بأي دراسة موثوقة وجود "نقاط طاقة" في الرأس أو فعالية تمارين الأكسس بارز في علاج الأمراض أو تحسين الحياة.
  • الطب الشرعي: يحذر من الاعتماد على مثل هذه الممارسات، وينصح باللجوء إلى الأطباء المؤهلين في حال وجود مشاكل صحية أو نفسية.

نصيحة أخيرة

عزيزي القارئ، احرص على التمسك بدينك وقيمك، ولا تنخدع بالدعايات البراقة أو الوعود الكاذبة. ابحث عن الدليل، واسأل أهل العلم، ولا تروج لما لا تعلم حقيقته. تذكر أن ما بني على باطل فهو باطل، وأن الله سيسألك عن كل كلمة تقولها أو تنقلها للناس.

"عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة... وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار." (حديث شريف)

حفظكم الله من كل شر، ووفقكم للحق والصواب.

إذا كان لديك سؤال أو استفسار حول هذه المواضيع، لا تتردد في التواصل مع أهل العلم الموثوقين، ولا تعتمد على مصادر غير موثوقة أو مجهولة.

https://www.youtube.com/watch?v=a8nZW4yoCvw

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك