اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كشف خرافات "الفينج شوي" و"طاقات المكان": رؤية علمية وشرعية

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الناس مفاهيم وممارسات جديدة تحت مسميات مثل "الفينج شوي" أو "طاقات المكان"، ورافقها رواج واسع لدورات وورش عمل تدّعي تحسي

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بين الناس مفاهيم وممارسات جديدة تحت مسميات مثل "الفينج شوي" أو "طاقات المكان"، ورافقها رواج واسع لدورات وورش عمل تدّعي تحسين الحياة، الصحة، والراحة النفسية عبر تطبيق تعليمات مستمدة من فلسفات شرقية قديمة. في هذا المقال، سنكشف حقيقة هذه الممارسات من منظور علمي وشرعي، ونوضح مخاطرها على العقيدة والصحة النفسية.

ما هو الفينج شوي؟

الفينج شوي (Feng Shui) هو فلسفة صينية قديمة تدّعي وجود "طاقة كونية" تسري في المكان، وأن ترتيب الأثاث وتوزيع الألوان والأشياء في المنزل يؤثر على تدفق هذه الطاقة، وبالتالي ينعكس على صحة وسعادة وثراء سكان المنزل. يعتمد الفينج شوي على مفاهيم مثل "الين واليانغ"، العناصر الخمسة (الماء، النار، الخشب، المعدن، الأرض)، والبوصلة (الباكوا) لتحديد الاتجاهات المثالية.

هذه الفلسفة ليست علماً مثبتاً، بل هي مجموعة معتقدات باطنية لا تستند إلى دليل علمي أو شرعي، بل ترتبط بالكهانة والتنجيم والأساطير.

خرافات شائعة في دورات طاقات المكان

1. الملابس القديمة والسحر

من أغرب المعتقدات التي يروج لها بعض المدربين: التحذير من استخدام ملابس شخص آخر، خاصة إذا كان متوفى، في تنظيف المنزل. يدّعون أن ذلك قد يلحق الأذى الروحي أو الجسدي بصاحب الملابس، أو أنه نوع من السحر غير المقصود. هذه الفكرة لا أساس لها في الشرع أو العلم، بل هي من صميم التشاؤم والتطير المحرم في الإسلام.

2. النباتات والاعتقاد بقدرتها على جلب الرزق

يُروّج لفكرة أن بعض النباتات (كالصبار أو النباتات الشوكية) تجلب الطاقة الإيجابية أو الحماية أو الرزق. هذا الاعتقاد ليس جديداً، بل هو امتداد لعقائد وثنية قديمة كانت تعبد الأشجار والأحجار، وهو يتعارض مع التوحيد الخالص الذي جاء به الإسلام.

3. الملح لطرد الطاقة السلبية أو الجن

ينصح البعض بوضع الملح في أركان البيت أو الاستحمام به لطرد "الطاقة السلبية" أو الجن. يزعمون أن الملح يحمل "أيونات موجبة" تتفاعل مع "الأيونات السالبة" للطاقة السلبية أو الجن! علمياً، هذا الكلام باطل؛ فالملح (كلوريد الصوديوم) يتكون من أيونات موجبة وسالبة، ولا يوجد شيء اسمه "طاقة سلبية" بالمعنى الفيزيائي أو الكيميائي. أما شرعاً، فلا يوجد دليل على أن الملح يطرد الجن، وكل الأحاديث الواردة في هذا الباب ضعيفة أو مكذوبة.

4. طاقة الألوان وعلاقتها بالصحة والرزق

يُدّعى أن لكل لون طاقة وتردد معين يؤثر على النفس والجسد، وأن ارتداء لون معين أو طلاء الجدران به يجلب الشفاء أو المال أو السعادة! هذا الاعتقاد مستمد من فلسفات الشاكرات الهندوسية، وهو شرك بالله إذا اعتُقد أن اللون بنفسه يجلب النفع أو يدفع الضرر. علمياً، تأثير الألوان على النفسية محدود ومحكوم بالذوق والثقافة، ولا يوجد دليل على أن لوناً معيناً يعالج الأمراض أو يجلب الرزق.

5. القطط وصد الطاقات السلبية

من الخرافات المنتشرة أيضاً الاعتقاد بأن تربية القطط ترد الحسد أو الكراهية أو تحمي من الطاقات السلبية. هذا الاعتقاد لا أصل له في الدين أو العلم، بل هو امتداد لمعتقدات باطنية قديمة. يجوز تربية القطط للرفقة أو الرحمة بها، لكن لا يجوز الاعتقاد بأنها تجلب نفعاً غيبياً أو تدفع ضرراً.

6. التمائم العصرية: الصور والأحجار والأجراس

انتشرت أشكال جديدة من التمائم، مثل وضع صورة ذهب أو نقود في خلفية الهاتف لجلب المال، أو تعليق أحجار كريمة أو أجراس رياح في المنزل لجلب الحظ أو طرد الشر. هذه كلها تدخل ضمن الشرك الأصغر أو الأكبر بحسب الاعتقاد، لأن النبي ﷺ قال: "من علق تميمة فقد أشرك". ولا يجوز تعليق أو حمل أي شيء بقصد جلب النفع أو دفع الضرر إلا ما ثبت في الشرع.

الرد العلمي على خرافات الطاقات

  • الملح والطاقة: لا يوجد في الكيمياء أو الفيزياء شيء اسمه "طاقة سلبية" أو "إيجابية" تنتقل عبر الملح أو الألوان. الطاقة في العلم هي القدرة على بذل شغل، وتقاس بوحدات معروفة (جول أو كيلو جول)، ولا يوجد تقسيم للطاقة إلى "سلبية" أو "إيجابية" بهذا المفهوم الشعبي.
  • الألوان: الألوان هي انعكاس لأطوال موجية مختلفة من الضوء، وتأثيرها على النفسية محدود، ولا يمكن أن تعالج الأمراض أو تجلب الرزق.
  • الأحجار: لا يوجد أي إثبات علمي أن الأحجار الكريمة أو غيرها تحمل طاقة تؤثر على الإنسان أو تجلب الحظ أو المال أو تدفع الحسد.
  • تأثير القطط: القطط كائنات لطيفة، لكن لا يوجد دليل علمي أو شرعي على أن وجودها يصد الحسد أو الطاقات السلبية.

المخاطر الشرعية والعقدية

الانخراط في هذه الممارسات والمعتقدات يهدد عقيدة المسلم، لأنه يوقع في الشرك أو يفتح الباب له. كثير من هذه الأفكار مستمدة من ديانات وثنية (هندوسية، طاوية، بوذية)، وفلسفات باطنية تتعارض مع التوحيد. الإسلام جاء ليهدم الشرك ويؤسس لعقيدة نقية، فلا يجوز للمسلم أن يعتقد أن غير الله ينفع أو يضر، أو أن هناك أسباباً خفية لم يثبتها الشرع أو العلم.

نصيحة للمسلمين

  • احذروا من الدورات والممارسات التي تروج لفلسفات الطاقة، الفينج شوي، الشاكرات، أو أي معتقدات باطنية.
  • لا تتبعوا كل ما يقال في وسائل التواصل أو يروج له تحت شعار "تطوير الذات" أو "العلاج البديل" دون تحقق من مصدره العلمي والشرعي.
  • تذكروا أن البركة والنفع والضرر بيد الله وحده، وأن الأسباب المشروعة هي ما ثبت نفعها بالعلم أو أقرها الشرع.
  • ساعدوا من حولكم في التوعية بمخاطر هذه المعتقدات، وذكّروهم بقوله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".

الخلاصة

كل ما يروج له من خرافات حول طاقات المكان، الفينج شوي، طاقة الألوان، الأحجار، أو غيرها، لا أساس له من الصحة علمياً ولا شرعياً، بل هو باب من أبواب الشرك والخرافة. ديننا الإسلامي كامل لا يحتاج لمثل هذه الفلسفات الدخيلة، والراحة النفسية والسعادة الحقيقية تتحقق بالإيمان بالله، التوكل عليه، والعمل الصالح، لا بتعليق التمائم أو اتباع الخرافات.

حافظوا على عقيدتكم، وكونوا على يقين أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم، وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم، وأن الله وحده هو النافع الضار.

بقلم: [اسم الكاتبة أو الكاتب]

للمزيد من المقالات التوعوية، تابعونا في الجزء القادم حول حقيقة التأثير النفسي للألوان وكيف يخلط مروجو الطاقة بين العلم والخرافة.

https://www.youtube.com/watch?v=0G1Te7XQnuw

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك