كشف الخرافات حول العلاج بالطاقة والتنفس والصيام: رؤية علمية ودينية
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الممارسات الصحية والعلاجية المستمدة من الفلسفات الشرقية، مثل العلاج بالطاقة، وتمارين التنفس التفريغي، والصيام بأن
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الممارسات الصحية والعلاجية المستمدة من الفلسفات الشرقية، مثل العلاج بالطاقة، وتمارين التنفس التفريغي، والصيام بأنواعه الغريبة. ورغم أن بعض هذه الممارسات قد تبدو جذابة أو مدعومة بمصطلحات علمية، إلا أن كثيرًا منها يفتقر إلى الأساس العلمي أو الشرعي، بل وقد يحمل مخاطر صحية ونفسية حقيقية. في هذا المقال، سنستعرض أبرز هذه الممارسات، ونناقش حقيقتها من منظور علمي وإسلامي، مستندين إلى نقاشات وتجارب واقعية من ممارسين سابقين وخبراء في المجال.
أولًا: التأمل الصامت وصيام الكلام بين الحقيقة والادعاء
الاستشهاد بقصة زكريا ومريم عليهما السلام
كثيرًا ما يستشهد دعاة التأمل الصامت أو "صيام الكلام" بقصة النبي زكريا عليه السلام، حيث جاء في سورة مريم:
"قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا واذكر ربك كثيرًا".
يدّعي البعض أن هذه الآية دليل على أن الصمت عبادة روحية تؤدي إلى تحقيق الأمنيات، مثل الإنجاب أو الشفاء. لكن عند التأمل في سياق الآية وتفسير العلماء، نجد أن هذا الصمت كان علامة خاصة لنبي الله زكريا بعد تحقق دعائه، ولم يمنعه ذلك من ذكر الله والتسبيح. كذلك، أمر الله مريم عليها السلام بالصمت كمعجزة مؤقتة ليظهر كلام عيسى عليه السلام في المهد، وليس كعبادة عامة أو وسيلة لتحقيق الأهداف الدنيوية.
الحديث النبوي: "فليقل خيرًا أو ليصمت"
هناك أيضًا من يستشهد بحديث النبي ﷺ:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".
والحقيقة أن هذا الحديث يحث على اجتناب الكلام الباطل أو الضار، وليس الامتناع عن الكلام مطلقًا أو اتخاذ الصمت كعبادة دائمة. بل إن الساكت عن الحق مذموم في الشريعة، كما في الحديث: "الساكت عن الحق شيطان أخرس".
أصل فكرة الصمت في الفلسفات الشرقية
فكرة التأمل الصامت والصيام عن الكلام ليست من تعاليم الإسلام، بل هي جزء من الفلسفات الشرقية مثل اليوغا، حيث يُعتبر الصمت وسيلة للتفريغ الروحي و"فتح الشاكرات". في هذه الفلسفات، يُربط الصمت بفكرة الاندماج مع الكون ورفع الوعي، وهي مفاهيم لا أساس لها في العقيدة الإسلامية.
ثانيًا: تمارين التنفس التفريغي وخرافة العلاج بالطاقة
تجربة ممارسات سابقة
روت إحدى الممارسات السابقات للحجامة كيف تم إدخال مفاهيم الطاقة والتنفس التفريغي إلى برامج العلاج، رغم أن أصل الحجامة في السنة النبوية بريء من هذه الإضافات. ذكرت أن تمارين التنفس التفريغي كانت تعتمد على حبس النفس وتخيّل الطاقة تدخل وتخرج من الجسم، مما أدى إلى حالات من الهستيريا، والدوار، وحتى مشاكل أسرية ونفسية لدى بعض الممارسات.
التفسير العلمي: مخاطر تمارين التنفس غير المدروسة
أوضحت دكتورة متخصصة أن تمارين التنفس التفريغي تعتمد على حبس النفس وتحريك الحجاب الحاجز بطريقة غير طبيعية، مما يؤثر على العصب الحائر (العصب المبهم)، ويؤدي إلى انخفاض ضربات القلب، ونقص الأكسجين في المخ، وحدوث الدوار أو حتى الإغماء. الهدف الحقيقي من هذه التمارين في الفلسفات الشرقية هو إدخال الشخص في حالة بين النوم واليقظة، أقرب للهلاوس، وليس تحقيق الصحة أو زيادة الأكسجين كما يُروج.
خدعة "التشافي الذاتي" و"زيادة الأكسجين"
لا يوجد ما يسمى بالتشافي الذاتي في الطب أو الشريعة؛ الشفاء بيد الله وحده. كما أن الجسم يحصل على حاجته من الأكسجين بشكل طبيعي دون الحاجة لتمارين تنفس معقدة أو خطيرة، إلا في حالات مرضية يحددها الطبيب.
ثالثًا: العلاج بالحجامة الصينية والإبر والعناصر الخمسة
الفرق بين الحجامة النبوية والحجامة الصينية
أكدت إحدى الممارسات أنها بعد دراسة الحجامة في الصين اكتشفت أن المسارات المستخدمة هناك مبنية على خرافات التنجيم، وربط نقاط الجسم بالكواكب والأبراج، وليس على أساس علمي أو تشريحي. وعند العودة للحجامة النبوية، وجدت أنها أكثر بساطة ووضوحًا، ولا تتضمن أي مفاهيم طاقية أو عناصر خرافية.
الإبر الصينية: بين الوهم والحقيقة
أشارت الدراسات إلى أن نتائج العلاج بالإبر الصينية غالبًا ما تعادل تأثير الدواء الوهمي (البلاسيبو)، وأن مواقع الإبر مرتبطة بخريطة الأبراج الصينية، وليس بتشريح الأعصاب كما في الطب الحديث.
العناصر الخمسة (النار، الماء، الأرض، المعدن، الخشب)
تُستخدم هذه العناصر في الطب الصيني واليوغا لتفسير الأمراض وعلاجها، مع ربطها بالغذاء، والمشاعر، وحتى بارتداء المعادن أو وضع نباتات معينة في المنزل. وأكدت الدكتورة أن هذه الممارسات لا علاقة لها بالطب أو العلم، بل هي جزء من الطقوس السحرية والمعتقدات الباطلة.
رابعًا: الحميات الغذائية والصيام الروحي
الصيام الطويل وشرب الماء فقط
انتشرت دعوات لصيام 40 يومًا متواصلة مع شرب الماء فقط، بزعم أنه يرفع الوعي ويطهر الجسد من الطاقة السلبية. لم يرد في الشريعة الإسلامية أي نص يبيح مثل هذا النوع من الصيام، بل هو مستمد من طقوس رهبانية أو صوفية متطرفة، وقد يؤدي إلى أضرار صحية خطيرة مثل انهيار الأعضاء الداخلية.
الحمية النباتية الصرفة (الفجن)
أوضحت الدكتورة أن الاعتماد الكلي على الغذاء النباتي يرفع درجة حموضة الدم (القلوية)، مما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، مثل ضعف إيصال الأكسجين إلى الأعضاء. كما أن هذه الحمية مستمدة من عقائد تناسخ الأرواح الهندوسية، وليست من تعاليم الإسلام.
الصيام المتقطع: الخيار الصحي المتوازن
في المقابل، أشاد الخبراء بالصيام المتقطع كنظام غذائي متوازن، خصوصًا لمن يعاني من مشاكل في الوزن أو السكر. الصيام المتقطع يعتمد على الامتناع عن الأكل لساعات محددة، مع تناول وجبات متوازنة، وهو نظام أثبت فعاليته علميًا ولا يتعارض مع الشريعة.
خامسًا: نصائح عملية للمسلمين
- التمسك بالهدي النبوي: لا تتبع أي ممارسة صحية أو روحية دون التأكد من مشروعيتها في الكتاب والسنة.
- التحقق من المصادر العلمية: لا تثق في كل ما يُقال عن "الطاقة" أو "العلاج البديل" دون الرجوع إلى مصادر طبية موثوقة.
- الاعتدال في الغذاء والرياضة: النظام الغذائي المتوازن، مع ممارسة الرياضة بانتظام، هو الطريق الأمثل لصحة الجسد والنفس.
- الحذر من الخرافات: كثير من الممارسات المنتشرة اليوم تحمل في طياتها أفكارًا سحرية أو فلسفات باطلة، وإن تم تغليفها بمصطلحات علمية أو دينية.
- الشفاء بيد الله وحده: تذكر دائمًا أن الشفاء الحقيقي من الله، وأن الدعاء واليقين والتوكل عليه هو السبيل لتحقيق الراحة النفسية والجسدية.
الخلاصة
انتشرت في عصرنا ممارسات عديدة تدّعي العلاج أو التطوير الذاتي، لكنها في حقيقتها إما خرافات لا أساس لها من الصحة، أو طقوس مستوردة من فلسفات بعيدة عن الإسلام. واجبنا كمسلمين أن نتحرى العلم الصحيح، ونلتزم بما جاء في شريعتنا، وأن نحذر من كل ما يخالف ذلك، مهما بدا مغريًا أو شائعًا.
صحتك أمانة بين يديك، فلا تفرط فيها باتباع كل جديد دون علم أو هدى.
هل لديك تجربة أو سؤال حول هذه المواضيع؟ شاركنا في التعليقات!
https://www.youtube.com/watch?v=vH3EvJgmHNQ