اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كشف زيف علوم الطاقة: رحلة في نقد الممارسات والمفاهيم المنتشرة

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم وممارسات ما يسمى بـ"علوم الطاقة" بين الشباب والفتيات في العالم العربي، وأصبحت تجد لها سوقًا رائجًا تحت مسم

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم وممارسات ما يسمى بـ"علوم الطاقة" بين الشباب والفتيات في العالم العربي، وأصبحت تجد لها سوقًا رائجًا تحت مسميات براقة مثل الريكي، البرانا، توأم الشعلة، الكارما، الشاكرات، المرشد الروحي، وغيرها. وفي خضم هذا الانتشار، تبرز الحاجة إلى خطاب توعوي علمي وشرعي يكشف زيف هذه الممارسات ويحصن المجتمع من الوقوع في شراكها.

في هذا المقال، سنستعرض أبرز الأفكار والمغالطات التي تروجها مدارس الطاقة، مع تحليل علمي وشرعي، وبيان خطورتها على العقيدة والسلوك، مستندين إلى تجارب واقعية وشهادات من أشخاص خاضوا هذه التجربة وخرجوا منها.

1. أسلمة علوم الطاقة: خدعة أم حقيقة؟

يحاول بعض المروجين لعلوم الطاقة إضفاء طابع إسلامي على هذه الممارسات، فيسمونها أحيانًا "الريكي الإسلامي" أو "الطاقة النورانية" أو "طاقة الاستغفار"، ويزعمون أن لها جذورًا في القرآن والسنة. لكن الحقيقة أن هذه العلوم مستوردة من فلسفات شرقية كالهندوسية والبوذية، ولا علاقة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد.

تنبيه مهم:

كلما انكشف زيف مصطلح أو ممارسة، يتم تغيير الاسم أو تغليفه بمصطلحات دينية أو علمية جديدة لخداع الناس، مثل استبدال كلمة "ريكي" بـ"طاقة النور" أو "طاقة الصلاة" وهكذا.

2. الطاقة بين العلم والدين: أين الدليل؟

يدعي مروجو الطاقة أن الإنسان يصدر "ذبذبات" أو "طاقات" يمكن توجيهها للشفاء أو التأثير في الواقع، ويستشهدون أحيانًا بآيات قرآنية مثل "الله نور السماوات والأرض" لربط الطاقة بالنور الإلهي. لكن عند الفحص العلمي:

  • لا يوجد دليل علمي على أن جسم الإنسان يصدر طاقة أو ذبذبات قابلة للقياس أو الاستقبال كما يدعون.
  • أجهزة التصوير الطبي (الأشعة المقطعية، الرنين المغناطيسي) تعتمد على تفاعل الجسم مع موجات خارجية، وليس على طاقة يطلقها الجسم.
  • تفسير كلمة "النور" في القرآن عند السلف الصالح هو الهداية والحق، وليس الطاقة الفيزيائية.

3. خرافة الاستبصار وتناسخ الأرواح

من أخطر ما تروج له مدارس الطاقة الادعاء بوجود قدرات خارقة مثل رؤية المستقبل (الاستبصار)، أو التواصل مع الأرواح، أو تصديق ظاهرة "تناسخ الأرواح" (أن الإنسان عاش حيوات سابقة). هذه الأفكار تتعارض بشكل صريح مع العقيدة الإسلامية:

  • علم الغيب: لا يعلم الغيب إلا الله. الرؤى الصالحة في المنام ليست وحيًا ولا دليلاً على الاستبصار.
  • تناسخ الأرواح: الإيمان بالحياة السابقة يناقض الإيمان باليوم الآخر، وعذاب القبر، والجنة والنار.
  • التواصل مع الأرواح: ما يظنه البعض تواصلاً مع الأرواح هو في حقيقته تلاعب من الجن والشياطين.

4. اللعب على المصطلحات وتغيير المفاهيم

من أساليب مدربي الطاقة تغيير المصطلحات لتسهيل تقبل الأفكار الجديدة، فمثلاً:

  • "القرين" يُسمى "مرشد روحي".
  • "الطاقة الكونية" تُسمى "نور الله".
  • "جلسات التأمل" تُسمى "خلوة روحية" أو "جلسة استغفار".

هذا التلاعب بالمصطلحات يهدف إلى إضفاء الشرعية على ممارسات دخيلة، وإقناع الناس بأنهم يمارسون شيئًا مقبولاً دينياً أو علمياً.

5. توأم الشعلة والعلاقات الكارمية: بوابة للانحلال الأخلاقي

انتشر بين الفتيات بشكل خاص مفهوم "توأم الشعلة" أو "توأم الروح"، ويزعمون أن هناك شخصًا في الكون هو نصف روحك الآخر، وأنك لن تشعري بالسعادة إلا معه، حتى لو كنت متزوجة! هذه الفكرة أدت إلى:

  • تدمير كثير من الأسر والعلاقات الزوجية.
  • تبرير العلاقات المحرمة تحت مسمى "طاقة الحب" أو "توازن الذكورة والأنوثة".
  • ترويج أفكار الكارما (أن معاناتك في هذه الحياة بسبب أفعال في حياة سابقة).

كل هذه المفاهيم دخيلة على ديننا، وتفتح أبواب الانحلال الأخلاقي، وتضرب قدسية الزواج والأسرة.

6. قانون النية وقانون الجذب: إلغاء للقدر وإشراك بالله

من أشهر القوانين التي تروج لها مدارس الطاقة "قانون النية" و"قانون الجذب"، حيث يُقال للناس: "أنت بصلاح نيتك تجذب كل ما تريد إلى حياتك، وتتحكم في أقدارك". وهذا فيه عدة مغالطات:

  • إلغاء الإيمان بالقضاء والقدر: في الإسلام، الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان.
  • إشراك بالله: الادعاء بأن الإنسان يخلق واقعه بنفسه يناقض الإيمان بأن الله هو الخالق المدبر.
  • تجاهل السنن الكونية: النجاح في الحياة له أسباب واقعية (سعي، علم، توكل)، وليس بمجرد التكرار أو التوكيدات اللفظية.

7. الخشوع في الصلاة عبر الطاقة؟

وصل الأمر ببعض المدربين إلى تقديم دورات "خشوع في الصلاة عبر الطاقة"، وادعاء أن تقنيات التأمل واليوغا تساعد على الخشوع أكثر من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم! وهذا من أبطل الباطل، فالصلاة عبادة توقيفية، والخشوع فيها يتحقق بتدبر معانيها والصدق مع الله، وليس بتقنيات مستوردة من ديانات وثنية.

8. التجارب الواقعية: شهادات من الداخل

شارك العديد من المتعافين من هذه الممارسات شهاداتهم، وأجمعوا على نقاط مهمة:

  • البداية كانت غالبًا بدافع الفضول أو البحث عن الراحة النفسية أو علاج الأمراض.
  • مع الوقت، ظهرت أعراض نفسية وجسدية خطيرة مثل العزلة، الاكتئاب، اضطراب الهوية، وأحيانًا أعراض روحية (وساوس، رؤى مرعبة).
  • كلما تعمق الشخص في هذه الممارسات، زاد شعوره بالفراغ والضياع، وابتعد عن دينه وأسرته ومجتمعه.
  • العودة إلى القرآن والسنة والرُقية الشرعية كانت المنقذ الحقيقي، مع ضرورة الصبر والاحتساب.

9. كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا؟

  • العلم الشرعي: لا بد من تعلم العقيدة الصحيحة، وفهم الدين من مصادره الموثوقة.
  • العقل الناقد: لا تقبل أي فكرة إلا بدليل شرعي أو علمي صحيح.
  • الحذر من الدورات المشبوهة: كثير من الدورات التي تدعي تطوير الذات أو العلاج بالطاقة تحمل في طياتها أفكارًا دخيلة.
  • الاحتواء والحوار: من وقع في هذه الممارسات يحتاج إلى احتواء وصبر، وليس إلى قطيعة أو عنف.

10. خلاصة القول

علوم الطاقة كما تُروج اليوم ليست إلا خليطًا من الدجل والشعوذة والفلسفات الشرقية الباطلة، يُعاد تغليفها كل مرة بمسميات جديدة، وتُسوق أحيانًا باسم الدين أو العلم. الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحصن نفسه بالعلم الشرعي والعقل الواعي، وألا ينخدع بهذه التيارات مهما كان بريقها.

تذكر دائمًا:

لا يعلم الغيب إلا الله، ولا شفاء إلا بما شرعه الله، ولا سعادة إلا في طاعته، وكل ما عدا ذلك سراب.

مصادر موثوقة للتعلم والرجوع:

  • القرآن الكريم وتفسيره من كتب السلف.
  • السنة النبوية وكتب الحديث الموثوقة.
  • العلماء الربانيون المعروفون بالثبات على العقيدة.
  • المنتديات والمجموعات التوعوية المتخصصة في نقد علوم الطاقة (مثل منتدى "نور الحقيقة" على التليجرام).

نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق، ويحفظ أبناءنا وبناتنا من كل فتنة، ويجعلنا من أهل البصيرة والهدى.

https://www.youtube.com/watch?v=uhUfe29dpnI

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك