كشف زيف علوم الطاقة والتنمية البشرية: حوار فكري في ضوء الدين والعقل
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والدورات المتعلقة بما يسمى "علوم الطاقة" و"التنمية البشرية" بين الشباب والفتيات في العالم العربي. هذه ال
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والدورات المتعلقة بما يسمى "علوم الطاقة" و"التنمية البشرية" بين الشباب والفتيات في العالم العربي. هذه المفاهيم، رغم شعبيتها، تثير الكثير من الجدل حول مدى صحتها العلمية والدينية، وتأثيرها على العقيدة والفكر. في هذا المقال، نعرض لكم حوارًا ثريًا دار في أحد المنتديات الحوارية، تناول بعمق هذه القضايا، وقدم رؤى نقدية حولها، مستندًا إلى ميزان الشرع والعقل والعلم.
بداية النقاش: بين الدين وادعاءات التنمية البشرية
بدأ اللقاء بدعاء وابتهال إلى الله، ثم تذكير بأن المنتدى حواري، يهدف إلى تبادل الآراء والأفكار، وليس مجرد إلقاء خطب أو نصائح. تم التأكيد على أهمية الحوار المفتوح، وسعة الصدر لتقبل الآراء المختلفة، حتى وإن خالفت قناعاتنا.
طرحت إحدى المشاركات سؤالًا حول قانون الجذب، وهو أحد أشهر مفاهيم التنمية البشرية، وتساءلت: "هناك بعض الفوائد التي تبدو منطقية ومباحة في ديننا، مثل الدعوة إلى الكرم أو التفاؤل، فلماذا يتم التحذير من هذه المفاهيم؟ وهل هناك تعارض حقيقي مع الدين؟"
تفكيك المفاهيم: خلط العلوم بالدين
أجاب أحد المحاورين بأن مدربي التنمية البشرية وعلوم الطاقة غالبًا ما يخلطون بين الدين والعلم والنفس، ويقدمونها في قالب واحد، مما يصعب على المتلقي البسيط التمييز بين الحق والباطل. وأشار إلى أن هذه المدارس تستعير بعض الأفكار من علم النفس، وتضيف عليها مصطلحات جديدة مثل "الطاقة الإيجابية" و"الكارما" و"خلق الواقع"، وتروج لها على أنها علوم حديثة أو حتى جزء من الدين.
وأوضح أن الفائدة الحقيقية من هذه العلوم لا تتجاوز 5%، وغالبًا ما تكون مقتبسة من علم النفس أو الدين، لكن يتم دس أفكار دخيلة معها، مثل التأليه الذاتي أو الاعتماد على الكون بدلًا من الله.
الكارما وقانون الجذب: فلسفات دخيلة بمسميات جديدة
تمت مناقشة مفهوم الكارما، وأكد المحاورون أن أصلها من الفلسفات الشرقية، وتقوم على فكرة تناسخ الأرواح، وأن الإنسان يحصد نتائج أفعال سابقة في حياته أو في حيوات سابقة. بينما في الإسلام، الجزاء يكون في الدنيا والآخرة، ولا يحمل الإنسان وزر غيره.
أما قانون الجذب، فهو يعتمد على فكرة أن الكون يستجيب لذبذبات الإنسان وأفكاره، وهو ما يتعارض مع العقيدة الإسلامية التي تؤمن بأن الله وحده هو المدبر والمجيب للدعاء، وليس "الكون" أو "الطاقة".
خطورة المصطلحات: السم في العسل
أشارت إحدى المشاركات إلى خطورة الاعتياد على مصطلحات مثل "الطاقة الإيجابية" و"الكارما" و"خلق الواقع"، حيث يبدأ الأمر بمفاهيم تبدو بريئة، ثم تتسلل أفكار فلسفية خطيرة مع الوقت، مثل وحدة الوجود أو تأليه الذات. وأكدت أن تكرار هذه المصطلحات يغير تدريجيًا من قناعات الإنسان، حتى يجد نفسه يردد أفكارًا تتعارض مع عقيدته دون وعي.
ميزان التمييز: الشرع والعلم والفطرة
تم الاتفاق بين المحاورين على أن الميزان الحقيقي لتمييز الحق من الباطل هو ميزان الشرع أولًا، ثم العلم التجريبي، ثم العقل والفطرة السليمة. فلا يُقبل أي مفهوم أو ممارسة إلا إذا وافق الكتاب والسنة، وأقره العلم الصحيح، ولم يتعارض مع الفطرة.
وأكدوا أن قوة التدليس في علوم الطاقة والتنمية البشرية تكمن في خلط المفاهيم، وتقديمها في قوالب جذابة، مع استغلال حاجة الناس للراحة النفسية أو النجاح أو الرزق.
شهادات وتجارب واقعية
شارك بعض الحضور تجاربهم الشخصية، وكيف وقعوا في فخ هذه الدورات، وأنفقوا أموالًا طائلة على مدربين يروجون لأفكار لا أساس علمي أو ديني لها. وأكدوا أن العودة للقرآن والسنة، والتمسك بالفطرة السليمة، هو ما أنقذهم من هذه التيارات الفكرية.
كما عرضت إحدى المشاركات قصة مؤثرة عن يقينها بالله، وكيف لجأت إلى الدعاء في الحرم المكي حين مرضت ابنتها، فاستجاب الله دعاءها، مؤكدة أن الله هو المجيب، وليس هناك حاجة للجوء إلى قوانين الجذب أو غيرها من المفاهيم الدخيلة.
نصائح عملية لحماية النفس والأسرة
في ختام الحوار، قدم المحاورون عدة نصائح عملية:
- اعرض كل فكرة أو ممارسة على ميزان الشرع أولًا، ثم العلم، ثم العقل والفطرة.
- احذر من المصطلحات الجديدة، ولا ترددها دون فهم معانيها الحقيقية.
- لا تغتر بمدعي العلم أو الدين، فليس كل من تحدث باسم الدين أو العلم صادقًا.
- احرص على تثقيف نفسك وأبنائك بالعقيدة الصحيحة، وكن قريبًا منهم فكريًا وعاطفيًا.
- لا تراهن على قوة إيمانك وحدك في مواجهة الشبهات، فحتى العلماء قد يقع عليهم اللبس.
- تذكر أن الله وحده هو المدبر والمجيب، ولا وسيط بينك وبينه.
خلاصة
انتشار مفاهيم التنمية البشرية وعلوم الطاقة ليس مجرد موضة عابرة، بل هو غزو فكري يستهدف العقيدة والهوية. الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتحلى بالوعي، ويحصن نفسه وأسرته بالعلم الشرعي الصحيح، وألا ينخدع بالشعارات البراقة أو المصطلحات المستوردة. فالعلم النافع هو ما يقربك إلى الله، ويزيدك خشية وتواضعًا، أما ما يبعدك عن ربك، أو يدخلك في دوامة الشكوك والشبهات، فاحذره وابتعد عنه.
اللهم ثبتنا على الحق، وارزقنا البصيرة في الدين، واحفظ أبناءنا وبناتنا من كل فكر دخيل.
هل لديك تجربة مع دورات التنمية البشرية أو علوم الطاقة؟ شاركنا رأيك في التعليقات.
https://www.youtube.com/watch?v=pLDvshjrZ18