اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كيف تنتشر مفاهيم التنمية البشرية والطاقة في مجتمعاتنا؟ تحليل نقدي لأساليب المدربين وتأثيرهم

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع ورشات التنمية البشرية ودورات الطاقة في العالم العربي، وأصبحت تجذب عدداً كبيراً من النساء والرجال الباحثين عن حلول

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع ورشات التنمية البشرية ودورات الطاقة في العالم العربي، وأصبحت تجذب عدداً كبيراً من النساء والرجال الباحثين عن حلول لمشاكلهم اليومية أو الطامحين لتطوير ذواتهم. لكن، هل تقدم هذه الدورات فعلاً حلولاً عملية للمشكلات؟ أم أنها تكتفي بتقديم وعود وأوهام قد تضر أكثر مما تنفع؟

كيف يعمل مدربو التنمية البشرية؟

غالباً ما يبدأ المدربون برصد المشكلات الشائعة في المجتمع، مثل الشعور بالنقص أو القلق أو ضعف الثقة بالنفس، ثم يطرحون أنفسهم كخبراء قادرين على تقديم الحلول. ينظمون ورشات ودورات ويستهدفون الأشخاص الذين يشعرون بأنهم بحاجة إلى تغيير أو تطوير في حياتهم. في الحقيقة، معظم من يلتحق بهذه الدورات يعاني من مشكلة ما، حتى وإن كانت بسيطة، وهذا أمر طبيعي لأن 90% من الناس لديهم تحديات في حياتهم.

المدرب لا يهتم غالباً بمشكلتك الخاصة، بل يركز على المشكلات المنتشرة ليجذب أكبر عدد ممكن من المهتمين. بمجرد أن تقرأ منشوراً أو تستمع إلى حديثه، تشعر أنك جزء من الفئة المستهدفة، فتتأثر وتبحث عن حلول، فتقرر الالتحاق بالدورة.

هل تقدم الدورات حلولاً حقيقية؟

عند حضور الدورة، يكتشف الكثيرون أن المدرب لا يقدم حلولاً جذرية، بل يكتفي بإحاطة شاملة بالموضوع، ويمنحك شعوراً بالراحة المؤقتة أو "مسكن" للمشكلة، دون علاج حقيقي. هذا يدفعك غالباً للبحث عن دورة أخرى أو ورشة جديدة، ظناً منك أن الحل قادم في المرة المقبلة.

البعض يرفض شراء الدورات ويواجه انتقادات من المدربين أو المشاركين، بحجة أن "الكارما" أو المعتقدات الداخلية هي ما يمنعك من الاستفادة. يروج البعض لفكرة أن هناك طاقة أو قوة داخلية يجب تحريرها، أو أن المرأة يجب أن تركز على أنوثتها، والرجل على رجولته، ويستغلون بذلك الفروق البيولوجية الطبيعية بين الجنسين.

تأثير السوشيال ميديا على النساء

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في التأثير على النساء بشكل خاص، حيث تروج لنماذج من الشهرة والمال والجمال، مما يدفع الكثيرات للسعي وراء هذه الصورة المثالية. يستغل بعض المدربين هذا الطموح، فيقدمون وعوداً بتحقيق النجاح أو الجمال أو الاستقلال المالي من خلال دوراتهم.

وهم الطاقة وتأثيره على التفكير

انتشرت أيضاً مفاهيم الطاقة، مثل "طاقة المكان" أو "تنظيف الطاقة"، حيث يدعو بعض المدربين لتغيير ديكور المنزل أو حتى إعادة بناءه بحجة تحسين الطاقة، دون مراعاة للمنطق أو للظروف الواقعية. هذه المفاهيم قد تدفع البعض لإنفاق أموالهم على أمور غير ضرورية، بل وتدفعهم أحياناً للابتعاد عن الدين أو التشكيك في المعتقدات الراسخة.

كيف يتم استغلال الدين في التسويق للدورات؟

يبدأ بعض المدربين ورشاتهم بآيات قرآنية أو أحاديث نبوية، مما يمنح حديثهم مصداقية لدى الجمهور المسلم. ثم يبدؤون تدريجياً بإدخال أفكارهم الخاصة، مستخدمين أجزاء من الآيات دون ذكر السياق الكامل، ليقنعوا المتلقي بأن سبب مشاكله هو نقص الإيمان أو المعتقدات الخاطئة التي تربى عليها.

يتم استهداف المعتقدات الدينية تدريجياً، فيبدأ المتلقي بالتشكيك في صحة الأحاديث أو حتى في القرآن نفسه، إلى أن يصل لمرحلة فقدان الثقة في الدين ككل، ويصبح أكثر قابلية لتقبل أي فكرة جديدة مهما كانت غريبة أو مخالفة.

لماذا تنتشر هذه الظواهر؟

جيل التسعينات والألفينات يبحث عن حلول سريعة وخفيفة، ولا يهتم كثيراً بالتعمق أو البحث عن مصادر موثوقة. هذا ما جعل الكثيرين يقعون فريسة لهذه الدورات والورشات، التي تقدم لهم الأمل السريع، ولو كان وهماً.

الحذر واجب!

ليس كل ما يلمع ذهباً. يجب علينا جميعاً أن نكون واعين، وألا ننجرف وراء كل دورة أو ورشة أو مدرب يدعي امتلاك الحلول السحرية. علينا أن نعود إلى مصادرنا الموثوقة، وأن نميز بين العلم الحقيقي والوهم، وأن نحافظ على معتقداتنا وقيمنا.

في النهاية، الهدف الأساسي لبعض هذه الدورات هو جمع الأموال والسيطرة على عقول الناس، وأحياناً إبعادهم عن دينهم وقيمهم. لذا، فلنكن حذرين، ولنعلم أن الحلول الحقيقية تأتي من العمل الجاد، والثقة بالنفس، والاعتماد على الله، وليس من أوهام الطاقة أو وعود المدربين الزائفة.

الخلاصة:

ابحث دائماً عن العلم الحقيقي، وكن ناقداً لما تسمع وتقرأ، ولا تجعل مشاكلك مدخلاً لاستغلالك مادياً أو فكرياً. حافظ على قيمك ومعتقداتك، ولا تتبع كل جديد لمجرد أنه "رائج" أو "مشهور".

https://www.youtube.com/watch?v=sxORkrheCeI

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك