اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كيف تسلل السحرة والمشعوذون إلى مجتمعاتنا؟ نظرة تربوية واجتماعية

في السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة انتشار السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين في مجتمعاتنا بشكل لافت للنظر. هذا التغلغل السريع والسهل يثير العديد من التسا

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، برزت ظاهرة انتشار السحرة والمشعوذين والكهنة والعرافين في مجتمعاتنا بشكل لافت للنظر. هذا التغلغل السريع والسهل يثير العديد من التساؤلات: كيف تمكن هؤلاء من اختراق مجتمع مسلم آمن، مطمئن، ومؤمن بالله ومتوكّل عليه؟ هل السبب أخطاء منا أم قدرات خاصة لديهم؟ أم هو ابتلاء من الله؟

جذور المشكلة: ضعف الوعي وخلل في العقيدة

من المؤلم أن نرى كيف أصبح البعض يقتنع بأفكار تتعارض مع الفطرة السليمة والعقل والمنطق. الأغرب من ذلك أن هناك من يدافع عن هؤلاء المشعوذين، ويشكك في وجود الشياطين أو الطقوس السحرية، بل ويجادل بأننا لم نفهم “الطاقة” ولم نصل بعد إلى الوعي الكافي لفهمها.

هنا يبرز سؤال مهم: متى سنمتلك هذا الوعي؟ هل ننتظر حتى تفسد بيوتنا وتضيع أسرنا، ولا يبقى من يوحد الله ويؤمن به ويتوكل عليه؟

أثر المشعوذين على المجتمع والأسرة

الجريمة الكبرى التي يرتكبها هؤلاء المشعوذون هي في حق عقيدة الأمة. القضية ليست مجرد تنافس دنيوي أو صراع على مصالح مادية، بل هي تدمير لعقائد الناس وتحويل حياتهم إلى جحيم. كثير من الفتيات والشباب الذين انجرفوا وراء هذه الممارسات وجدوا أنفسهم في عزلة عن أسرهم أو مضطرين للبقاء في أوطانهم فقط بسبب ظروفهم المادية.

الأخطر من ذلك هو التأثير الاجتماعي السلبي؛ فقد أصبحنا نسمع عن أبناء أو بنات يكرهون والديهم بسبب “جروح الطفولة”، أو زوجة تكره زوجها لأن “طاقاتهما لا تتوافق” أو أن برجيهما غير متناسبين! أين العقل والمنطق في هذا؟ أين الاستقرار الأسري الذي يحتاجه الأبناء والبنات؟

وهم تطوير الذات وتدمير العلاقات

بعض من يدّعون تطوير الذات أو “الكوتشينج” يروجون لأفكار تدمّر الأسر والعلاقات، بدلاً من بنائها. أصبحوا يربطون نجاح العلاقات الزوجية أو الأسرية بأبراج أو طاقات أو خرافات لا أصل لها. هذا ليس تطويرًا للذات، بل هو هدم للذات والمجتمع.

هؤلاء المدربون أو “الكوتشز” بلغوا من الغرور والجهل مبلغًا عظيماً، حتى صاروا يرون أنفسهم فوق الجميع، وهم في الحقيقة أدوات تدمير للعقائد والعلاقات. يزرعون في الناس أوهامًا عن قدرات خارقة وأمنيات أكبر من الواقع، ثم يتركونهم في دوامة من الإحباط والاكتئاب عندما لا تتحقق هذه الأمنيات.

خطورة الانحراف عن الإيمان بالقضاء والقدر

من أخطر ما يروج له هؤلاء هو زعزعة إيمان الناس بالقضاء والقدر. المسلم الحقيقي يعيش مطمئنًا، راضيًا بما قسم الله له، لا يعيش في قلق أو شكوك دائمة. أما من يتبع هذه الطرق المنحرفة، فيعيش في حالة من الهوس والهلوسة، ويبحث عن أسباب فشل تحقيق أهدافه في “جروح الطفولة” أو “الطاقات السلبية” أو غيرها من الخرافات.

تجارب واقعية: دروس من حياة المشاهير

حتى بعض العظماء في مجال الابتكار، مثل ستيف جوبز، وقعوا ضحية لهذه الأفكار المنحرفة. فرغم ذكائه وابتكاره لجهاز الآيفون، إلا أن تأثره بمعتقدات الطاقة والهندوسية والبوذية جعله يظن أنه قادر على شفاء نفسه بنفسه، فرفض العلاج الطبي حتى استفحل به المرض وفارق الحياة. هذه القصة تذكير بأن الانحراف في العقيدة قد يؤدي إلى خسائر في الصحة والمال والعلاقات.

رسالة تربوية: العودة إلى الفطرة والإيمان الصحيح

العقيدة الصحيحة هي التي تنقذ الإنسان في جميع الجوانب: النفسية، والاجتماعية، والصحية. أما العقائد المنحرفة، فلا تجلب إلا الضرر والهدم. في حين أن بعض الديانات أو المعتقدات قد تحمل جوانب إيجابية، إلا أن معتقد “الطاقة” لم يُثبت أي فائدة، لا للإنسان ولا للحيوان ولا للبيئة.

علينا أن نعي أن الحق واضح، وأن العودة إلى الفطرة والإيمان بالله والتوكل عليه هو السبيل إلى السعادة والاستقرار. باب الدعاء مفتوح، والله يفرح بتوبة عبده وسؤاله. إذا راودتك الشكوك، فاسأل الله بصدق أن يريك الحق، وسوف يهديك بإذنه.

خاتمة: مسؤوليتنا في مواجهة الخرافة

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ويردهم إلى الحق. من واجبنا جميعًا أن نحصّن أنفسنا وأسرنا من هذه الأفكار الدخيلة، وأن نعود إلى العقيدة الصافية النقية التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

احذروا من الانجراف وراء الخرافات، وكونوا قدوة في الإيمان والثبات، فذلك هو الطريق إلى السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.

https://www.youtube.com/watch?v=mzXv11zi_B8

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك