اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

كيف تستهدف فلسفات الطاقة والوعي السنة النبوية؟ تحليل علمي وتحذير تربوي

بسم الله الرحمن الرحيم، نرحب بكم جميعاً بعد انقضاء العشر الأواخر من رمضان وإجازة عيد الفطر المبارك، ونسأل الله أن يعيده علينا وعليكم بالخير والبركة. ف

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم، نرحب بكم جميعاً بعد انقضاء العشر الأواخر من رمضان وإجازة عيد الفطر المبارك، ونسأل الله أن يعيده علينا وعليكم بالخير والبركة. في هذه المقالة، نستكمل سلسلة "دجالين الطاقة" التي بدأناها قبل رمضان، ونخصص هذه الحلقة الرابعة لموضوع بالغ الأهمية: لماذا تستهدف مناهج الطاقة والوعي الحديثة السنة النبوية؟ وكيف تتم هذه العملية؟

مقدمة: هجمة خفية على السنة النبوية

في السنوات الأخيرة، انتشرت في عالمنا العربي والإسلامي دورات ومناهج للطاقة والتنمية الذاتية والوعي، تحمل في ظاهرها شعارات براقة عن التطور الروحي والتحرر الذاتي. لكن خلف هذه العناوين، هناك توجهات خفية تهدف إلى زعزعة ثوابت الدين، وعلى رأسها السنة النبوية. فما هي دوافع هذه الهجمة؟ وما الأساليب التي تُستخدم؟ وكيف يمكن للأسرة والمجتمع حماية الجيل الجديد من هذا التيار؟

لماذا السنة النبوية تحديداً؟

يرى منظرو مدارس الطاقة والوعي أن السنة النبوية هي الحصن الأخير الذي يقف في وجه أفكارهم الباطنية. فالقرآن الكريم محفوظ بحفظ الله، لكن فهمه وتفسيره يحتاج إلى السنة النبوية التي تُعد الترجمة العملية والشرعية للقرآن. لذلك، فإن استهداف السنة هو في حقيقته استهداف للقرآن نفسه، ومحاولة لإفراغ الدين من جوهره، تمهيداً لتمرير فلسفات جديدة دخيلة.

كما أن الأحاديث النبوية الصحيحة هي التي كشفت أسرار الدجال، وحذرت من الفتن، ووضحت علامات الساعة. لذا، يعتبرها أصحاب هذه المناهج عقبة كبرى أمام مشروعهم، ويسعون لإزاحتها من عقول الممارسين.

كيف يتم استهداف السنة النبوية؟

  • ضرب المرجعيات الدينية:

يتم تدريب المدربين والممارسين على تحطيم المرجعيات، فلا شيخ ولا عالم ولا صحابي ولا حتى حديث أو سنة. يُشجَّع الفرد على أن يكون مرجعه الوحيد هو "نوره الداخلي" أو "إلهامه الذاتي".

  • التشكيك في رواة الحديث:

يُروج أن البخاري ومسلم وغيرهم من أئمة الحديث يمثلون "الطاقة الذكورية المتسلطة"، ويُشاع أن كتبهم لا يمكن الوثوق بها، رغم أن حتى المنظمات الباطنية تعترف بتوثيقهم العالي. الهدف هو زعزعة الثقة في كل ما وصلنا من السنة.

  • استبدال السنة بمفاهيم باطنية:

تُطرح بدائل مثل "حديث القلب"، "الإلهام الداخلي"، "رسائل الكون"، بحيث يصبح مصدر التشريع هو التجربة الشخصية أو الحدس، لا ما قاله الله ورسوله.

  • استهداف المرأة والأم:

تُعتبر المرأة المدخل الرئيسي لتغيير الجيل القادم. يُروَّج لها أن الحجاب والاحتشام "قيود"، وأن التحرر من التشريعات هو السبيل للارتقاء الروحي. كما يُربط جسدها بمفاهيم باطنية كونه "بوابة العوالم" أو "رمز الانتقال بين الأجيال".

  • تشويه صورة العلماء:

يُسخر من العلماء والدعاة، ويُوصفون بالتشدد أو الرجعية، بينما يُقدَّم المدرب أو المدربة كرمز للانفتاح والتنوير.

  • التلاعب بمفاهيم الصلاة والعبادة:

تُستبدل الصلاة الحركية التي جاء بها النبي ﷺ بفكرة "الصلاة العقلية" أو التأمل، ويُروج أن الاتصال بالله يكون بالعقل فقط، لا بالعبادات الشرعية.

  • إدخال الرموز الباطنية:

تُستخدم رموز مثل الهرم، عين حورس، أرقام محددة، أو صور "النور"، لإحداث ارتباط نفسي وعقلي بالمفاهيم الماسونية والباطنية.

أساليب البرمجة والتأثير

  • التركيز على التحرر من القيود:

يُشجع الفرد على أن يكون هو مصدر التشريع، وأن يتحكم بمصيره من خلال طاقته الذاتية، لا من خلال الدين أو السنة.

  • الاعتماد على التجربة الشخصية:

يُروج أن "الروحانية الحقيقية" تُقاس بالتجربة الفردية، لا بالعبادات أو الالتزام بالشرع.

  • العقلانية المجردة:

يُطلب من الممارسين أن يحكموا على الأحاديث بعقولهم فقط، ويُسأل: "هل تدخل هذه الأحاديث عقلك؟"، مما يؤدي إلى رفض كل ما لا يتوافق مع منطقهم المحدود.

  • استبدال السنة بالحِكم الباطنية:

تُستبدل أقوال النبي ﷺ بأقوال بوذا أو أوشو أو فلاسفة آخرين، ويُربط ذلك بالتنوير الروحي.

خطورة "أسلمة الطاقة"

من أخطر الأساليب التي انتشرت مؤخراً محاولة "أسلمة" مفاهيم الطاقة، أي دمجها مع نصوص قرآنية أو أحاديث نبوية (غالباً ضعيفة أو محرفة)، لتبدو متوافقة مع الإسلام. والهدف هو تمرير الطقوس والممارسات الوثنية تحت غطاء ديني، مما يؤدي إلى تدمير الحاجة إلى الفقه والتفسير، وفصل المسلم عن مصادر التشريع الحقيقية.

صناعة "المسلم الجديد"

تسعى هذه المدارس إلى خلق جيل جديد من المسلمين يسمونه "المسلمين الجدد"، يبحث عن الخلاص الروحي بعيداً عن "الأنماط التقليدية" (أي السنة النبوية)، ويعتمد على الوعي الفردي والطاقة الذاتية، ويرى في التشريعات الإسلامية "قيوداً" يجب التحرر منها.

كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا؟

  • تعزيز الثقة في السنة النبوية:

يجب ترسيخ مكانة السنة في قلوب الأبناء، وبيان أنها الحصن الشرعي الذي يحفظ الدين من التحريف.

  • توضيح خطورة البدائل الباطنية:

لا بد من توعية الشباب بأن البدائل المطروحة (كالإلهام الداخلي أو رسائل الكون) ليست مصادر شرعية، وأنها تقود إلى الانفصال عن الإسلام.

  • التمسك بالمرجعيات الدينية:

يجب احترام العلماء والرجوع إليهم، وعدم الانسياق وراء من يدعو لتحطيم المرجعيات.

  • مراجعة المناهج والدورات:

الحذر من الدورات أو الكورسات التي تروج لمفاهيم الطاقة والوعي دون مرجعية شرعية واضحة.

  • فتح الحوار مع الأبناء:

الاستماع لتساؤلاتهم، وتوضيح الشبهات التي قد يتعرضون لها في هذه الدورات أو عبر وسائل التواصل.

خاتمة: مسؤولية جماعية

إن الهجمة على السنة النبوية من خلال مناهج الطاقة والوعي ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي مشروع طويل الأمد لإعادة تشكيل وعي الأمة، وفصلها عن مصادرها الشرعية. إن مسؤولية حماية الجيل الجديد من هذه الموجة تقع على عاتق الأسرة، والمدرسة، والعلماء، وكل فرد في المجتمع.

لنحافظ على هويتنا الإسلامية، ولنتمسك بالقرآن والسنة، ولنحذر من كل تيار يدعو إلى تهميش أو نسف السنة النبوية تحت أي مسمى.

اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا من كل فتنة، وردهم إلى دينك رداً جميلاً، واجعلنا جميعاً من المتمسكين بسنة نبيك محمد ﷺ حتى نلقاك.

بقلم: [اسم الكاتب]

سلسلة دجالين الطاقة – الحلقة الرابعة

https://www.youtube.com/watch?v=hZXpuHYUGwg

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك