🔵 الدكتور / أيمن العنقري ( كيفية الحماية من شبهات الوعي والطاقة )
في عصرنا الحديث، انتشرت العديد من المفاهيم والممارسات المرتبطة بما يُسمى بـ"الوعي" و"الطاقة"، والتي تحمل في طياتها شبهات فكرية وعقدية خطيرة. كثير من ه
كيفية الحماية من شبهات الوعي والطاقة: رؤية تربوية وعقدية
في عصرنا الحديث، انتشرت العديد من المفاهيم والممارسات المرتبطة بما يُسمى بـ"الوعي" و"الطاقة"، والتي تحمل في طياتها شبهات فكرية وعقدية خطيرة. كثير من هذه الأفكار تتسلل إلى عقول الشباب والأبناء عبر دورات التنمية البشرية أو فلسفات التأمل والطاقة، مما يستدعي وقفة واعية وتربية متينة لحماية الأجيال من التأثر بهذه الشبهات. في هذا المقال، سنستعرض أهم المحاور والوسائل العملية للحماية من شبهات الوعي والطاقة، مع التركيز على دور الأسرة والمربين في توعية الأبناء.
أولاً: الدعاء بالثبات على الدين
من أعظم وسائل الحماية من الشبهات، الإكثار من دعاء الله تعالى بالثبات على الدين والعقيدة الصحيحة. كان النبي محمد ﷺ يكثر من هذا الدعاء:"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".فالدعاء بالثبات على التوحيد والسنة وعقيدة أهل السنة والجماعة هو الحصن الأول للمسلم في مواجهة الأفكار الدخيلة.
ثانياً: دراسة العقيدة الإسلامية بعمق
الحصانة الفكرية والعقدية لا تتحقق إلا بفهم العقيدة الإسلامية فهماً دقيقاً ومفصلاً، مع الاستدلال بالنصوص الشرعية (القرآن والسنة) والأدلة العقلية الصحيحة المؤيدة للوحي.من المهم دراسة مسائل الإيمان بالله، وأسمائه وصفاته، والإيمان بالملائكة، والرسل، واليوم الآخر، والقدر وتفاصيله، ومعرفة مراتب القدر وأفعال العباد، مع إثبات الحكمة في أفعال الله وأن العباد لهم إرادة وقدرة لكنها مرتبطة بمشيئة الله.
دراسة العقيدة السلفية الصحيحة بتفصيلها وأدلتها تمنح المسلم مناعة قوية أمام شبهات العصر، خاصة تلك التي تتخفى خلف مسميات جديدة مثل "الطاقة الكونية"، "قانون الجذب"، "الامتنان"، وغيرها من المفاهيم التي تحمل في جوهرها انحرافات عقدية ووثنيات بثوب عصري.
ثالثاً: الابتعاد عن مصادر الشبهات وعدم الإصغاء إليها
من وسائل الحماية المهمة:-الابتعاد عن الاستماع أو المشاركة في دورات أو جلسات أصحاب شبهات الطاقة والوعي.-عدم الإصغاء لمروجي هذه الأفكار، خاصة إذا لم يكن لدى الشخص حصانة عقدية كافية.
علماء أهل السنة والجماعة حذروا من الجلوس مع المبتدعة والاستماع لهم، حتى لا تدخل الشبهات إلى القلب فيتعلق بها الإنسان ويعجز عن ردها. يكفي المسلم أن يعرف الحق بدليله، ويبتعد عن مصادر الانحراف، فهذه الأفكار ليست سوى بدع وضلالات بثوب جديد.
رابعاً: الخطاب المثالي مع الأبناء المتأثرين بفلسفة الطاقة
عند التعامل مع الأبناء أو الطلاب المتأثرين بفلسفات الطاقة والوعي، يجب أن يكون الخطاب قائماً على:-الرفق واللين والحكمةفي الحوار.-التفصيل والشرحوعدم الاكتفاء بإصدار الأحكام فقط.
الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فلا بد أن نشرح للأبناء جذور هذه الفلسفات، ونبين أنها مستمدة من ديانات وثنية وإلحادية (مثل الهندوسية، الطاوية، نظرية النيرفانا، وغيرها).من المهم إيضاح أن "الطاقة الكونية" في هذه الفلسفات تعتبر قوة خفية تدبر الكون، أي أنها بمثابة "إله" عند أصحابها، وهذا انحراف عقدي خطير.
كلما كان الشرح مبسطاً وواضحاً، كلما سهل على الأبناء إدراك خطورة هذه الأفكار، والتمييز بينها وبين العقيدة الإسلامية الصحيحة.
خامساً: توضيح الواقع وتطبيقات الطاقة
يجب تصوير الواقع والممارسات المرتبطة بالطاقة (مثل قانون الجذب، قانون الامتنان، قانون النية، التشافي بالطاقة) بشكل واضح، حتى يدرك الشخص خطورتها على عقيدته وتوحيده.بعد الفهم الصحيح للممارسة، يمكن إسقاط الحكم الشرعي والعقدي عليها، وبيان وجه الخلل والخطر فيها.
خلاصة
حماية النفس والأبناء من شبهات الوعي والطاقة مسؤولية عظيمة تبدأ بالدعاء، وتتعمق بدراسة العقيدة، وتستمر بالابتعاد عن مصادر الشبهات، وتنضج بالحوار الحكيم مع الأبناء.إن فهم جذور هذه الأفكار وبيان خطورتها بأسلوب علمي وتربوي هو السبيل الأمثل لتحصين المجتمع من الانحرافات العقدية والفكرية في هذا العصر.