🔵 الدكتور / أيمن العنقري ( شبهة الجسد الأثيري والشاكرات )
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم المرتبطة بعالم الطاقة، مثل الجسد الأثيري والشاكرات، في الأوساط الثقافية والإعلامية. وتدّعي بعض الشخصيات
شبهة الجسد الأثيري والشاكرات: رؤية نقدية علمية وشرعية
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم المرتبطة بعالم الطاقة، مثل الجسد الأثيري والشاكرات، في الأوساط الثقافية والإعلامية. وتدّعي بعض الشخصيات أنها قضت سنوات في مناطق مثل التبت، واطلعت على خفايا السحر والتنجيم، وتقدم هذه المفاهيم على أنها علوم روحية وفلسفات عميقة. لكن ما حقيقة هذه الادعاءات؟ وهل لها أي أساس علمي أو شرعي؟
ما هو الجسد الأثيري والشاكرات؟
يُزعم في فلسفات الطاقة أن هناك جسماً غير مرئي يُسمى "الجسد الأثيري" يحيط بالجسم المادي ويخترقه، ويحتوي على مراكز طاقة دوارة تُعرف بالشاكرات. ويقال إن هذه الشاكرات هي المسارات الحيوية التي تنقل الطاقة الكونية إلى الإنسان، وتوزعها داخل الجسد لتحميه من الأمراض وتمنحه القوة والسلام الداخلي.
يدعي بعض مروجي هذه الأفكار أن فئة قليلة من الناس، ممن يمتلكون ما يسمونه بـ"الجلاء البصري"، يمكنهم رؤية هذه الأجسام الأثيرية. ويُقال إن الوصول لهذه القدرة يكون عبر التأمل العميق وتفعيل الخيال والمشاهدة الذهنية.
حقيقة الجسد الأثيري والشاكرات بين العلم والوهم
عند النظر إلى هذه الادعاءات من منظور علمي، نجد أنها تفتقر تماماً إلى أي دليل تجريبي أو علمي موثق. فالجسد الأثيري والشاكرات لم تُثبت وجودها بأي وسيلة علمية معترف بها، ولم تُرصد بأي جهاز أو تجربة علمية. بل إن هذه المفاهيم تُصنف ضمن "العلم الزائف" أو "العلوم الكاذبة"، إذ تعتمد على الخيال والتأملات الشخصية دون أي أساس واقعي.
حتى بعض الشخصيات الروحانية الشهيرة، مثل أوشو، تحدثت عن تجارب التأمل لرؤية الجسد الأثيري، ووصفتها بأنها حالات يدخل فيها الإنسان في سكون ويغلق عينيه ليشعر بالحب والسلام الداخلي، ثم يرى نوراً لا مصدر له يُسمى "النور الإلهي". لكن كل هذه التجارب تظل ضمن نطاق الادعاءات الشخصية التي لا يمكن التحقق منها أو الاعتماد عليها علمياً.
الشاكرات والمانترا: بين الفلسفة الهندوسية والسحر
ترتكز فلسفة الشاكرات على فكرة أن الكون نشأ من ثنائية الذكورة والأنوثة، وأن اتحاد هذه الثنائية يؤدي إلى الاتحاد بالمطلق أو الإله. وتربط هذه الفلسفة بين مراكز الطاقة في الجسد الأثيري وبين أصوات وكلمات تُسمى "المانترا"، يُزعم أنها تساعد في التحول النفسي والروحي عند ترديدها.
لكن في الحقيقة، هذه الأصوات ليست سوى تعويذات تُستخدم في استدعاء الآلهة (وهي في الواقع شياطين حسب الرؤية الإسلامية). فلكل شاكرة إله خاص، ويُعتقد أن الاتحاد مع هذه الآلهة يمنح الإنسان قوى خارقة أو حماية من الأمراض.
المانترا والتانترا: مصادرها وخطورتها
عند سؤال الكهنة القدماء في الهندوسية عن مصدر المانترا، أجابوا بأنها إلهامات جاءت من "عالم الغيب"، وهو في الحقيقة عالم الشياطين. بل وذهب بعضهم إلى القول إن المانترا هي ترانيم الملائكة التي انتقلت إليهم عبر الأرواح، وهو ادعاء باطل لا أساس له في العقيدة الإسلامية.
في الواقع، المانترا والتانترا هما من أخطر الممارسات الروحية التي تؤدي إلى استدعاء الشياطين وتسخيرها، مما يعرض الإنسان لتسلطها وتلاعبها بعقله وحياته.
الرؤية الشرعية: تحذير العلماء من هذه الممارسات
حذر العلماء المسلمون من الانخداع بهذه المفاهيم والممارسات، واعتبروها من أبواب الشرك والسحر. فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (الجزء العاشر، صفحة 400) عن هذه الأحوال الشيطانية التي تظهر عند بعض المتصوفة والكهان والسحرة:
"هذا باب دخل فيه أمر عظيم على كثير من السالكين، واشتبهت عليهم الأحوال الرحمانية بالأحوال الشيطانية، وحصل لهم من جنس ما يحصل للكهان والسحرة".
وهذا يدل على دقة العلماء في التفريق بين الحق والباطل، والتحذير من كل ما يخالف العقيدة الصحيحة.
الخلاصة
إن مفاهيم الجسد الأثيري والشاكرات والمانترا والتانترا ليست سوى خرافات وأوهام لا أساس لها من الصحة، لا علمياً ولا شرعياً. ويجب على المتعلمين والباحثين الحذر من الانسياق وراء هذه الأفكار الزائفة، والاعتماد على العلم الصحيح والمنهج الشرعي السليم في فهم قضايا الروح والطاقة.
المصادر:- مجموع الفتاوى لابن تيمية- كتب نقدية في فلسفة الطاقة والروحانيات