اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الأضرار الطبية لممارسات "ثيتا هيلينغ" وخرافات الطاقة: رؤية علمية

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العديد من الممارسات الروحانية والعلاجات البديلة التي تدّعي قدرتها على شفاء الأمراض وتحسين الصحة النفسية والجسد

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
7 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت في مجتمعاتنا العديد من الممارسات الروحانية والعلاجات البديلة التي تدّعي قدرتها على شفاء الأمراض وتحسين الصحة النفسية والجسدية، ومن أشهرها ما يُعرف بـ"ثيتا هيلينغ" أو العلاج بموجات الثيتا. في هذا المقال، سنناقش بشكل علمي وموضوعي حقيقة هذه الممارسات، ونوضح الأضرار الطبية المحتملة لها، مستندين إلى آراء مختصين وتجارب واقعية.

ما هي موجات الدماغ ولماذا تُستخدم في الطب؟

قبل الحديث عن "ثيتا هيلينغ"، من الضروري أن نفهم أولاً ما هي موجات الدماغ. الدماغ البشري يُنتج أنماطًا كهربائية تُسمى "موجات دماغية"، يمكن قياسها باستخدام أجهزة متخصصة مثل جهاز تخطيط كهربائية الدماغ (EEG). هناك عدة أنواع من هذه الموجات، أشهرها: دلتا، ثيتا، ألفا، بيتا، وجاما. لكل نوع منها علاقة بحالة الوعي أو النوم أو التركيز.

في الطب، تُستخدم هذه القراءات لأغراض تشخيصية دقيقة، مثل مراقبة حالات الصرع، أو تحديد عمق التخدير أثناء العمليات الجراحية، أو تشخيص بعض الأمراض العصبية. على سبيل المثال، أثناء التخدير، يراقب الأطباء موجات الدماغ للتأكد من أن المريض في الحالة المناسبة للعملية، ويتجنبون بذلك حدوث الألم أو الاستيقاظ أثناء الجراحة.

كيف استُغلت هذه المفاهيم في ممارسات غير علمية؟

مع انتشار المعرفة بهذه الموجات، بدأ بعض المروجين لما يُسمى "علوم الطاقة" أو "العلاجات البديلة" في استخدام مصطلحات علمية لإضفاء مصداقية على ممارساتهم. فصاروا يربطون بين موجات الدماغ، خاصة موجة "ثيتا"، وبين حالات التأمل أو العلاج الروحاني، مدّعين أن الدخول في هذه الموجة يمكن أن يشفي الجسد أو يحرر العقل من الصدمات النفسية.

في الواقع، هذه الادعاءات تفتقر لأي أساس علمي مثبت. فوجود موجة ثيتا في الدماغ أمر طبيعي يحدث أثناء النوم أو الاسترخاء العميق، ولا يحتاج الإنسان إلى طقوس أو ممارسات خاصة للوصول إليها. بل إن محاولة استثارة هذه الموجة بشكل متكرر أو غير طبيعي قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم أو التركيز.

الأضرار الطبية لممارسات "ثيتا هيلينغ" والتأمل المفرط

من خلال النقاش مع أطباء مختصين وتجارب أشخاص مارسوا هذه التقنيات لفترات طويلة، ظهرت عدة أضرار صحية ونفسية، منها:

1. اضطرابات النوم

ممارسة التأمل أو "ثيتا هيلينغ" بشكل مفرط قد يؤدي إلى خلل في دورة النوم الطبيعية. البعض يعاني من الأرق الشديد، فلا يستطيع النوم بسهولة، بينما يعاني آخرون من نوم عميق مصحوب بالخمول والكسل. هذا الخلل في النوم ينعكس سلباً على الصحة العامة، ويؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وتسارع ضربات القلب، وحتى اضطرابات في عمل القلب.

2. اضطراب عمل الجسم الطبيعي

الجسم البشري مبرمج بشكل طبيعي على الدخول في موجة ثيتا أثناء الاسترخاء أو قبل النوم، دون الحاجة لأي تدخل خارجي. التدخل المستمر عبر التأمل أو الطقوس الروحانية يعطل هذا النظام الذاتي، ويجعل الجسم يعتمد على ممارسات خارجية للوصول إلى حالة الاسترخاء أو العلاج، مما يضعف قدرته على التكيف الطبيعي مع الضغوط أو الأمراض.

3. زيادة الوزن ومشاكل الأيض

لوحظ عند بعض الممارسين لثيتا هيلينغ زيادة ملحوظة في الوزن، وظهور علامات مقاومة الإنسولين، حتى مع ثبات النظام الغذائي والنشاط اليومي. السبب يعود غالباً إلى اضطراب هرمونات الجسم، خاصة هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، الذي يرتفع مع اضطرابات النوم المزمنة، ويؤدي بدوره إلى زيادة مقاومة الإنسولين، وتراكم الدهون، وصعوبة فقدان الوزن.

4. زرع ذكريات أو أفكار كاذبة

من أخطر الأضرار النفسية لمثل هذه الممارسات، سهولة زرع ذكريات كاذبة أو أحداث لم تحدث فعلاً في ذهن المريض، خاصة أثناء جلسات التأمل العميق أو التنويم الإيحائي. قد يتم إقناع الشخص بأنه تعرض لصدمات أو اعتداءات لم تحدث، مما يسبب له أزمات نفسية حقيقية وقطع علاقات أسرية واجتماعية دون مبرر.

5. مشاكل في القلب والجهاز العصبي

هناك حالات موثقة لأشخاص أصيبوا باضطرابات في كهرباء القلب وتسارع ضرباته أثناء فترات ممارسة التأمل أو ثيتا هيلينغ، مما استدعى تدخلات طبية عاجلة، مثل تركيب أجهزة تنظيم ضربات القلب.

الغدة الصنوبرية وخرافات الطاقة

كثيراً ما يروج ممارسو "علوم الطاقة" لمفاهيم خاطئة حول الغدة الصنوبرية، مدّعين أنها مركز الروح أو "العين الثالثة"، وأن تنشيطها يؤدي إلى قدرات خارقة أو توازن طاقة الجسد. علمياً، الغدة الصنوبرية هي غدة صغيرة في الدماغ تفرز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم، ولا يوجد أي دليل علمي على ارتباطها بالقدرات الروحانية أو الطاقة المزعومة.

توازن الطاقة والهرمونات: الحقيقة العلمية

من الخرافات المنتشرة أيضاً، الحديث عن "طاقة الأنوثة" و"طاقة الذكورة" وربطها بمشاكل صحية أو نفسية. الحقيقة أن جسم الإنسان يحتوي على هرمونات أنثوية وذكورية بنسب مختلفة حسب الجنس والعمر، وهذه النسب تتغير طبيعياً خلال مراحل الحياة. لا يوجد ما يسمى "اختلال في طاقة الأنوثة أو الذكورة" من منظور علمي، وأي محاولة لقياس أو تعديل هذه "الطاقة" لا تستند إلى أساس علمي.

مخاطر الاعتماد على العلاجات الزائفة

تكمن الخطورة الأكبر في أن بعض الأشخاص يلجؤون إلى هذه الممارسات بدلاً من العلاج الطبي الصحيح، خاصة في حالات الأمراض المزمنة أو المستعصية مثل أمراض المناعة أو السرطان. قد يتم إقناعهم بأن الإرادة أو الطاقة كافية للشفاء، فيتأخرون عن تلقي العلاج المناسب، مما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية وربما الوفاة.

نصائح للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية

  • احرص على النوم الجيد في الليل، فالجسم يحتاج إلى النوم ليلاً ليستعيد توازنه الهرموني والعصبي.
  • مارس الرياضة بانتظام، حتى ولو كانت لمدة قصيرة يومياً، فذلك أفضل من جلسات طويلة متقطعة.
  • تجنب الاعتماد على العلاجات غير المثبتة علمياً، واستشر الأطباء المختصين عند مواجهة أي مشكلة صحية.
  • حافظ على توازنك النفسي والاجتماعي، وابتعد عن مصادر التوتر قدر الإمكان.
  • لا تنخدع بالمصطلحات العلمية المزيفة التي يستخدمها بعض المروجين للعلاجات البديلة، وابحث دائماً عن المصادر العلمية الموثوقة.

في الختام

العلم لا يناقض نفسه، بل يقدم لنا حقائق واضحة ومثبتة حول صحة أجسامنا وعقولنا. أما الخرافات والممارسات غير العلمية، فهي تتناقض مع بعضها البعض وتؤدي إلى أضرار جسيمة قد لا تظهر إلا بعد فترة من الزمن. علينا أن نثق بالطب الحديث ونبتعد عن كل ما لم يثبت علمياً، حفاظاً على صحتنا وسلامة مجتمعنا.

المصادر العلمية متوفرة عند الطلب، ونرحب بأي استفسار أو مداخلة من القراء حول الموضوع.

https://www.youtube.com/watch?v=cbBgdEGaPyw

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك