الضوء الأبيض بين الحقيقة والوهم: نظرة نقدية على مدارس الطاقة
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والممارسات المتعلقة بالطاقة والشفاء الروحي، ومن بينها مفهوم "الضوء الأبيض". يروج بعض المدربين والمؤسسين
في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من المفاهيم والممارسات المتعلقة بالطاقة والشفاء الروحي، ومن بينها مفهوم "الضوء الأبيض". يروج بعض المدربين والمؤسسين في هذا المجال لفكرة أن الضوء الأبيض هو طاقة نقية، لا علاقة لها بالكائنات الروحية أو الملائكة أو الأرواح، بل هي طاقة كونية محايدة، لا إيجابية ولا سلبية. ويُقال إن التعامل معها يتم فقط عبر تخيل أو استشعار هذا الضوء، سواء في عمليات الشحن الطاقي أو الحماية أو بناء الحواجز، دون أي ارتباط بعوالم الغيب.
ما هو الضوء الأبيض في مدارس الطاقة؟
يُعرّف الضوء الأبيض في بعض المدارس الروحية والطاقة بأنه طاقة كونية خالصة، يُمكن للمبتدئين والمتمرسين على حد سواء استشعارها أو تخيلها. ويُشدد بعض المدربين على أنه لا يوجد شيء اسمه "ضوء أبيض إيجابي" أو "ضوء أبيض سلبي"، بل هو مجرد ضوء أبيض، دون أي دلالات أخرى. ويُقال إن هذه المدارس منقحة من أي شبهات أو ارتباطات بعوالم الجن أو الأرواح أو الملائكة، وأنها تقدم علماً نقياً خالياً من الخرافات.
الضوء الأبيض بين النور والطاقة
من المهم التمييز بين مصطلحي "الضوء" و"النور"؛ فبعض الممارسين يرون أن النور أقوى وأفضل من الضوء، ولكل مدرسة تفسيرها الخاص. إلا أن أغلب المدارس تتفق على أن الحديث عن الضوء الأبيض مرتبط بفكرة الاستنارة الكاملة أو الاستبصار، وهي حالات يُدعى أنها تنبع من الاتصال بالطاقة الكونية أو الوعي الإلهي.
حقيقة التواصل مع الكائنات الخفية
عند التعمق في هذه الممارسات، نجد أن هناك طرقاً مختلفة يُقال إنها تُستخدم للتواصل مع الكائنات الخفية مثل الجن، منها التجسد، التشكل، التخييل البصري والذهني والسمعي، الإيحاء، والوسوسة. وغالباً ما يرتبط هذا التواصل بطقوس معينة، وقرابين، وعهود، تختلف حسب نوع المدرسة الروحية أو الطاقية.
يُلاحظ أن كثيراً من هذه الممارسات مستمدة من ديانات وثنية قديمة، مثل الهندوسية والبوذية وبعض الديانات اللاتينية، حيث يُقال إن الشياطين أو الكائنات الخفية تتجسد لمؤسسي هذه المدارس وتمنحهم "علوماً" وقدرات خاصة. ولهذا نجد اختلافاً في نوعية الكائنات أو الطاقات التي يتعامل معها كل نظام أو مدرسة، فمثلاً الشيطان في مدرسة "ثيتا" يختلف عن الشيطان في مدرسة "أكسس" من حيث القدرات والمهام.
قرابين المعصية: الوجه الخفي للطقوس
من أخطر ما يُلاحظ في هذه المدارس هو ما يُسمى "قرابين المعصية"، وهي أفعال يُطلب من الممارسين القيام بها كنوع من التقرب، مثل الصلاة أو الصيام في أوقات الحيض، أو تقديم أفعال مخالفة للشريعة. هذه الأفعال تُعتبر نوعاً من القرابين لإبليس، حتى وإن لم يكن الممارس على علم بذلك، ويُقال إنها تفتح أبواباً للتواصل مع الكائنات الخفية وتزيد من قوة العارض أو الشيطان المتصل بالشخص.
الاستدراج عبر الضوء الأبيض
يبدأ الاستدراج عادةً عبر التخييل البصري، حيث يُوهم الممارس بأنه يرى أضواء أو هالات أو ألوان معينة، ويُقنع بأنه يمتلك قدرات استثنائية أو أنه أصبح متصلاً بالوعي الإلهي أو بالملائكة. وتتصاعد درجات الاستدراج، فيُطلب منه التحكم في الضوء بين الكفين، أو تشكيل الضوء الأبيض، أو رؤية شرارات تخرج من اليدين، أو حتى تحريك الأشياء بالنظر أو ثنيها بنية القلب.
كل هذه المظاهر، بحسب التحليل النقدي، ليست سوى استدراجات شيطانية تهدف إلى إقناع الممارس بأنه يمتلك قدرات خارقة، بينما في الواقع هو واقع تحت تأثير تخييل أو تشكل شيطاني.
كيف ينكشف زيف هذه الممارسات؟
من العلامات الفارقة التي تكشف حقيقة هذه الأضواء أو الطاقات، أنه بمجرد إعلان التوبة والرجوع إلى الله، تختفي هذه القدرات فوراً، ولا يستطيع الممارس استحضارها مهما حاول. وهذا دليل على أن هذه الأضواء ليست طاقة كونية محايدة، بل هي مرتبطة بكائنات خفية تستمد قوتها من الطقوس والقرابين والعهود التي أُبرمت مع إبليس وأعوانه.
خاتمة: الحذر واجب
في الختام، يجب على كل باحث عن الحقيقة أن يتنبه إلى خطورة الانجرار وراء مثل هذه الممارسات التي تُغلف بعبارات براقة مثل "الضوء الأبيض" و"الطاقة الكونية" و"الاستنارة". فالحقيقة أن كثيراً منها يستند إلى طقوس وعهود وقرابين تفتح أبواباً لعوالم خفية، وقد تعرض الإنسان وأهله وأطفاله لمخاطر كبيرة. والواجب هو الرجوع إلى الله والاعتصام بالعلم الصحيح، وعدم الانخداع بالمظاهر أو الادعاءات التي لا تستند إلى أساس علمي أو شرعي.
إذا كنت قد مارست أو جربت إحدى هذه الطقوس، فبادر بالتوبة الصادقة، وستجد أن كل هذه القدرات أو الأضواء ستختفي، لأن الله سبحانه وتعالى يحفظ عباده الصادقين ويخرجهم من دوائر الضلال.
ملاحظة: هذا المقال يهدف إلى التوعية والتحذير من بعض الممارسات المنتشرة في مجالات الطاقة والتنمية الذاتية، ويدعو إلى تحكيم العقل والرجوع إلى المصادر الموثوقة في البحث عن الحقيقة.
https://www.youtube.com/watch?v=xoUCHubOMe4