الفينغ شوي (طاقـة المكان): بين الحقيقة والخرافة
في السنوات الأخيرة، انتشرت في عالمنا العربي مفاهيم جديدة حول "طاقـة المكان" أو ما يُعرف بالفينغ شوي (Feng Shui)، حتى أصبح لها دورات وورش عمل، ووجدنا م
في السنوات الأخيرة، انتشرت في عالمنا العربي مفاهيم جديدة حول "طاقـة المكان" أو ما يُعرف بالفينغ شوي (Feng Shui)، حتى أصبح لها دورات وورش عمل، ووجدنا من يروج لها على أنها علم وفن يحقق السعادة والراحة في المنزل والعمل. فما هي حقيقة الفينغ شوي؟ وما علاقتها بعقيدتنا الإسلامية؟ وهل هي فعلاً علم نافع أم مجرد خرافة وخطر على التوحيد؟
ما هو الفينغ شوي؟
الفينغ شوي فلسفة صينية نشأت منذ حوالي أربعة آلاف سنة، وتعتمد على فكرة تحقيق التناغم بين الإنسان ومحيطه من خلال ترتيب الأثاث واختيار الألوان وتوزيع الأشياء في المكان بطريقة معينة. يعتقد أتباعها أن ذلك يؤثر على الصحة، والعلاقات، والمال، والحظ، وكل جوانب الحياة.
تعني كلمة "فينغ شوي" حرفياً "الريح والماء"، وقد استُمدت التسمية من كتاب صيني قديم يُسمى "كتاب الدفن"، حيث وردت فيه عبارة تقول: "الطاقة الإيجابية تسافر مع الريح وتتجمع عند الماء". بناءً على ذلك، يزعم الفينغ شوي أن الطاقة (تشي) تتدفق في المكان، وأن حسن توزيعها يجلب الخير ويدفع الضرر.
المبادئ الأساسية للفينغ شوي
- خريطة الباجوا (Bagua):
هي خريطة تقسّم المكان إلى تسعة محاور، كل محور يرمز إلى جانب من جوانب الحياة (الصحة، المال، العلاقات، الإبداع، الحظ، إلخ). يُقال إن ترتيب الأثاث وتوزيع الألوان بحسب هذه الخريطة يؤثر على طاقة المكان.
- العناصر الخمسة:
الخشب، النار، الأرض، المعدن، والماء. لكل عنصر اتجاه جغرافي ولون خاص به، ويُنصح بوضع أشياء معينة في أركان محددة من المنزل لتحقيق التوازن.
- الين واليانغ:
فلسفة ثنائية صينية تعتبر أن كل شيء في الكون يتكون من قوتين متضادتين (الين: الأنثوي، المظلم، البارد؛ واليانغ: الذكوري، المضيء، الحار). يُقال إن تحقيق التوازن بينهما ضروري لجلب الطاقة الإيجابية.
- الرموز والتماثيل:
يُنصح أحياناً بوضع تماثيل حيوانات مثل الضفدع الذهبي أو السمكة الذهبية لجلب الحظ والثروة، أو استخدام ألوان معينة لجذب المال أو الحب.
أمثلة من الواقع العربي
انتشرت في الوطن العربي نصائح ودورات حول الفينغ شوي، مثل:
- وضع زوج من الشموع في الركن الشرقي لتحسين العلاقة الزوجية.
- تجنب ارتداء لون معين لأنه يجلب الطاقة السلبية.
- ترتيب المطبخ بطريقة محددة لتفادي الطاقات السلبية.
- التخلص من الكراكيب لجذب الطاقة الإيجابية.
- وضع ملح في أركان البيت أو تغيير مكان الثلاجة لجلب البركة.
كل هذه النصائح تُقدَّم على أنها علمية، بينما هي في الحقيقة معتقدات صينية قديمة لا تستند إلى أي دليل علمي أو شرعي.
الفينغ شوي بين العلم والخرافة
عند التدقيق في الفينغ شوي، نجد أنه ليس علماً قائماً على التجربة أو البحث العلمي، بل هو مزيج من الكهانة والعرافة والفلسفات الوثنية. حتى بعض الممارسين الغربيين يعترفون بأنه ليس أكثر من تقنيات سحرية قديمة مغلفة بثوب عصري.
أما في ديننا الإسلامي، فالإيمان بأن الأشياء أو الألوان أو التماثيل تجلب النفع أو تدفع الضرر هو نوع من الشرك بالله، لأن النفع والضر بيد الله وحده. يقول النبي ﷺ: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له" (رواه أحمد). فكيف بمن يعلق آماله على صندوق أحمر أو تمثال ضفدع أو لون معين؟
خطورة الفينغ شوي على العقيدة
تكمن الخطورة في أن الفينغ شوي ليس مجرد ترتيب للأثاث أو اختيار ألوان جميلة، بل هو منظومة عقدية كاملة تقوم على فلسفات وثنية مثل الين واليانغ، ووحدة الوجود، والاعتقاد بأن الكون هو مصدر النفع والضر، وليس الله عز وجل.
للأسف، نجد من يحاول "أسلمة" الفينغ شوي بربطه بآيات من القرآن أو أسماء الله الحسنى، وهذا تدليس خطير. فالفرق شاسع بين فلسفة وثنية وبين توحيد الله عز وجل الذي هو أساس عقيدتنا.
لماذا ينجذب الناس للفينغ شوي؟
يرجع ذلك غالباً إلى:
- البحث عن حلول سريعة للمشاكل الأسرية أو المالية.
- التقليد الأعمى للغرب أو الشرق.
- الجهل بالعقيدة الصحيحة.
- التأثر بالدعاية والإعلانات التي تروج للفينغ شوي على أنه علم وفن.
ماذا يقول العلم الحديث؟
لم تثبت أي دراسة علمية موثوقة أن ترتيب الأثاث أو اختيار الألوان وفق الفينغ شوي له تأثير حقيقي على الصحة أو السعادة أو الثروة. كل ما يُقال في هذا المجال هو تجارب شخصية أو إيحاء نفسي.
موقف المسلم من الفينغ شوي
على المسلم أن يعلم أن النفع والضر بيد الله وحده، وأن التعلق بالأسباب الخرافية يضعف التوحيد ويجر إلى الشرك. لا مانع من ترتيب البيت بشكل جميل أو الاستفادة من قواعد الديكور الحديثة، لكن دون اعتقاد أن لذلك تأثيراً غيبياً أو طاقة خفية.
الخلاصة
الفينغ شوي فلسفة صينية وثنية لا علاقة لها بالعلم ولا بالدين، بل هي شكل من أشكال الكهانة والعرافة. التعلق بها خطر على العقيدة، وواجب المسلم أن يحذر منها ويحذر غيره، وأن يثق بأن الله وحده هو النافع الضار، وأن يسعى في الأسباب المشروعة ويبتعد عن الخرافات.
احرص على عقيدتك، ولا تجعل من بيتك أو حياتك مسرحاً للأوهام والخرافات.
إذا كان لديك أي سؤال أو إضافة حول هذا الموضوع، أو رغبت في مناقشة أي جانب منه، فلا تتردد بطرح رأيك. نسأل الله أن يحفظنا جميعاً من كل ضلال، وأن يثبتنا على التوحيد.
https://www.youtube.com/watch?v=6GKtc7I-pi0