اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الحذر من علوم الطاقة الزائفة: العودة إلى الجذور الدينية والصحة النفسية السليمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والبرامج التي تدّعي تحقيق السعادة والنجاح والوفرة من خلال ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" أو "قوانين الكون" أو "

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
5 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت العديد من الدورات والبرامج التي تدّعي تحقيق السعادة والنجاح والوفرة من خلال ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" أو "قوانين الكون" أو "الوعي الكوني". هذه المفاهيم، رغم انتشارها الواسع، أثارت الكثير من الجدل بين المختصين في علم النفس والدين، بل وأثرت سلباً على حياة الكثير من الأشخاص والعائلات.

في هذا المقال، سنستعرض أهم النقاط التي ناقشها مجموعة من المتخصصين والمهتمين في أحد اللقاءات الحوارية حول مخاطر هذه العلوم الزائفة، وكيفية العودة إلى الطريق الصحيح في التعامل مع النفس والآخرين.

1. ما هي علوم الطاقة الزائفة؟

علوم الطاقة الزائفة هي مجموعة من الدورات والممارسات التي تدّعي قدرتها على شفاء النفس والجسد وتحقيق الوفرة والسعادة من خلال "تنظيف الطاقة" أو "رفع الوعي" أو "التجلي". غالباً ما تخلط هذه الدورات بين مصطلحات علم النفس، وبعض المفاهيم الدينية، وأفكار مستوردة من ديانات ومعتقدات غير إسلامية مثل البوذية والهندوسية.

من أشهر هذه المصطلحات: الطفل الداخلي، قانون الجذب، قانون الانعكاس، التأملات الطاقية، الريكي، الأكسس بارز، الثيتا هيلينغ وغيرها.

2. خلط المفاهيم بين علم النفس والطاقة

أحد أكبر الإشكالات في هذه الدورات هو خلطها بين مفاهيم علم النفس الحديث، وبين مصطلحات الطاقة. على سبيل المثال، مفهوم "الطفل الداخلي" يُستخدم في بعض مدارس العلاج النفسي للإشارة إلى جراح وصدمات الطفولة، بينما في دورات الطاقة يُعطى بُعداً صوفياً أو غيبياً غير علمي.

كذلك، مصطلحات مثل "سلم هاوكنز" الذي يصنّف المشاعر على درجات رقمية، لا تستند إلى أي أساس علمي نفسي معتمد، بل قد تزرع الوهم أو الإحباط في نفس المتلقي.

3. مخاطر الاعتماد على "المدربين" غير المختصين

الكثير من هذه الدورات تُقدَّم من قِبل أشخاص غير مختصين في علم النفس أو العلاج النفسي، بل يعتمدون على تجارب شخصية أو شهادات غير معترف بها. هذا الأمر قد يؤدي إلى:

  • تضليل الناس: عبر تقديم حلول وهمية لمشاكل حقيقية.
  • استغلال مادي: حيث تُباع الدورات بأسعار مرتفعة دون نتائج حقيقية.
  • إبعاد الناس عن الحلول العلمية والدينية الصحيحة: فيلجأ البعض إلى هذه الدورات بدل اللجوء إلى الطبيب النفسي أو الاستشارة الدينية الصحيحة.

4. الانعكاس بين الدين وهذه العلوم

ناقش المتحاورون فكرة أن بعض المفاهيم المطروحة في علوم الطاقة يُقال إنها مستمدة من أقوال العلماء أو حتى من القرآن الكريم، مثل "قانون الانعكاس" أو "قانون الجذب". لكن الحقيقة أن هذه المفاهيم إما محرّفة أو منسوبة زوراً للعلماء، أو أنها اقتباسات مبتورة من سياقها الديني الصحيح.

مثلاً، يُقال إن ابن القيم تحدث عن قانون الانعكاس، بينما الحقيقة أنه لم يذكر هذا المصطلح أبداً، بل كان يتحدث عن نية الإنسان وإخلاصه لله، وهو مفهوم مختلف تماماً عن الأفكار المطروحة في دورات الطاقة.

5. أثر هذه الدورات على الصحة النفسية والعلاقات الأسرية

تحدثت بعض المشاركات عن تجاربهن الشخصية مع هذه الدورات، وكيف أثرت سلباً على علاقاتهن الأسرية والنفسية. فالبعض أصبح يشعر بالعزلة، أو فقدان الثقة بالنفس، أو حتى أعراض جسدية مثل الثقل والإرهاق، نتيجة ممارسة تقنيات مثل الريكي أو الأكسس بارز.

كما أن بعض المدربين يدعون المتدربين إلى قطع العلاقات مع الأهل أو الأصدقاء بحجة أنهم "سلبيون"، مما يزيد من وحدة الشخص ويعمق مشاكله النفسية.

6. أهمية العودة إلى المصادر الدينية والعلمية الموثوقة

أكد المتحاورون على أهمية العودة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، واللجوء إلى المختصين في علم النفس عند الحاجة، بدلاً من الاعتماد على الدورات غير المعتمدة أو المدربين غير المؤهلين.

  • القرآن فيه شفاء للقلوب: كما قال الله تعالى "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين".
  • العلم النفسي الحديث: يقدم حلولاً واقعية مبنية على أبحاث وتجارب علمية، وليس على أوهام أو تجارب شخصية.
  • استشارة أهل الاختصاص: سواء في الدين أو في الطب النفسي، هي الطريق الصحيح للعلاج والتطوير الذاتي.

7. نصائح عملية للوقاية من علوم الطاقة الزائفة

  • تحرّي المصدر: لا تأخذ أي معلومة دون التأكد من مصدرها العلمي أو الديني.
  • استشارة المختصين: في حال وجود مشكلة نفسية أو اجتماعية، راجع طبيباً نفسياً أو مستشاراً أسرياً معتمداً.
  • عدم قبول إضافات أو دعوات مشبوهة: خاصة في مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج لهذه الدورات.
  • تحصين النفس والأبناء: بالذكر والدعاء والالتزام بالعبادات.
  • الانخراط في منتديات علمية ودينية موثوقة: مثل منتدى "نور الحقيقة" الذي يضم مختصين في الشريعة وعلم النفس.

8. رسالة إلى المدربين والمتابعين

خُتم اللقاء برسالة واضحة للمدربين في هذه الدورات: ما تقومون به ليس علماً معترفاً به، ولا يساهم في وعي الناس، بل هو تجارة واستغلال. كما دُعي المتابعون إلى عدم الانبهار بأي فكرة جديدة دون التحقق من صحتها، وربط كل ما يُقال بالدين والعلم الصحيح.

الخلاصة

إن الانبهار بكل ما هو جديد وغريب قد يدفع البعض إلى الوقوع في فخ الدورات الزائفة والمفاهيم المغلوطة. لكن الحل الحقيقي للسعادة والنجاح يبدأ من الداخل: من تصحيح العلاقة مع الله، والبحث عن العلم الصحيح، وعدم الانسياق وراء كل صيحة أو موضة.

عودوا إلى القرآن والسنة، واطلبوا العلم من أهله، وكونوا حذرين من كل من يدّعي امتلاك الحلول السحرية لمشاكلكم النفسية أو الاجتماعية. فالحياة رحلة تعلم مستمرة، ولا يوجد فيها طرق مختصرة أو حلول سحرية.

حفظ الله دينكم وعقيدتكم، ووفقكم لكل خير.

https://www.youtube.com/watch?v=UAX6MyzhmEU

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك