🔵 الحكم الشرعي : قص الشعر والاظافر كممارسة طاقية مع القمر وحكم التنجيم والتاروت والخرائط الفلكية
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الناس أفكار وممارسات تتعلق بربط قص الشعر والأظافر بمراحل القمر، بالإضافة إلى الاهتمام بالتنجيم والتاروت والخرائط ال
الحكم الشرعي في قص الشعر والأظافر كممارسة طاقية مع القمر وحكم التنجيم والتاروت والخرائط الفلكية
في السنوات الأخيرة، انتشرت بين بعض الناس أفكار وممارسات تتعلق بربط قص الشعر والأظافر بمراحل القمر، بالإضافة إلى الاهتمام بالتنجيم والتاروت والخرائط الفلكية، باعتبارها وسائل لجلب الطاقة الإيجابية أو التأثير في المصير والحياة. في هذا المقال، سنوضح الحكم الشرعي لهذه الممارسات، ونبيّن الفارق بين ما أباحه الإسلام وما نهى عنه، مستندين إلى أقوال العلماء والدلائل الشرعية.
المباحات في الإسلام وحدودها
هناك العديد من الأمور المباحة في الإسلام، مثل التطيب بالبخور في أوقات معينة، خاصة أثناء الصلوات ويوم الجمعة. هذه الأمور مستحسنة شرعًا، بل دعا إليها الإسلام لما فيها من طيب ورائحة حسنة. لكن المشكلة تظهر عندما تتحول هذه المباحات إلى طقوس أو ممارسات مرتبطة بمعتقدات باطلة أو نوايا غير صحيحة، كأن تصبح جزءًا من طقوس الطاقة أو ترتبط بمعتقدات وثنية.
قص الشعر والأظافر مع القمر: أصل الفكرة وحكمها
انتشرت بين بعض النساء فكرة قص أطراف الشعر أو الأظافر في أيام معينة من الشهر القمري، خاصة في الأيام البيض (13، 14، 15 من الشهر)، اعتقادًا بأن القمر في هذه الأيام يؤثر إيجابًا على نمو الشعر أو قوته. أصل هذه الفكرة يعود إلى معتقدات هندوسية وبوذية، خاصة عند أهل التبت وبعض الحضارات القديمة، وليس لها أصل في الشريعة الإسلامية.
هل للقمر تأثير على نمو الشعر والأظافر؟
من الناحية العلمية، لا يوجد أي دليل حسي أو دراسة علمية معتبرة تثبت أن للقمر تأثيرًا على نمو الشعر أو الأظافر. الاعتقاد بذلك يدخل في باب الخرافة، ولا ينبغي نشر مثل هذه الأفكار بين الناس.
الحكم الشرعي في ربط قص الشعر والأظافر بمراحل القمر
الحكم الشرعي يختلف باختلاف النية والاعتقاد:
- الاعتقاد بتأثير حسي معلوم: إذا اعتقد الشخص أن القمر يؤثر بشكل محسوس ومجرب على نمو الشعر أو الأظافر، فهذا من الخرافة التي لا أصل لها.
- الاعتقاد بخصائص خفية أو طاقات غيبية: إذا اعتقد أن للقمر طاقات غيبية أو خصائص خفية تؤثر في نمو الشعر أو الأظافر، فهذا يدخل في باب التنجيم المحرم شرعًا.
التنجيم المحرم: هو الاستدلال بالأحوال الفلكية (كحركة النجوم أو القمر) على الحوادث الأرضية أو التأثير في مصائر الناس بطرق خفية لا يمكن التحقق منها. وهذا النوع من التنجيم شرك بالله تعالى، خاصة إذا اعتقد الشخص أن النجم أو القمر مؤثر بذاته استقلالاً عن الله، أو أنه سبب لم يجعله الله سببًا لا شرعًا ولا عادة.
دفن الشعر والأظافر بعد قصها
سُئل بعض العلماء عن حكم دفن الشعر أو الأظافر بعد قصها، وأفتى الشيخ ابن عثيمين وغيره بأنه لا مانع من ذلك، بل هو أمر مباح، وليس فيه أي مخالفة شرعية، بشرط ألا يُقترن باعتقاد باطل أو ممارسة طقسية مرتبطة بمراحل القمر أو غيرها من المعتقدات الوثنية.
التنجيم والتاروت والخرائط الفلكية: الموقف الشرعي
ينتشر في بعض المجلات والجرائد غير الملتزمة صفحات تتحدث عن الأبراج والحظوظ وقراءة الكف والفنجان والتاروت والخرائط الفلكية. كل هذه الممارسات تدخل في باب التنجيم والشعوذة، وهي محرمة شرعًا، بل وتعتبر من أعمال الشياطين والكفر بالله عز وجل.
أنواع علم النجوم في الإسلام
- علم التأثير (المحرم): وهو الاعتقاد بأن للنجوم أو الأجرام السماوية تأثيرًا في الحوادث الأرضية، أو أنها تخلق الأحداث أو الشرور. وهذا شرك أكبر وكفر بالله.
- علم التسيير (المباح): وهو استخدام النجوم لمعرفة الاتجاهات أو مواقيت الصلاة أو المواسم الزراعية. وهذا جائز شرعًا، لأنه لا يتضمن اعتقادًا باطلًا، بل هو من باب الاستفادة من الظواهر الطبيعية في أمور الحياة.
قال الله تعالى:
"وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ" (النحل: 16)
التحذير من الشعوذة وادعاء معرفة الغيب
كل من يزعم أن النجوم أو القمر أو الخرائط الفلكية أو التاروت يمكن أن تكشف الغيب أو تحدد الحظوظ والمصائر، فهو واقع في الكفر أو الشرك، بحسب درجة اعتقاده. فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، ولا يجوز نسبته إلى أي مخلوق.
قال النبي ﷺ:
"من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد."وقال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ..." (لقمان: 34)
خلاصة وتوصيات
- قص الشعر أو الأظافر في أي وقت جائز شرعًا، ولا علاقة له بمراحل القمر أو الطاقات أو غيرها من المعتقدات الباطلة.
- دفن الشعر أو الأظافر بعد القص مباح، بشرط عدم ربطه بمعتقدات أو طقوس وثنية.
- التنجيم، التاروت، الخرائط الفلكية، وادعاء معرفة الغيب كلها محرمة شرعًا، وتدخل في باب الشرك أو الكفر بحسب الاعتقاد.
- يجب على المسلمين الحذر من هذه الممارسات وعدم نشرها أو تصديقها، والرجوع إلى العلماء الموثوقين في معرفة الأحكام الشرعية.
- علينا أن نميز بين ما هو علمي أو شرعي صحيح، وما هو خرافة أو شعوذة لا أصل لها في ديننا.
نسأل الله أن ينير طريق أبنائنا وبناتنا، وأن يردهم إلى الحق، وأن يحفظهم من البدع والخرافات، وأن يجعل هذا العلم صدقة جارية لنا ولكم جميعًا.