اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الهالة بين الحقيقة والوهم: كشف خرافات مدارس الطاقة الشرقية

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم الهالة والطاقة والشاكرات بين الناس، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودورات التنمية الذاتية. كثيرون أصبحوا يعتقدون ب

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت مفاهيم الهالة والطاقة والشاكرات بين الناس، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودورات التنمية الذاتية. كثيرون أصبحوا يعتقدون بوجود هالة تحيط بالجسم، وأن تفعيل الشاكرات وتنظيف الهالة سيجلب لهم السعادة والصحة والثروة. فما حقيقة هذه المفاهيم؟ وما أصلها؟ وهل لها أي أساس علمي أو ديني؟ في هذا المقال، سنكشف جذور هذه الأفكار، ونوضح حقيقة ما يُسمى بـ"الهالة" من منظور علمي وشرعي، مع الاستفادة من تجارب حقيقية لأشخاص خاضوا هذه التجارب وخرجوا منها بنتائج هامة.

ما هي الهالة؟ وأين ظهرت فكرتها؟

الهالة، حسب مدارس الطاقة الشرقية، هي "مجال طاقي" غير مرئي يحيط بجسم الإنسان، ويُقال إنها تحمل بصمتك الروحية وتكشف عن حالتك النفسية والصحية. يزعمون أن لون الهالة أو قوتها تتغير بحسب المزاج، الصحة، وحتى "الكارما". ويُقال إن الأشخاص "المستنيرين" فقط هم من يستطيعون رؤيتها، وأنها تتأثر بمراكز الطاقة (الشاكرات) في الجسم.

هذه المفاهيم ليست حديثة، بل تعود جذورها إلى الديانات الشرقية القديمة، خاصة الهندوسية والبوذية. في الهندوسية، ظهرت فكرة الهالة والشاكرات ضمن فلسفات روحية معقدة، ونُسبت إلى عائلات ومذاهب معينة مثل عائلة موريا، التي أدخلت رموزاً وأرقاماً مقدسة مثل الرقم 3 و9 وربطتها بسر الكون.

انتقلت هذه الأفكار لاحقاً إلى الغرب عبر حركات مثل "الثيوصوفيا" في أواخر القرن التاسع عشر، والتي أعادت تسويقها بمصطلحات جديدة وجذابة، وخلطتها بمفاهيم العصر الحديث مثل "الطاقة الكونية" و"قانون الجذب".

كيف انتشرت خرافة الهالة والشاكرات؟

مع بداية القرن العشرين، بدأت منظمات سرية وحركات العصر الجديد (New Age) في الغرب بتبني هذه المفاهيم، وخلطها بمصطلحات علمية زائفة مثل "الذبذبات" و"المجال الكهرومغناطيسي" و"الأورا". ظهرت دورات وكتب تدّعي تعليم الناس كيف يكتشفون هالتهم، ويعالجون أنفسهم بالطاقة، ويفتحون الشاكرات، بل ويحققون الثروة والسعادة عبر "تسليك" هذه المراكز الطاقية.

ولم يقتصر الأمر على الغرب، بل تسربت هذه الأفكار للعالم العربي، وأصبحت تُقدّم في دورات تدريبية بأسعار خيالية، وتُسوّق على أنها أسرار علمية وروحية عميقة، رغم أنها في حقيقتها خليط من الأساطير والخرافات الشرقية القديمة.

هل هناك دليل علمي على وجود الهالة؟

حاول بعض أنصار هذه الأفكار إثبات وجود الهالة عبر أجهزة تصوير خاصة أو تجارب معملية، مثل "كاميرا كيرليان" أو أجهزة قياس الذبذبات. لكن جميع هذه المحاولات فشلت فشلاً ذريعاً أمام الاختبارات العلمية الجادة.

  • تجربة معهد شارت في لوس أنجلوس (1998): تم اختبار شخص يدّعي رؤية الهالات، وُضع في غرفة مظلمة مع ستة دمى (مانيكان) وشخص واحد حي. طُلب منه تحديد عدد الأشخاص الأحياء عبر رؤية الهالات، ففشل وأخطأ في التقدير، مما أثبت أن الأمر لا يتعدى الوهم أو الخداع.
  • تجارب الأجهزة: أثبت العلماء أن الألوان التي تظهر حول الأجسام عند استخدام بعض الأجهزة ليست سوى نتيجة تفاعل الرطوبة أو الشحنات الكهربائية وليس لها علاقة بأي هالة طاقية.
  • البحوث العلمية: أجريت دراسات على آلاف الممارسين لم تثبت وجود أي طاقة أو هالة يمكن قياسها أو رصدها علمياً. جميع النتائج كانت صفرية.
  • رأي علماء النفس: من يدّعي رؤية هالات ملونة حول الناس غالباً يعاني من اضطرابات إدراكية أو نفسية مثل الصرع أو الشقيقة أو يتأثر بالمخدرات.

موقف الدين الإسلامي من الهالة والطاقة

الإسلام دين واضح في عقيدته وعبادته. لم يرد في القرآن ولا في السنة النبوية أي إشارة إلى وجود هالة طاقية حول الإنسان أو مراكز طاقة (شاكرات) أو حاجة لتنظيفها أو تفعيلها. كل ما ورد في الشريعة حول الحماية من العين أو السحر أو الحسد يتعلق بالأذكار، وقراءة القرآن، والدعاء، والتوكل على الله، وليس بممارسات أو طقوس مستوردة من ديانات وثنية.

بل إن الخوض في هذه المفاهيم واعتقاد تأثيرها قد يوقع الإنسان في الشرك أو البدعة، خاصة إذا ربط بينها وبين صفات الله أو قدرته، أو اعتقد أن الكون أو الطاقة الكونية هي التي تدبر الأمور بدلاً من الله عز وجل.

لماذا يختلفون في عدد الشاكرات وألوان الهالة؟

من المثير للسخرية أن أتباع هذه المدارس أنفسهم يختلفون في عدد الشاكرات (بعضهم يقول 7، آخرون 13، أو 21)، وألوانها، وصفاتها، وحتى في طرق تفعيلها وتنظيفها! وهذا الاختلاف الجذري دليل على أن الأمر لا يعدو كونه خرافة لا أصل لها، ولو كان حقيقة فطرية أو علمية لما اختلفوا فيه.

خطر هذه الخرافات على المجتمع والأسرة

انتشار هذه الأفكار لم يقتصر على الجانب النظري، بل أصبح له آثار سلبية خطيرة على الأفراد والمجتمع، خاصة النساء والشباب. من هذه الآثار:

  • العزلة الاجتماعية: كثير من الممارسين ينعزلون عن أسرهم وأصدقائهم بحجة "تنظيف الهالة" أو "تغيير الطاقة"، ويخسرون علاقاتهم الاجتماعية.
  • الابتزاز المالي: تُستغل هذه الخرافات لجمع أموال طائلة عبر دورات تنظيف الهالة أو جلسات الطاقة.
  • تفكيك الأسرة: بعض المدربين يروجون أفكاراً خطيرة مثل منع الزوجة من العلاقة الزوجية مع زوجها بسبب "طاقته السلبية" أو "كارمته السيئة"، بل ويدعونها للبحث عن "توأم الشعلة" خارج إطار الزواج!
  • الاضطرابات النفسية: كثير من الممارسين يصابون بالقلق والاكتئاب والأوهام، ويظنون أن مشاكلهم بسبب "الهالة المسروقة" أو "الشاكرات المغلقة"، بينما السبب الحقيقي هو الابتعاد عن الدين والواقع.

تجارب واقعية: شهادات من داخل الدوائر المغلقة

شارك العديد من الأشخاص تجاربهم مع هذه الدورات والممارسات، وأجمعوا على أن النتيجة كانت خسارة العلاقات، العزلة، القلق، تدهور الحالة النفسية، وإهدار الأموال دون أي فائدة حقيقية. بل إن بعضهم قال: "99% من النتائج كانت سلبية، ولم أجد أي إيجابية حقيقية".

موقف العلم والدين: أين اليقين؟

العلم الحديث لا يعترف بأي وجود للهالة أو الشاكرات أو الطاقة الكونية كما تروجها هذه المدارس. كل ما يُقال عن "الطاقة" فيزيائياً يختلف تماماً عن المفهوم الروحي أو الغيبي الذي يروج له هؤلاء. أما الدين الإسلامي، فقد أتم الله لنا الدين، وأغنانا عن هذه الخرافات بعبادة الله وحده، والاعتماد عليه، والتمسك بالقرآن والسنة.

نصيحة عملية: كيف تحمي نفسك وأبناءك؟

  • ابحث عن الدليل: لا تصدق أي فكرة إلا بعد التأكد من مصدرها العلمي أو الشرعي.
  • احذر الدورات المشبوهة: لا تدفع أموالك في دورات أو جلسات لا تستند إلى علم أو دين.
  • حصّن نفسك بالقرآن والأذكار: الحماية الحقيقية من العين والسحر والحسد تكون بالدعاء وذكر الله، وليس بطقوس غريبة.
  • راقب أبناءك: خاصة المراهقين، فهم أكثر عرضة للتأثر بهذه الأفكار عبر الإنترنت.
  • استشر أهل العلم: إذا التبس عليك أمر، فاسأل العلماء المتخصصين في الدين أو الطب أو علم النفس.

الخلاصة

الهالة والشاكرات والطاقة الكونية مجرد خرافات وأساطير قديمة أعيد تسويقها بمصطلحات عصرية لخداع الناس واستنزاف أموالهم وعقولهم. لا يوجد أي دليل علمي أو شرعي على وجودها أو فائدتها. الحماية الحقيقية والسعادة والراحة النفسية في التمسك بدين الله، والاعتماد عليه، والابتعاد عن كل ما يخالف العقيدة الصحيحة.

كن واعياً، ولا تسمح لأحد أن يعبث بعقلك أو دينك أو مالك باسم الطاقة أو الهالة أو غيرها من الشعوذات.

مصادر موثوقة للتوعية

  • ابحث عن قنوات علمية ودينية موثوقة على وسائل التواصل الاجتماعي، وشاركها مع من تحب.
  • تابع العلماء المتخصصين في الرد على الخرافات، ولا تتردد في البحث والسؤال.

ختاماً:

الدين الإسلامي دين واضح وبسيط، لا يحتاج إلى فلسفات معقدة أو طقوس غريبة. كل خير دلك الله عليه في القرآن والسنة، وكل شر حذرك منه. فتمسك بالحبل المتين، وكن من أهل اليقين.

ساهم في نشر الوعي:

شارك هذا المقال مع من تحب، وكن سبباً في حماية نفسك وأهلك ومجتمعك من خرافات العصر الجديد.

بقلم: [كاتب متخصص في التوعية الدينية والعلمية]

https://www.youtube.com/watch?v=PXOMxgseY8g

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك