صون العقول: حماية الفكر من الفتن الحديثة

تُعد العقول من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، فهي مصدر الفهم والتمييز بين الحق والباطل، وهي الأساس الذي تقوم عليه العقيدة الصحيحة، وحماية النفس، وصون المال والأعراض، والحفاظ على الأسرة، وصلاح المجتمع بأكمله. في هذا المقال، نستعرض معًا أهمية مشروع "صون العقول" ودوره في مواجهة الفتن الفكرية المعاصرة.

ما هو مشروع صون العقول؟

مشروع صون العقول هو مبادرة تهدف إلى حماية العقول من الأفكار المنحرفة والتيارات الفكرية المضللة التي انتشرت في مجتمعاتنا، وطرقت كل باب إلا من رحم ربي. هذه الأفكار لا تقتصر على فئة دون أخرى، بل تستهدف الجميع: الصغير والكبير، الجاهل وصاحب العلم، المتدين والبعيد عن الدين. فهي أفكار باطنية تتخفى أحيانًا بلباس الدين وأحيانًا أخرى بلباس العلم التجريبي.

خطورة الفتن الفكرية

لقد أصبحنا اليوم أمام فتن فكرية خطيرة، تسيطر على العقول وتبعدها عن خالق البشر، وتلهيها بصور زائفة وأفكار مضللة. تنتشر هذه الأفكار بين الناس دون أن يشعروا بها، وتبدأ آثارها بالتفاقم تدريجيًا حتى يدرك الإنسان حجم الكارثة التي حلت به وبمجتمعه.

هذه الفتن لا تفرق بين أحد، بل قد تكون أقرب إلى أهل العلم والفكر، لأنهم يبحثون عن الحقيقة ويظنون أنهم محصنون، إلا أن هذه الأفكار تتسلل إليهم بطرق خفية. وقد يجد الإنسان نفسه أسيرًا لفكر خبيث، لا يظهر إلا بعد أن تتفاقم آثاره وتظهر نتائجه المدمرة.

مظاهر الفكر الروحاني الزائف

من أخطر هذه الفتن الفكرية، ما يسمى بالفكر الروحاني الزائف، الذي يدعو إلى التعلق بأشياء لا تضر ولا تنفع، كالحجارة المنصوبة عند بيت الله، والتي لا تملك لنفسها حراكًا ولا سمعًا ولا بصرًا. يتساءل الإنسان حينها: ما الذي أصاب العقول؟ كيف انحرفت عن مسارها الصحيح؟

أهمية الوعي وحماية العقول

إن حماية العقول من هذه الفتن مسؤولية فردية وجماعية، تبدأ بالوعي الحقيقي بخطورة هذه الأفكار، والبحث عن الحقيقة من مصادرها الصحيحة، والتمسك بالعقيدة السليمة المبنية على العلم الصحيح. علينا أن ننتبه لما يُعرض علينا من أفكار، وألا ننجرف وراء كل ما هو جديد أو غريب دون تمحيص أو تدبر.

خلاصة

صون العقول هو صون للدين والنفس والمال والعرض والأسرة والمجتمع. علينا جميعًا أن نكون على وعي تام بما يحيط بنا من أفكار، وأن نحصن أنفسنا وأبناءنا بالعلم الصحيح والفهم السليم. فالعقل أمانة، وصيانته مسؤولية عظيمة.

تابعونا في الحلقات القادمة لنتعرف أكثر على خطورة الفكر الروحاني الزائف، ونتعمق في كشف حقيقته وأصوله الفلسفية، ونجيب عن السؤال الأهم: هل هو علم أم وهم؟