اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الحقيقة وراء القدرات فوق الحسية وعلوم الطاقة: رؤية نقدية من منظور إسلامي

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم مثل "القدرات فوق الحسية"، "الاستبصار"، "التخاطر"، و"استحضار طاقة الملائكة" ضمن ما يُعرف بمدارس الطاقة والت

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم مثل "القدرات فوق الحسية"، "الاستبصار"، "التخاطر"، و"استحضار طاقة الملائكة" ضمن ما يُعرف بمدارس الطاقة والتنمية الذاتية. في هذا المقال، سنعرض هذه الأفكار بشكل موضوعي، ونحلل جذورها ومخاطرها من منظور علمي وديني، مع الاستفادة من تجارب واقعية لأشخاص خاضوا هذه الممارسات.

ما هي القدرات فوق الحسية؟

يُروج في بعض مدارس الطاقة أن الإنسان قادر على تبني مشاعر الآخرين أو حتى الإحساس بآلامهم، بمعنى أنك إذا جلست مع شخص يعاني من ألم في مكان معين، فقد تشعر بهذا الألم في جسدك. كما يقال إن هناك من يمتلكون قدرة على "قراءة الأفكار" أو "رؤية ما في داخل الجسم" وكأن لديهم سونار طبيعي، أو حتى سماع أصوات لا يسمعها الآخرون.

يصف البعض هذه الظواهر بأنها مواهب روحية خارقة، ويُشجعون على تطويرها عبر تدريبات معينة، مثل التأمل أو التحكم في ما يُسمى "الغدة الصنوبرية" لفتح أبواب الإدراك الحسي.

الاستبصار والتخاطر: بين الحقيقة والوهم

تروج بعض الكتب والدورات أن الإنسان يستطيع عبر الاستبصار أو التخاطر معرفة حالات الآخرين أو حتى التنبؤ بالمستقبل. ويُربط ذلك أحياناً بقدرات خارقة مثل الكهانة التي كانت منتشرة في الجاهلية، حيث كان يُعتقد أن الكاهن يعرف مكان الأشياء الضائعة أو الأحداث المستقبلية بمساعدة الجن.

لكن مع بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، انقطعت هذه الأخبار الغيبية عن الكهان، كما ورد في القرآن الكريم:

"وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت".

فلا أحد يعلم الغيب إلا الله، حتى الأنبياء والرسل لا يعلمون متى سيموتون أو ما سيحدث غدًا.

استحضار طاقة الملائكة: خرافة أم حقيقة؟

من المفاهيم الحديثة التي انتشرت في بعض مدارس الطاقة، خاصة في الريكي، فكرة "استحضار طاقة الملائكة". يُروج أن الإنسان يستطيع طلب طاقة الملائكة لتساعده في الشفاء أو تحقيق الأهداف.

لكن في الواقع، حتى مدارس الريكي الغربية الأصلية لا تعترف بهذا المفهوم، وتعتبره تحريفًا للفكرة الأساسية للريكي، التي تقوم على "الطاقة الكونية" وليس على الكائنات الملائكية. كما أن العقيدة الإسلامية واضحة في أن الملائكة مخلوقات من نور، لا يتواصل البشر معهم بشكل مباشر ولا يُطلب منهم المساعدة إلا بأمر الله.

للأسف، تم تحريف بعض الآيات القرآنية المتعلقة بتسخير المخلوقات لخدمة الإنسان لتبرير هذه الممارسات، بينما الحقيقة أن هذه المفاهيم دخيلة على الدين، وغالبًا ما يكون التعامل فيها مع الجن وليس مع الملائكة، لكن يتم تغيير المصطلحات لتجميل الفكرة وإبعادها عن الشبهة.

مخاطر فتح أبواب العالم الغيبي

يحذر المتخصصون وأصحاب التجارب السابقة من خطورة محاولة التواصل مع الكيانات الغيبية، سواء عبر التأمل أو "تفعيل الغدة الصنوبرية" أو غيرها من الممارسات. فتح هذه الأبواب قد يؤدي إلى ظهور أعراض نفسية أو جسدية خطيرة، مثل رؤية كائنات مخيفة، سماع أصوات غريبة، أو حتى التعرض لأذى نفسي وجسدي.

غالبًا ما يتشكل الجن في صور متعددة لخداع الإنسان، فيظهر كمرشد روحي أو روح شخص متوفى أو حتى كائن نوراني. وقد يعتقد البعض أنهم يتواصلون مع ملائكة أو أرواح طيبة، بينما هم في الحقيقة يتعاملون مع الجن.

جذور هذه الممارسات: فلسفات شرقية وعقائد باطنية

تعود أصول علوم الطاقة والروحانيات الحديثة إلى فلسفات هندوسية وبوذية وطاوية قديمة، حيث تقوم على أفكار مثل وحدة الوجود، وحدة الأديان، تأليه الذات، تناسخ الأرواح، ونسبية الحقائق. هذه العقائد تتعارض بشكل صريح مع العقيدة الإسلامية التي تميز بين الخالق والمخلوق، وتؤمن بوحدانية الله وخصوصية الوحي كمصدر للمعرفة الغيبية.

كثير من الرموز الروحانيين الغربيين والعرب يستندون إلى هذه الفلسفات، ويقدمونها في ثوب عصري مغلف بمصطلحات علمية أو دينية، بينما هي في جوهرها امتداد لحركات الغنوص والعرفان الباطني التي حذر منها الإسلام.

لماذا ينجذب الناس لهذه الممارسات؟

غالبًا ما يكون الدافع هو الفضول، الرغبة في التميز، أو البحث عن حلول سريعة للمشكلات النفسية أو الجسدية. لكن التجارب الواقعية تثبت أن الدخول في هذه العوالم يؤدي في كثير من الأحيان إلى أضرار نفسية وجسدية وروحية، وقد يصل الأمر إلى الاكتئاب أو الشعور بالذنب والعزلة.

الرد الشرعي والعلمي

الإسلام يحذر من ادعاء معرفة الغيب أو التعامل مع الجن أو الكهانة، ويؤكد أن الطريق إلى الله واضح عبر القرآن والسنة. كل ما يدعيه أصحاب القدرات فوق الحسية أو الاستبصار أو استحضار الكيانات الغيبية هو إما وهم أو استدراج من الشيطان.

أما من الناحية العلمية، فلا يوجد دليل تجريبي موثوق يثبت وجود هذه القدرات أو فعاليتها، وغالبًا ما تُفسر الظواهر المرتبطة بها على أنها اضطرابات نفسية أو تأثيرات الإيحاء.

نصيحة للباحثين عن الحقيقة

  • لا تنخدعوا بالمصطلحات البراقة: كثير من هذه المفاهيم مجرد إعادة تغليف لعقائد باطنية وفلسفات شرقية لا علاقة لها بالعلم أو بالدين.
  • اقرأوا التاريخ: انظروا إلى مصير الحركات الباطنية وكيف أثرت سلبًا على الأفراد والمجتمعات.
  • حافظوا على عقيدتكم وصحتكم النفسية: لا تفتحوا أبوابًا لا تعلمون عواقبها، فالعالم الغيبي جعله الله محجوبًا عن البشر لحكمة عظيمة.
  • استعينوا بالله والتزموا بالعبادات: التحصين بالذكر والقرآن هو الحماية الحقيقية من الوساوس والأوهام.
  • شاركوا تجاربكم: إذا مررتم بتجارب سابقة في هذا المجال، لا تترددوا في توعية الآخرين بخطورة هذه الممارسات.

خلاصة

علوم الطاقة والقدرات فوق الحسية ليست سوى أوهام أو استدراجات شيطانية، جذورها في عقائد وفلسفات باطنية تتعارض مع الإسلام والعلم. الطريق إلى التميز والسعادة الحقيقية ليس عبر استحضار الكيانات الغيبية أو البحث عن قدرات خارقة، بل عبر العلم النافع، العمل الصالح، والالتزام بتعاليم الدين.

احموا أنفسكم وأبناءكم من هذه الممارسات، وكونوا جنودًا للوعي والخير في مجتمعاتكم.

https://www.youtube.com/watch?v=kTYPjawCQLE

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك