الحقيقة وراء علوم الطاقة وجذب المال: تجارب شخصية ونصائح هامة
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل كبير دورات وورش عمل حول ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" وتقنيات "جذب المال"، مثل الريكي، الإكسس بارز، الثيتا هيلينغ، وغيرها م
في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل كبير دورات وورش عمل حول ما يُسمى بـ"علوم الطاقة" وتقنيات "جذب المال"، مثل الريكي، الإكسس بارز، الثيتا هيلينغ، وغيرها من المسميات. كثير من الناس انجذبوا إلى هذه الدورات، مدفوعين بالأمل في تحسين حياتهم المادية أو النفسية، أو بدافع الفضول والرغبة في تجربة شيء جديد. لكن ما هي حقيقة هذه الممارسات؟ وما هو أثرها الحقيقي على حياة الأفراد، دينياً ونفسياً واجتماعياً؟
في هذا المقال، نستعرض آراء وتجارب شخصية واقعية لأشخاص خاضوا هذه التجربة، وخرجوا منها بنصائح هامة وتحذيرات جديرة بالاهتمام.
تنوع المسميات... وأصل واحد
يلاحظ الكثيرون أن مسميات مدارس الطاقة متعددة ومختلفة، من الريكي إلى البرانا إلى الإكسس بارز وغيرها، لكنها في جوهرها تستند إلى نفس العقيدة والمفاهيم. ويُشير بعض المتابعين إلى أن هذا التنوع في الأسماء والأساليب ليس إلا وسيلة لجذب أكبر عدد ممكن من الناس، كلٌ حسب ميوله واهتماماته.
ومن المثير للدهشة أن كثيراً من هذه الدورات تتطلب دفع مبالغ مالية كبيرة، رغم أن الهدف المعلن هو "مساعدة الناس" أو "تحقيق الوفرة". يتساءل البعض: إذا كان الهدف نبيلاً، فلماذا لا تكون هذه الدورات مجانية؟ الحقيقة أن دفع المال يُعطي للمتدرب شعوراً بأهمية وقُدسية ما يتعلمه، فيقع في فخ خدعة نفسية تسوّق له الوهم على أنه حقيقة.
ضعف العقيدة أساس الانجراف
من أهم أسباب انجراف البعض وراء هذه الممارسات هو ضعف الفهم الديني أو العقائدي. لو كان لدى الشخص الحد الأدنى من المعرفة الدينية، لما اقترب من هذه الأساليب أصلاً، خاصة فيما يتعلق بقضية الرزق. فالإسلام يؤكد أن الرزق بيد الله وحده، وأن التفاوت بين الناس في المال والصحة والجمال هو لحكمة إلهية، وليس ظلماً أو نقصاً.
كثير من الأفكار المنتشرة في الإعلام والأفلام، مثل "كل إنسان له نصيبه الكامل من الرزق (24 قيراط)"، هي مفاهيم مغلوطة لا أصل لها في الشريعة. بل إن القرآن الكريم يوضح أن الله يرفع بعض الناس فوق بعض درجات ليبتليهم في ما أعطاهم.
بين العلم الزائف والخرافة
في البداية، حاولت مدارس الطاقة تسويق نفسها على أنها "علم" له أسس فيزيائية وكيميائية، وتحدثوا عن الشاكرات ومسارات الطاقة وأجهزة القياس. لكن مع الوقت، اتضح للكثيرين أن هذه الادعاءات بلا أساس علمي حقيقي، وأنها مجرد خرافات مغلفة بمصطلحات براقة.
ومن الأمثلة الطريفة والغريبة التي انتشرت: "استخدم محفظة حمراء لجذب المال"، أو "ضع تسع حبات من البامبو في زاوية معينة من المنزل لجلب الرزق"، أو حتى "كرر نية جلب المال أثناء المشي". كل هذه الممارسات لا تستند إلى أي دليل علمي أو منطقي.
تشابه مع الشعوذة والتمائم الجاهلية
عند التأمل، نجد أن كثيراً من تقنيات الطاقة الحديثة لا تختلف عن التمائم والشعوذة التي كانت تُمارس في الجاهلية، مثل تعليق أوراق مكتوب عليها عبارات معينة أو استخدام ألوان وأشياء محددة لجلب الحظ أو دفع الضرر. الإسلام نهى عن هذه الممارسات واعتبرها من الشرك بالله، لأنها تعلّق القلب بغير الله وتفتح باباً للوساوس والخرافات.
تجارب شخصية: من الضياع إلى الهداية
تروي إحدى المشاركات تجربتها مع دورات جذب المال والطاقة، حيث لجأت إليها في فترة ضيق مادي شديد، وطبقت بعض الطقوس مثل تعليق خيط أحمر خلف الباب وطلب المال من "الملائكة"، كما قيل لها في الدورة. لكنها فوجئت بأن حالتها المادية والنفسية ساءت بشكل غير مسبوق، حتى شعرت بضيق شديد في بيتها وكثرة الخلافات والمشاكل.
عندما أدركت خطورة ما فعلت، سارعت إلى التوبة والاستغفار، وقطعت كل ما يتعلق بهذه الطقوس، فعادت البركة تدريجياً إلى بيتها وحياتها. وتؤكد أن العودة إلى قراءة القرآن، خاصة سورة البقرة، والالتزام بالأذكار والصلاة، كان لها الأثر الأكبر في شفائها واستقرارها النفسي والمادي.
خطر المصطلحات الدخيلة
من المهم الانتباه إلى المصطلحات التي أصبحت شائعة بسبب هذه الممارسات، مثل "طاقة إيجابية"، "طاقة سلبية"، "توكيدات"، وغيرها. فهذه الكلمات ليست مجرد ألفاظ، بل تحمل مفاهيم قد تتعارض مع العقيدة الإسلامية. لذلك، يُنصح بالعودة إلى مصطلحات القرآن والسنة، والابتعاد عن كل ما هو دخيل أو مشبوه.
نصائح عملية لمن خرج أو يفكر في الخروج من هذه الدورات
- الابتعاد التام عن مصادر الطاقة الزائفة: لا تعود لمتابعة أي دورات أو مجموعات تروج لهذه الأفكار، حتى لا تتجدد الشبهات أو الذكريات القديمة.
- تنقية القلب والعقل: ابدأ بتعلم العقيدة الصحيحة شيئاً فشيئاً، وركز على تفسير سور القرآن الصغيرة وأذكار النبي صلى الله عليه وسلم.
- الاستمرار في قراءة سورة البقرة: كثير ممن خرجوا من هذه الممارسات يؤكدون على أثرها العظيم في الحماية والشفاء.
- تغيير المصطلحات: استبدل كلمات الطاقة والتوكيدات وغيرها بمصطلحات شرعية واضحة.
- الصبر والثبات: آثار هذه الممارسات قد تبقى لفترة، لكن مع الوقت والدعاء والالتزام، تزول بإذن الله.
- طلب العلم من مصادر موثوقة: تابع دروس العقيدة مع علماء موثوقين، وشارك في منتديات أو مجموعات تهتم بتصحيح المفاهيم الدينية.
- عدم الاستهانة بالدعاء: ادعُ الله دائماً بالثبات والهداية، وكن يقظاً لأي محاولة من الشيطان للعودة بك إلى هذه الطرق.
الخلاصة
علوم الطاقة وجذب المال ليست سوى أوهام وخرافات مغلفة بمصطلحات علمية أو روحية. الانجراف وراءها قد يؤدي إلى مشاكل نفسية ومادية، والأخطر من ذلك، قد يوقع الإنسان في الشرك أو البدع. الحل الحقيقي لكل ضيق أو مشكلة هو العودة إلى الله، والاعتماد على الأسباب المشروعة، والصبر واليقين بأن الرزق بيد الله وحده.
إذا كنت قد جربت هذه الممارسات أو تفكر في تجربتها، تذكر أن السعادة والراحة والرزق لا تأتي من خيوط أو ألوان أو طقوس غامضة، بل من الإيمان والعمل الصالح والاعتماد على الله.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
هل لديك تجربة مشابهة أو سؤال حول هذا الموضوع؟ شاركنا رأيك في التعليقات، أو تواصل مع منتديات متخصصة في تصحيح المفاهيم الدينية لمزيد من الدعم والمشورة.
https://www.youtube.com/watch?v=UmI21a6856w