اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

الخروج من عالم الطاقة والتنمية البشرية: رحلة العودة إلى الذات والإيمان

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم التنمية البشرية وعلوم الطاقة، وأصبح كثير من الناس يبحثون فيها عن حلول لمشاكلهم النفسية، أو عن تحسين الذات

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
6 دقائق

في السنوات الأخيرة، انتشرت بشكل واسع مفاهيم التنمية البشرية وعلوم الطاقة، وأصبح كثير من الناس يبحثون فيها عن حلول لمشاكلهم النفسية، أو عن تحسين الذات وتطوير القدرات. لكن مع مرور الوقت، بدأ البعض يكتشف أن هذا الطريق لم يكن كما تخيلوه، بل ربما قادهم إلى مزيد من الحيرة، أو حتى إلى الابتعاد عن القيم الدينية والروحية الأصيلة. في هذا المقال، نعرض تجربة واقعية لمجموعة من الأشخاص خاضوا هذه الرحلة، وشاركوا تجاربهم ونصائحهم بعد الخروج منها، لنقدم للقارئ رؤية واضحة حول حقيقة هذه المجالات وكيفية التعافي منها.

كيف يبدأ الطريق؟ ولماذا ينجذب الناس إليه؟

غالبًا ما يبدأ الانجذاب لعالم الطاقة والتنمية البشرية في لحظة ضعف أو إحباط، أو عند مواجهة صعوبات في الحياة، أو فقدان الثقة بالنفس. يجد الإنسان نفسه يبحث عن إجابات سريعة وسهلة، ويظن أن الحل يكمن في تغيير الأفكار أو "تنظيف الشاكرات" أو ممارسة التأملات. تقدم هذه المجالات وعودًا براقة بالراحة النفسية، النجاح، تحقيق الأحلام، وجذب الرزق، وتوهم الإنسان أن كل شيء ممكن بمجرد تغيير طريقة التفكير.

ومع الوقت، يتحول هذا البحث إلى إدمان للدورات والجلسات، ويصبح الشخص متعلقًا بأوهام الإنجاز السريع، وينسى أن التغيير الحقيقي يتطلب الصبر والعمل الجاد، وأن هناك سننًا كونية وقوانين ربانية لا يمكن تجاوزها.

الصدمة: هل كل هذا كان وهمًا؟

عندما يبدأ الإنسان في التشكيك في جدوى هذه الممارسات، أو يلاحظ أن حياته لم تتغير فعليًا، أو ربما ساءت أموره أكثر، تبدأ الصدمة. يتساءل: هل كل ما فعلته كان خطأ؟ هل ضيعت وقتي ومالي وجهدي في شيء لا فائدة منه؟ هل فعلاً هذه الممارسات تتعارض مع ديني وعقيدتي؟

الكثير من المشاركين في هذه التجربة أكدوا أن لحظة المواجهة مع الحقيقة كانت صعبة، خاصة عندما يدرك الإنسان أن ما كان يظنه علمًا أو طاقة إيجابية، هو في الحقيقة خليط من الخرافات، أو حتى قد يقوده إلى الشرك بالله والاعتماد على غيره في قضاء الحاجات.

لماذا يصعب الخروج من هذا العالم؟

الانسحاب من عالم الطاقة والتنمية البشرية ليس سهلاً دائمًا. فهناك عوامل نفسية واجتماعية تعيق ذلك، منها:

  • الخوف من خسارة "الإنجازات الوهمية": كثيرون يظنون أن ما حصلوا عليه من راحة أو نجاح كان بفضل هذه الممارسات، فيخافون أن يفقدوا كل شيء إذا توقفوا.
  • الارتباط بالمجتمع أو "الكوميونيتي": يصبح للإنسان دائرة من الأصدقاء أو الزملاء الذين يشجعونه على الاستمرار، ويشعر بالغربة أو الوحدة إذا ابتعد عنهم.
  • الفراغ الروحي: بعد ترك هذه الممارسات، يشعر البعض بفراغ كبير، خاصة إذا لم يكن لديهم بديل روحي أو اجتماعي يملأ هذا الفراغ.
  • التعلق بالأوهام: أحيانًا يرفض العقل الاعتراف بأنه كان مخدوعًا، فيحاول التمسك بأي دليل على صحة هذه الممارسات.

العودة إلى الذات والدين: خطوات عملية للتعافي

من خلال تجارب المشاركين، ظهرت عدة خطوات ساعدتهم على التعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية:

  • الاعتراف بالحقيقة وعدم الإنكار: الاعتراف بأن ما مر به الإنسان كان تجربة خاطئة، وأنه لا عيب في الرجوع عنها، بل العيب في الإصرار على الخطأ.
  • العودة إلى العبادات الأساسية: المحافظة على الصلاة في وقتها، وقراءة القرآن، والالتزام بالأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، التي لها أثر كبير في الحماية النفسية والروحية.
  • الدعاء والاستعانة بالله: الدعاء هو مخ العبادة، وهو الوسيلة الأقوى للتقرب إلى الله وطلب العون والثبات.
  • الابتعاد عن البيئة القديمة: مثلما نصح النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قتل مائة نفس أن يهاجر من قريته، يجب على من يريد التوبة أن يبتعد عن أصدقاء السوء أو مجموعات الطاقة والتنمية التي قد تعيده إلى الوراء.
  • الانشغال بالحياة الواقعية: ممارسة الهوايات، الرياضة، التواصل مع الأهل والأصدقاء الحقيقيين، والانخراط في المجتمع الطبيعي.
  • طلب الدعم النفسي عند الحاجة: إذا كان هناك آثار نفسية قوية أو صراعات داخلية، من المفيد مراجعة مختص نفسي موثوق لمساعدة الشخص على تجاوز المرحلة الانتقالية.
  • الصبر وعدم استعجال النتائج: العودة للحياة الطبيعية والإيمان الصافي تحتاج لوقت وصبر، فلا يجب الاستسلام للإحباط إذا لم تتحسن الأمور بسرعة.

لماذا لا نحتاج إلى "منهج حياة" آخر؟

أحد الأسئلة الجوهرية التي طرحها المشاركون: لماذا نبحث عن منهج حياة آخر غير الإسلام؟ هل ديننا ناقص حتى نبحث عن التنوير أو الطاقة أو التنمية البشرية؟ الحقيقة أن كل ما يحتاجه الإنسان من قيم ومبادئ وسلوكيات إيجابية موجود في الإسلام، لكن المشكلة أحيانًا في فهمنا أو تطبيقنا، وليس في الدين نفسه.

أما ما يدعيه بعض مدربي التنمية والطاقة من وجود "حقائق كونية" أو "أسرار كبرى" لا توجد في الإسلام، فهو في الغالب إما خرافة أو فلسفات مستوردة من عقائد غريبة عن ديننا.

التجربة الشخصية: من الظلام إلى النور

شارك العديد من الأشخاص قصصهم حول كيف خرجوا من هذا العالم، وكيف لاحظوا تحسنًا في حياتهم بعد العودة إلى الله. إحدى المشاركات قالت إنها بعد سنوات من ممارسة التأملات والطاقة، شعرت بفراغ روحي كبير، وبدأت ترى رموزًا وأضواء غريبة أثناء الجلسات، حتى أدركت أن هذا كله من عمل الشياطين وليس من "النور الإلهي" كما كانوا يقولون.

أخرى ذكرت أنها بعد التوبة، واجهت صعوبة في أداء العبادات، وشعرت بالخمول والكسل، لكنها صبرت وجاهدت نفسها، ومع الوقت بدأت تشعر بالراحة والخفة، وتحسنت علاقاتها مع أهلها وأصدقائها.

نصائح عملية للمتعافين من عالم الطاقة والتنمية البشرية

  • لا تعود للماضي ولا تندم: كل تجربة فيها درس، والمهم أن تستفيد منها للمستقبل.
  • لا تحاول نصح الآخرين قبل أن تتعافى تمامًا: قد تتعرض لهجوم أو تشكيك يضعفك، فانتظر حتى تثبت وتستقر.
  • ابحث عن الصحبة الصالحة: وجود أصدقاء أو مجموعات دعم إيجابية يساعدك على الثبات.
  • تعلم من مصادر موثوقة: إذا أردت تطوير نفسك، فهناك علوم نفسية واجتماعية حقيقية، ودورات شرعية ودينية موثوقة.
  • راقب بركة حياتك: لاحظ كيف تتغير أمورك للأفضل عندما تلتزم بالطريق الصحيح، وستجد أن البركة تعود تدريجيًا إلى حياتك.

الخلاصة:

الطريق إلى التعافي من أوهام الطاقة والتنمية البشرية ليس سهلاً، لكنه ممكن بإذن الله. يكفي أن تصدق مع نفسك، وتعود إلى الله بقلب صادق، وتستعين به على الثبات، وتبتعد عن كل ما يذكرك بالماضي. تذكر دائمًا أن ديننا كامل، وأن السعادة والراحة والنجاح الحقيقي كلها بيد الله وحده، وليست في دورات أو جلسات أو تمارين غريبة.

إذا كنت في منتصف الطريق، أو ما زلت مترددًا، فابدأ اليوم بخطوة العودة، وستجد أن الله يفتح لك أبوابًا من النور والسكينة لم تكن تتخيلها.

وأخيرًا:

لا تتردد في طلب الدعم، ولا تخجل من العودة، فكلنا نخطئ ونتعلم. المهم أن نعود إلى الطريق الصحيح، ونعيش حياة متوازنة بين الروح والجسد، بين العمل والعبادة، وبين الطموح والرضا بقضاء الله وقدره.

نسأل الله لنا ولكم الثبات والهداية، وأن يردنا إليه ردًا جميلاً، ويجعلنا من عباده الصالحين.

https://www.youtube.com/watch?v=Al_Gq7_qcqc

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك