🔵 اللقاء كاملا مع الدكتور / أيمن العنقري ( الأستاذ المشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة )

بقلم: د. أيمن العنقري - أستاذ مشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية **بتقديم قناة سحر اليوغا والطاقة* في السنوات

س
سحر اليوقا و الطاقة
يونيو 11,2025
9 دقائق

منهج العصر الجديد وفلسفات الطاقة: رؤية نقدية شرعية

بقلم: د. أيمن العنقري - أستاذ مشارك بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية**بتقديم قناة سحر اليوغا والطاقة*

مقدمة

في السنوات الأخيرة، انتشرت في العالم العربي والإسلامي موجة من الأفكار والممارسات المستوردة من الشرق والغرب، تحت عناوين مثل "الطاقة الكونية"، "الوعي الطاقي"، "اليوغا"، "قانون الجذب"، وغيرها من مدارس العصر الجديد (New Age). يروج لهذه الفلسفات مدربون وكتّاب ومؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي، ويزعمون أنها علوم حديثة أو طرق للعلاج أو تطوير الذات، بينما هي في حقيقتها امتداد لفلسفات وثنية وإلحادية قديمة، تتعارض مع العقيدة الإسلامية الصحيحة.

في هذا المقال، سنعرض أبرز محاور لقاء علمي مع الدكتور أيمن العنقري، المتخصص في نقد هذه الفلسفات، لنكشف جذورها الفكرية، ومخاطرها العقدية، وسبل الوقاية منها، مع نماذج من الكتب المنتشرة في هذا المجال.

تجارب واقعية: من ظلمات "الطاقة" إلى نور الهداية

استهل اللقاء بعرض شهادات مؤثرة لأخوات خضن تجارب مؤلمة مع مدارس الطاقة، مثل "الشاكرات" و"المانترا" و"اليوغا"، حيث تعرضن لأوهام الشفاء، واستدعاء الأرواح، والاعتماد على قوى خفية، حتى وصل الأمر ببعضهن إلى الشرك والسحر والشعوذة، والانزلاق نحو الإلحاد أو عبادة الشياطين. لكن بفضل الله ثم العودة للقرآن والأذكار والتوبة، وجدن السكينة والشفاء الحقيقي. هذه القصص تبرز خطورة الانخداع بهذه الممارسات، خاصة على الشباب والفتيات الباحثين عن حلول لمشاكلهم النفسية أو الصحية.

ما هي الطاقة الكونية؟ تعريفها وخصائصها

تعريف الطاقة الكونية في فلسفات العصر الجديد

يعرف دعاة الطاقة الكونية هذه القوة بأنها "طاقة الحياة التي تجري في الطبيعة والكون"، أو "القوة الكامنة المحركة للطبيعة والمؤثرة في المادة"، ويزعمون أنها تسري في كل ذرة من ذرات الكون، وأن الإنسان إذا اتحد معها عبر التأمل أو اليوغا أو فتح الشاكرات، يكتسب قدرات خارقة كالشفاء والتأثير في الواقع وصنع القدر.

هذه المفاهيم مأخوذة من كتب رموز حركة العصر الجديد، مثل ديباك شوبرا، واين داير، وأوشو، وغيرهم، ويصفون الطاقة الكونية بصفات الخالق عز وجل: الخلق، والإحياء، والشفاء، والقدرة المطلقة، والأزلية، مما يجعلها "إلهاً" في نظرهم.

خصائص الطاقة الكونية عند أصحابها

  • صفات الخالق: يصفون الطاقة الكونية بأنها تخلق وتدبر الكون وتعلم كل شيء، تعالى الله عما يقولون.
  • قوة الحياة: يزعمون أن البرانا (عند الهندوس) أو "تشاكرات" هي مصدر الحياة في كل الكائنات.
  • الخلق والإيجاد من العدم: يدعون أن الطاقة تحوّل الجماد إلى كائنات حية.
  • الشفاء الذاتي: ينسبون لها القدرة على شفاء الأمراض وتطوير الكائنات.
  • الأزلية والخلود: يرون أن الطاقة لا تفنى ولا تزول، وهي باقية أبدية.

هذه الصفات كلها من خصائص الربوبية التي اختص الله بها نفسه.

الجذور الفكرية لفلسفة الطاقة الكونية

فلسفة الطاقة ليست علماً حديثاً، بل لها جذور عميقة في الفلسفات الشرقية والباطنية، وأهمها:

1. الفلسفة الطاوية (التاو)

تقوم على فكرة "التاو" أو الجوهر الكلي، الذي لا يُعرّف ولا يُدرك، وهو أصل كل الموجودات، وتنبثق منه ثنائية "الين واليانغ". تعتقد الطاوية بوحدة الوجود، أي أن الله والعالم شيء واحد، ولا يوجد خالق ومخلوق منفصلان.

2. الفلسفة الهندوسية (الأوبنشاد والفيدا)

تؤمن بوحدة الوجود أيضاً، حيث "براهمان" (الإله المطلق) هو كل شيء، والنفس البشرية (أتمن) جزء من هذا المطلق. ظهرت من هذه الفلسفة فكرة "البرانا" أو طاقة الحياة، وممارسات التأمل واليوغا.

3. الفلسفة الهرمسية

تتحدث عن "العقل الكلي" و"الثنائيات الكونية" و"الفيض"، وتربط بين التأمل واكتساب المعرفة الإلهية، وتؤمن بإمكانية الاتحاد مع الإله عبر المرور بمراحل روحية.

4. البوذية (النرفانا)

تسعى للوصول إلى "النرفانا"، أي الانطفاء التام والتحرر من الرغبات، عبر التأمل العميق والذوبان في المطلق، وتؤمن بقوى السحر والطاقات الخفية.

5. الثيوصوفيا وحركة العصر الجديد

نشأت في القرن التاسع عشر، على يد هيلينا بلافاتسكي، ودمجت بين الفلسفات الشرقية والروحانية الغربية، وروّجت لفكرة المعلمين الروحانيين، واستدعاء الأرواح، واستخدام الشاكرات والمانترا في السحر والشعوذة.

الشاكرات والمانترا: حقيقة أم خرافة؟

يعتقد دعاة الطاقة أن في الإنسان "جسماً أثيرياً" غير مرئي، يتحكم في صحته وحياته عبر سبع مراكز طاقة (الشاكرات)، وأن تفعيلها يتم عبر التأمل وترديد المانترا (تعويذات هندوسية). يزعمون أن لكل شاكرة "إلهاً" خاصاً، وأن الأصوات تساعد في الاتحاد بالمطلق.

في الحقيقة، هذه التعويذات ليست إلا استدعاءً للشياطين، وقد أقر بذلك بعض كهنة الهندوس القدماء، بل وادعوا أنها "ترانيم الملائكة"! بينما هي في حقيقتها وسيلة لتسلط الشياطين على الإنسان، كما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه عن الأحوال الشيطانية.

الوعي الكوني: المفهوم الباطني للوعي

يروج دعاة الطاقة لفكرة "الوعي الكوني" أو "الوعي الطاقي"، ويعنون به الحقيقة الوجودية المطلقة، التي منها انبثقت الأكوان، وهو بمثابة "الإله" عندهم. يزعمون أن الإنسان إذا مارس التأمل واليوغا انفصل عن جسده المادي واتحد بهذا الوعي، فصار قادراً على خلق واقعه، وتغيير قدره، والسفر عبر الزمن!

هذه الأفكار تتكرر في كتبهم، مثل "الأرض الجديدة" لإيكارت تول، و"القوانين الروحية السبعة" لديباك شوبرا، وغيرها، وكلها تقوم على وحدة الوجود وإنكار الخالق.

من هو الكون في فلسفة الطاقة والوعي؟

في العقيدة الإسلامية، الله سبحانه وتعالى هو خالق الكون، بائن من خلقه، لا يشبهه شيء، ولا يحل في مخلوقاته. أما في فلسفات الطاقة، فالكون هو "الوعي" أو "العقل الكلي" أو "الفراغ"، الذي فاضت عنه الموجودات، ولا وجود لخالق خارج الكون! بل الإنسان جزء من الإله، وهو الذي يصنع واقعه بوعيه وأفكاره، كما يزعم ديباك شوبرا في كتابه "أنت الكون".

الرد على شبهات دعاة الطاقة

1. "نحن خُلقنا من روح الله"

يستدلون بقوله تعالى عن آدم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي}، وقوله عن عيسى: {وَرُوحٌ مِّنْهُ}. والجواب أن إضافة الروح إلى الله إضافة تشريف، كقوله "ناقة الله"، وليست إضافة جزء أو صفة لله، فالله منزه عن الحلول في مخلوقاته.

2. "الله نور السماوات والأرض"

يفسرون "النور" بأنه "طاقة"، ويقصدون حلول ذات الله في المخلوقات، وهذا باطل. المقصود بنور الله هدايته، مع إثبات صفة النور لله كما يليق بجلاله، دون تشبيه أو تعطيل.

سبل الحماية من شبهات الطاقة والتأمل

  • الدعاء بالثبات على الدين: كما كان أكثر دعاء النبي ﷺ "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
  • دراسة العقيدة الإسلامية دراسة متعمقة: بفهم التوحيد، وأسماء الله وصفاته، والإيمان بالملائكة والرسل واليوم الآخر والقدر.
  • الابتعاد عن سماع الشبهات ودورات الطاقة: وعدم حضورها أو متابعتها، خاصة لمن ليس لديه تحصين عقدي.
  • الحوار مع الأبناء بالرفق والحكمة: وتوضيح جذور هذه الممارسات، وأنها أديان وثنية لا علاقة لها بالإسلام، مع ضرب الأمثلة وشرح المفاهيم بلغة بسيطة.
  • كشف حقيقة الممارسات مثل اليوغا: ليست مجرد رياضة بدنية، بل هي طقوس دينية تهدف للاتحاد بالروح الكونية، كما يصرح أصحابها.

نماذج من كتب "تطوير الذات" المروجة للإلحاد الروحاني

انتشرت في المكتبات العربية عشرات الكتب المترجمة التي تروج لفلسفات الطاقة ووحدة الوجود، منها:

  • "السماح بالرحيل" لديفيد هاوكنزيقرر وحدة الوجود، وأن الخالق والخلق شيء واحد، وأن النبوة مكتسبة، ويدعو لانسلاخ الإنسان من كل دين أو عقيدة ثابتة.
  • "قوة النية" و"قوة الثمانية" للين ماكتاجريتتزعم أن الأفكار والنية الجماعية تخلق الواقع وتشفي الأمراض، وأن الرب حال في جميع البشر، وأن الذهن البشري يغير المادة.
  • "اسأل تعطى" لاستير وجيري هيكسيروج لفكرة أن الإنسان امتداد للمطلق، وأنه يتواصل مع الأرواح (الشياطين) لتحقيق الرغبات، ويؤمن بقانون الجذب.
  • "قوة عقلك الباطن" لجوزيف ميرفييجعل من العقل الباطن إلهاً قادراً على الشفاء وخلق المعجزات، ويقع المترجمون في تحريفات بإضافة اسم الله للنصوص الأصلية التي تتحدث عن "المطلق" أو "الوعي".
  • "تأملات قبل النوم" لأوشويدعو لوحدة الوجود، وأن الإنسان إله خالد، وأن الوعي هو الحقيقة المطلقة، ويربط ذلك بالتأمل والاستنارة.

هذه الكتب وغيرها ليست تطويراً للذات، بل هدم للتوحيد، وترويج للشركيات والوثنيات المعاصرة.

الرد على بعض الشبهات العملية

1. التواصل مع الملائكة أو "المرشدين الروحانيين"

يزعم بعض مدربي الطاقة إمكانية التواصل مع الملائكة أو الكائنات النورانية لتحقيق الحاجات. والجواب أن هذا لا دليل عليه من الشرع، وأن الغيب لا يُعرف إلا بالوحي. التواصل مع الملائكة خاص بالأنبياء عبر الوحي، وما عدا ذلك فهو تواصل مع الشياطين، كما هو معروف في مدارس الطاقة.

2. اختبار الربوبية وتجسد أسماء الله في الإنسان

يقول بعضهم: "نحن في اختبار للربوبية، وأكبر قدر من أسماء الله متجسدة فينا". هذا قول باطل، وفرع عن عقيدة الحلول، فالله بائن من خلقه، وأسماؤه وصفاته لا تتجسد في البشر.

3. كرامات الأولياء وخوارق المتصوفة

تنتشر قصص خرافية عن كرامات أولياء مثل خروج يد النبي ﷺ من القبر، أو تفسير الأمي للقرآن. هذه خرافات لا أصل لها في كتب السير، وكرامات الأولياء عند أهل السنة محدودة، ولا تصل لمقام معجزات الأنبياء.

نصيحة أخيرة للمسلمين

أعظم ما يملكه الإنسان هو توحيده وعقيدته، فاحرص على صيانتها من كل ما يخدشها. اتق الله، وابتعد عن هذه الوثنيات الجديدة، وارجع إلى ربك، وأكثر من الدعاء بالهداية والثبات. واعلم أن هذه المسألة فيها جنة أو نار، فاختر لنفسك طريق الحق، ولا تغتر بزخارف العصر الجديد.

مصادر إضافية

  • قناة الدكتور أيمن العنقري على التليجرام: [ابحث باسم القناة للانضمام]
  • قناة سحر اليوغا والطاقة على يوتيوب

نسأل الله أن يثبتنا على التوحيد، وأن يجنب أبناء وبنات المسلمين شر هذه الوثنيات والشركيات المعاصرة. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اسأل سحر الطاقة

تحدث مع سحر الطاقة واحصل على إجابات لأسئلتك