اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك

علم الأرقام: الجذور، المخاطر، والتحصين من الشبهات

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نرحب بكم في هذا المقال الذي يهدف إلى توعية القراء حول موضوع بالغ الأهمية

س
سحر اليوقا و الطاقة
مايو 12, 2025
4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. نرحب بكم في هذا المقال الذي يهدف إلى توعية القراء حول موضوع بالغ الأهمية، وهو "علم الأرقام" أو ما يُعرف أحيانًا بعلم الأعداد، وما يرتبط به من شبهات وممارسات باطنية انتشرت في الآونة الأخيرة بين بعض الفئات، خاصة في مجالات الطاقة والروحانيات والتنجيم.

مقدمة: لماذا نتحدث عن علم الأرقام؟

في عصرنا الحالي، انتشرت مفاهيم وممارسات ترتبط بالأرقام والحروف، وتُقدَّم أحيانًا على أنها علوم روحية أو أدوات للتشافي أو حتى وسائل لتحقيق الأهداف وجلب الحظ والثراء. للأسف، يجهل كثير من الناس الجذور الحقيقية لهذه الأفكار، ويقعون ضحية التضليل، معتقدين أن في تكرار أرقام معينة أو ترديد حروف محددة بركة أو سرًا كونيًا.

هدفنا في هذا المقال هو كشف حقيقة علم الأرقام، وبيان أصوله، وتحذير القراء من مخاطره، مع تقديم نصائح عملية للتحصين الفكري والعقدي.

أولًا: ما هو علم الأرقام؟ وكيف نشأ؟

علم الأرقام ليس علمًا رياضيًا أو تجريبيًا كما يظن البعض، بل هو منظومة باطنية قديمة نشأت في حضارات متعددة، مثل البابليين، القبالة اليهودية، الهندوسية، الفلسفة الهرمسية، وغيرها. استخدمت هذه المدارس الأرقام والحروف كوسائل للتواصل مع العوالم الخفية، والسحر، والتنجيم، وادعت أن لكل رقم طاقة أو سر أو حتى "روحانية" خاصة.

مدارس علم الأرقام عبر التاريخ

  • المدرسة البابلية والقبالة اليهودية: أسست لنظام ترميز وتشفير الحروف والأرقام، وادعت أن للأرقام أسرارًا روحية.
  • المدرسة الهرمسية والغنوصية: ربطت الأرقام بالروح، والحروف بالجسد، واعتبرت أن تكرار أرقام معينة أو رسم أشكال هندسية (الهندسة المقدسة) يفتح بوابات للطاقة أو للتواصل مع "العالم الروحي".
  • الهندوسية القديمة: استخدمت أنظمة معقدة مثل "الكاتا بيادي" و"الديفان جاري" لتشفير النصوص المقدسة وربط الأرقام بالكواكب والطقوس.
  • مدارس العصر الحديث: انتشرت المفاهيم الباطنية للأرقام في مدارس الطاقة والوعي والتنمية الذاتية، وغُلِّفت بمصطلحات علمية زائفة.

ثانيًا: كيف تحولت الأرقام من أداة حسابية إلى وسيلة شعوذة؟

في الأصل، الأرقام وُجدت لخدمة الإنسان في الحساب، قياس الزمن، العلوم التجريبية، والهندسة. لكن مع مرور الزمن، بدأ بعض الكهنة والسحرة والروحانيين في تحويل الأرقام إلى رموز سرية، وادعوا أن لها معاني خفية وقوى روحية.

أمثلة على الاستخدامات الباطنية للأرقام

  • تشفير الرسائل والتعويذات: استخدمت الأرقام والحروف لتشفير نصوص سحرية أو دينية باطنية.
  • ربط الأرقام بالكواكب والأرواح: زُعم أن لكل رقم كوكب أو روح أو حتى "خادم" من الجن أو الشياطين.
  • الهندسة المقدسة: رسم أشكال هندسية معقدة (مثل المندالا أو نجمة داوود) بناءً على ترددات الأرقام، وادعاء أنها تفتح بوابات للطاقة أو تحقق الأمنيات.
  • الأكواد الكونية: تكرار أرقام معينة أو ترديد أسماء أو آيات بعدد محدد بزعم جلب الحظ أو الشفاء أو التواصل مع الملائكة أو "المرشد الروحي".

ثالثًا: كيف يُضلل الناس بعلم الأرقام اليوم؟

في عصرنا الرقمي، انتشرت هذه المفاهيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وظهر من يروج لها تحت مسميات "علم الطاقة"، "الوعي الكوني"، "الأرقام الملائكية"، وغيرها. يُطلب من الناس تكرار أرقام معينة، أو إعطاء تواريخ ميلادهم وأسماء أمهاتهم ليتم تحويلها إلى أكواد يُزعم أنها تكشف عن مصيرهم أو تشفي أمراضهم أو تحقق رغباتهم.

أمثلة على الخداع:

  • الزعم بأن الرقم 8 يجلب الثراء، أو أن الرقم 33 يحقق التنوير الروحي.
  • ترديد أرقام أو حروف معينة بزعم جلب الحبيب أو حل المشكلات.
  • رسم أو تلوين أشكال هندسية (مثل المندالا) للأطفال أو الكبار بزعم أنها تريح النفس، بينما هي في أصلها رموز باطنية خطيرة.

رابعًا: المخاطر العقدية والنفسية لعلم الأرقام

  • الشرك بالله: ادعاء أن للأرقام قوة في تغيير القدر أو الشفاء أو جلب الحظ هو شرك بالله، لأن الله وحده هو المتصرف في الكون.
  • فتح أبواب السحر والشعوذة: كثير من هذه الممارسات هي طقوس سحرية أو استدعاء للشياطين تحت مسميات براقة.
  • الابتزاز المالي والنفسي: يقع الضحايا في فخ الاستنزاف المالي من قبل مدربين أو معالجين مزيفين، وقد يتعرضون للابتزاز أو التهديد.
  • الانعزال والاضطراب النفسي: ينعزل الممارس عن أسرته ومجتمعه، ويقع في اضطرابات نفسية خطيرة نتيجة الانخداع بهذه الأفكار.

خامسًا: كيف نحمي أنفسنا وأبناءنا من هذه الشبهات؟

  • الوعي والمعرفة: فهم جذور علم الأرقام وتاريخه الباطني يحصن العقل من الوقوع في فخه.
  • الرجوع للعلماء والأطباء: في حال وجود مشكلات صحية أو نفسية، يجب اللجوء لأهل الاختصاص، لا للسحرة أو مدربي الطاقة.
  • مراقبة ما يتعلمه الأطفال: الانتباه للرموز والأشكال التي يلونها الأطفال أو يعلقونها في غرفهم، مثل المندالا أو أشكال "الهندسة المقدسة".
  • التحذير من مشاركة المعلومات الشخصية: عدم إعطاء تواريخ الميلاد أو أسماء الأمهات أو أي معلومات شخصية لأي شخص يدعي القدرة على الكشف أو التشافي بالأرقام.
  • التذكير بأن الشفاء والرزق بيد الله وحده: لا توجد قوة في رقم أو حرف أو شكل، بل كل شيء بقدر الله ومشيئته.

سادسًا: الرد الشرعي والعلمي

  • القرآن والسنة: نهى الإسلام عن السحر والكهانة والتنجيم، واعتبرها من الكبائر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".
  • العلم الحديث: لا يوجد أي دليل علمي على أن للأرقام أو الحروف طاقة أو ذبذبة تؤثر على النفس أو الجسد خارج إطار استخدامها في الرياضيات والعلوم الطبيعية.

خلاصة ونصيحة أخيرة

علم الأرقام كما يُروج له اليوم ليس علمًا حقيقيًا، بل هو خليط من الشعوذة والسحر والفلسفات الوثنية القديمة. كل رقم أو حرف أو شكل يُروج له على أنه يحمل سرًا كونيًا أو طاقة روحية هو في الحقيقة وسيلة لاستدراج الناس إلى الشرك والضلال.

احرص على تحصين نفسك وأهلك بالعلم الشرعي الصحيح، ولا تنخدع بالمظاهر البراقة أو المصطلحات العلمية الزائفة. تذكر أن الشفاء، والرزق، والتوفيق، كلها بيد الله وحده، وأن العلم النافع هو ما وافق الشرع والعقل.

نسأل الله لنا ولكم الثبات والهداية، وأن يحفظ أبناءنا وبناتنا من كل شر وفتنة.

شارك هذا المقال مع من تحب، وكن سببًا في نشر الوعي والتحصين من الشبهات.

للمزيد من المقالات التوعوية، تابعونا على قنواتنا الرسمية.

https://www.youtube.com/watch?v=-rVz4GuVHow

اسأل أبو فيصل

تحدث مع أبو فيصل واحصل على إجابات لأسئلتك